اختتمت فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي الـ 21، في مركز إكسبو الشارقة، في حين تتواصل الفعاليات في مقر معهد الشارقة للتراث، حيث انطلقت أمس فعاليات المنطقة الشرقية، على مدار يومي 25 و26 سبتمبر الجاري في كل من مدينة خورفكان في مجلس خورفكان الأدبي، ومدينة الذيد في جامعة الشارقة فرع الذيد، وكلباء في جامعة الشارقة - فرع كلباء، ودبا الحصن في نادي دبا الحصن الثقافي الرياضي، وتتنوع بين جلسات وأنشطة وورش وبرامج عديدة، حيث تكتمل افتراضياً حتى الـ30 من سبتمبر الجاري على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بمعهد الشارقة للتراث. المخيلة الشعبيّة وقد قرأ باحثون، ضمن ندوات مهرجان الشارقة الدولي للراوي أمس، صورة الحيوان في السرديات التراثيّة العربيّة وحكايات الطفل، ومدى ارتباط ذلك بالمخيلة الشعبيّة والاعتقاد الاجتماعي، مهتمين باستثمار ذلك كعنصر ثري من عناصر ثقافتنا العربيّة في عصور مختلفة. شارك في الندوة، التي جاءت ضمن محور متخصص في الدورة الحادية والعشرين للمهرجان، الدكتور أحمد بهي الدين العساسي، الذي تحدث عن صورة الحيوان القصصية في مصر القديمة واهتمام المصريين القدماء بالحياة الأبديّة، متناولاً دلالات رموز الحيوان في اللغة المصرية القديمة وارتباط ذلك بالعقيدة السائدة التي اعتمدت تقديس الحيوان، خصوصاً في تدوين هذه الصورة على جدران المعابد، وهو ما يفسّر ذلك الارتباط الروحي، والذي لا يزال بحاجة إلى دراسة وقراءة في سياق مقارنات متنوعة وعديدة. رسائل توعيّة من جهتها، تحدثت الدكتورة وفاء الميزغني عن صورة الحيوان في قصص الطفل بتونس، مؤكدةً ما لهذه القصص من دور في إضفاء السعادة على الأطفال الذين يجدونها وسيلةً للتنفيس والتعبير عن المشاعر والفرح، فضلاً عن رسائل التوعيّة ومعرفة الإيجابيات والسلبيات من خلال سرد قصص على ألسنة الحيوان، مستعرضة عدداً من القصص في سياق حديثها عن خيال الطفل، ومنها «أم سيسي، وخنفوسة النساء، والقصة الأمازيغية حمو أونامير، ومعيزة معزونة، وولد الحنش»، وقصص أخرى. وفي ورقتها، تحدثت الخبيرة المصرية الدكتورة نهلة إمام عن منطقة صعيد مصر، باحثةً في مُعتقد القط الذي يتلبس التوائم، كمعتقد سائد يتصل ببعض معتقدات الدول الإفريقية، وقالت إنّ الإنسان بطبعه يبحث عن وسيلة للتفاؤل والتشاؤم، فوجد الحيوان عنصراً تراثياً مهماً لإسقاطاته النفسيّة. وشرحت أنّ المعتقد يشير إلى أنّ أحد التوائم تتلبس روحه القطّ، فيخرج إلى القرية لأهداف عديدة، منها البحث عن الطعام والمغامرة وحب المعرفة، مشيرةً إلى وجود هذا المعتقد في بلاد النوبة وامتداده إلى دول مجاورة، كالسودان. قيم تعبيرية وتناول الدكتور عبدالرحمن الغانمي، النصّ التراثي السردي «حي ابن يقظان» لابن طفيل، كإحدى قصص الحيوان في التراث العربي والغرب الإسلامي في المغرب والأندلس، مؤكداً خصوصيّة هذا النموذج وأهميّته في هذا المجال. وأخيراً، تحدث الدكتور خير الدين شترة عن «المنمنمات في الحضارة الإسلامية: موضوع الحيوان نموذجاً»، كظاهرة فنيّة أبدع فيها المسلمون، باعتبارها إحدى الفنون التقليدية الإسلاميّة، مشيراً أيضاً إلى وجود هذا الفن في بعض البلدان الآسيويّة. وشرح شترة ما للمنمنمة من ميزات فهم النص المكتوب وحمل القيم التعبيرية الدقيقة، وهو ما ساعد على الانتشار، لوجود الصورة التعبيرية جنباً إلى جنب مع الكتابة، وقال إنّ هذا النموذج الفني اعتمد على الحيوان في بناء عوالمه، فأثّر في كثير من الأدب العالمي، وبالتالي فلا يمكن فهمه إلا في إطاره التراثيّ والحضاري.
مشاركة :