تونس - الوكالات: تظاهر بضعة آلاف من التونسيين أمس رافعين شعار «الشرعية الانتخابية» ومنددين بـ«احتكار السلطات بيد رجل واحد» إثر قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد تعزيز صلاحياته على حساب الحكومة والبرلمان الذي جمّد أعماله قبل شهرين «إلى إشعار آخر». وتجمّع حشد كبير من المحتجين أمام مقرّ «المسرح البلدي» في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس قبل ساعة من انطلاق موعد التظاهرة رافعين علم تونس و«للدفاع» عن دستور 2014 من بينهم عدد قليل من النساء. وقالت الموظفة الإدارية ندى (27 عاما) واضعة قبعة على رأسها وهي تقف بجانب أمها ليلى إنهما جاءتا للتظاهر ضد «قرارات سعيّد الذي يعرقل الديمقراطية». وأضافت لفرانس برس: «لم يعد هناك برلمان، يريد أن يفعل كلّ شيء بمفرده» لأنه «غيّر القوانين... وكل السلطات أصبحت بيد رجل واحد». وطوّق عناصر الأمن المنتشرون بأعداد كبيرة بسياراتهم المتظاهرين وعزلوهم بالكامل عن جزء من الشارع الذي كان مسرحا لثورة 2011. وفي 25 يوليو الفائت أعلن سعيّد في خطوة مفاجئة تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطات في البلاد. وأصدر يوم الأربعاء تدابير «استثنائية» بأمر رئاسي أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدا لتغيير النظام السياسي في البلاد بدلا من البرلماني الذي نص عليه دستور 2014. وتطابق ما أوردته ندى مع رأي سليمان بوعزّي، متظاهر آخر قدم من مدينة زغوان (وسط)، قال: «لا فرق اليوم بين ما فعله سعيّد وما قام به بن علي»، الرئيس الراحل الذي أطاحت انتفاضة شعبية واسعة بنظامه في عام 2011. وعبرت ندى عن خشية ومخاوف على الحقوق والحريّات مؤكدة: «لا نريد أن نفقدها». بالقرب منها رجل ستيني جاء بدوره «للدفاع عن الدستور». وقال هذا الموظف في قطاع الصناعة: «لم يكن دستور الإسلاميين ولا اليساريين ولا الماركسيين، لقد جمع الكلّ». وأضاف متسائلا: «لماذا يعلق الدستور ويريد تعويضه بآخر؟... يمكن أن نعدّل فيه بطريقة دستورية ولكن ليس بهذا الشكل». وأوضح أن «التظاهرة تضم أنصارا لائتلاف الكرامة (محافظ) وآخرين من اليسار ومواطنين عاديين كذلك». في رأيه أن سعيد «تجاوز الفصل 80 من الدستور» الذي ينص على إمكان اتخاذ الرئيس قرارات استثنائية أمام «خطر داهم»، مضيفا: «أخاف على أطفالي وأصدقائي وعلى شباب تونس من الرجوع إلى الدكتاتورية». وجاءت قرارات سعيّد ليلة 25 يوليو الفائت إثر أزمة سياسية وصحية مع انتشار الوباء وكذلك اقتصادية واجتماعية أثرت على المواطنين ودفعتهم للاحتجاجات. هذه التظاهرة هي الأكبر منذ إعلان قيس سعيّد قراراته التي رحب بها عدد كبير من التونسيين في أغلب المناطق والعاصمة ليلة إعلانها. ولقيت قرارات سعيّد انتقادات واسعة من منظمات مجتمع المدني وحقوقيين ومختصين في القانون الدستوري حذروا من «نزعة للتفرّد بالحكم». كما رفعت شعارات تعتبر أن فرنسا لعبت دورا مفترضا في «انقلاب» سعيّد ودعمته.
مشاركة :