لبدة الليبية "روما أفريقيا" تنتظر الزوار

  • 9/27/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقتصر عدد المسجلين على بضع عشرات في دفتر زوّار موقع لبدة الأثري الواقع في غرب ليبيا، مع أن هذا المعلم التاريخي المنسي الذي يوصف بأنه “روما أفريقيا” يتمتع بمقومات يمكن أن تجعله وجهة سياحية من الدرجة الأولى. ولا يستقطب هذا الأثر الروماني المهمّ المشرف على البحر في مدينة الخُمس (غرب ليبيا) سوى قلّة من الزوار، وبالكاد يطوف عدد محدود منهم في ممرّات الموقع المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. ويقول الليبي الستيني عبدالسلام ويبة خلال زيارته للمكان “عندما تدخله، كأنك تعود قروناً إلى الوراء”. وشيّد الفينيقيون “لبتيس ماغنا” المعروفة بـ”لبدة الكبرى” ثم احتلها الرومان، وفيها ولد الإمبراطور سيبتموس سيفيروس الذي حكمها بين عامي 193 و211 وجعل منها إحدى أجمل مدن الإمبراطورية الرومانية آنذاك، بحسب منظمة اليونسكو. وشيّد فيها الأمبراطور بازيليكا وميداناً لسباقات الخيل ومسرحاً يستوعب 15 ألف متفرج ويوفر إطلالة خلّابة على البحر الأبيض المتوسط. ويرى أحمد العميم، وهو ليبي كمعظم زوار المعلم الأثري، أمام نصب يشبه قوس النصر الباريسي، أن السياح الذين يزورون ليبيا “من الضروري أن يمروا” بموقع لبدة الذي تبلغ مساحته نحو 50 هكتاراً. أما إيهاب فجاء مع عائلته من العاصمة طرابلس التي تبعد 120 كيلومترا عن المكان، ويتذكر أنه زار لبدة صغيراً، ويقول “كنت تلميذا واليوم أعود مع أبنائي”. ويلاحظ الطبيب البالغ أربعة وثلاثين عاما أنها “مدينة جميلة، وهي أجمل موقع روماني خارج إيطاليا”، مشيراً إلى أنها “تقريبا غير مستكشَفة”. ونجا موقع “لبتيس ماغنا” بآثاره الأخاذة من الصراع المسلح الذي شهدته ليبيا منذ سقوط نظام الرئيس السابق الراحل معمّر القذافي. ويؤكد رئيس مصلحة الآثار في الموقع عزالدين الفقيه، أن “المدينة لم تتعرض رغم الحروب لأي هجوم أو تهديد مباشر بعد الثورة”. غير أن الموقع مهمّش ويشكو “نقصا في الموارد والدعم الحكومي منعدم”، بحسب الفقيه. ويتابع “في العام 2020 تمكنّا مع ذلك من إطلاق مشاريع كان من المفترض تنفيذها قبل خمسين عامًا، كغلق المنطقة الشرقية، وتركيب مرافق حيوية وهي حمّامات عامة ومكاتب إدارية، لكن الحفريات توقفت، وأعمال الصيانة تبقى سريعة ومستعجلة”. PreviousNext ويوضح المسؤول أن “ثمة مشاكل أكبر” ينبغي حلّها بالنسبة إلى الحكومات. وتوقف عمل بعثات الحفريات الأوروبية وخصوصاً منها الايطالية والفرنسية بسبب انعدام الاستقرار في البلاد. وشهد القطاع السياحي في لبيبا طفرة خجولة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنه يبقى اليوم مغيّباً في هذا البلد الذي لا يزال سلامه هشّاً ويعتمد اقتصاده أساسا على النفط. وأصبح بالإمكان في تلك المرحلة زيارة ليبيا بعد عزلة طويلة عن المجتمع الدولي. فعلى إثر رفع الحظر الأممي عليها عام 2003 تم منح تأشيرات سياحية للمرة الأولى، واستُحدثَت وزارة خاصة بهذا القطاع الاستراتيجي بهدف دفعه وتطويره. وتوقف كل شيء في العام 2011، إلا أن أمام “روما أفريقيا” فرصة اليوم في ظل استعداد ليبيا لطيّ صفحة عقد من الفوضى، ويرى الفقيه أن هذا الموقع يمكن أن يشكّل للبلد الذي يبلغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة “مصدر دخل” وأن “يوفّر الآلاف من الوظائف إذا تم استغلاله بالطريقة الصحيحة”. ويضيف أنه قادر على استقطاب “الملايين من السيّاح” مما يساهم في ضخّ “المليارات من الدولارات في رصيد الدولة”. ويعتبر أن “مدينة لبدة تزداد أهمية بمرور الزمن وسيأتي يوم يختفي فيه النفط لكن لبدة باقية”. ويدعم عمر حديدان (49 عاماً) هذا التوجه ملاحظاً أن المدينة “أهملت دائما من قبل الدولة ولا توجد حفريات ولا اكتشافات جديدة ولا حملة سياحية”. ويخلص حديدان إلى أن “لبدة أفضل من عشرة آبار نفطية”.

مشاركة :