تشهد حركة «النهضة» التونسية على مدار الأيام الأخيرة انشقاقات غير مسبوقة متمثلة في استقالات جماعية لقياداتها وأعضائها، الذين أعلنوا عن تأسيس حزب جديد خلال الفترة المقبلة، في محاولة وصفها خبراء بأنها «مناورة لإعادة توزيع الأدوار وخداع الشعب التونسي». وقال خبراء ومحللون سياسون لـ«الاتحاد»: إن استقالات قيادات «النهضة»، ومحاولة تشكيل حزب جديد، هي عملية قفز من السفينة الغارقة، مؤكدين أن الشارع التونسي يرفض «الإخوان» سواء في الشكل الحالي أو في إطار الشكل الجديد، وأن هذه الاستقالات مشبوهة. ورأى الباحث السياسي والاستراتيجي محمد حميدة، أن استقالة قيادات «النهضة» التونسية هي عملية قفز من السفينة بعدما تأكد غرقها، مضيفاً أن حقيقة المشهد في تونس مغايرة لما تروجه الآلة الإعلامية «الإخوانية» وحلفاؤها.وأوضح لـ«الاتحاد» أن الغالبية في الشارع التونسي رفضت «الإخوان»، منذ فترة طويلة، خصوصاً منذ تعطل دواليب العمل في كامل المؤسسات ودخول البلاد في أزمة اقتصادية كبيرة، أدت لارتفاع البطالة وتراجع القوة الشرائية وانهيار على مستويات عدة. وأضاف الباحث السياسي: إن رفض الشارع التونسي لـ«الإخوان» لم يكن على أساس الأيديولوجيا، بل جاء نتيجة إخفاقات وفشل اقتصادي غير مسبوق ومحسوبية وفساد، مؤكداً يقين حركة «النهضة» أن المشهد لن يعود للوراء، وأن جميع رهاناتهم على الاستقواء بالخارج فشلت، وهو ما تؤكده مواقفهم المتخبطة التي رفضت إجراءات الرئيس، وعادت مرة أخرى وقالت: إنها مستعدة للحوار. وأشار حميدة إلى ضرورة أن ينتبه الرئيس التونسي لعامل الوقت ولطبيعة الشعب التونسي، وهو ما يستوجب عليه المضي قدماً نحو تحقيق إرادة الشعب والمرور سريعاً من الحالة الاستثنائية عبر تحقيق الخطوات التي أعدها، مؤكداً أن «الإخوان» لن يكون لهم نصيب في أي انتخابات مقبلة، سواء عبر الحزب الجديد أو الحالي. وارتفع إجمالي عدد أعضاء «النهضة»، الذين تقدموا باستقالاتهم من الحزب إلى 131 عضواً، وذلك بعد أن تقدم 18 عضواً آخر باستقالاتهم. وقبل أيام، أعلن 113 قيادياً بالحركة عن استقالتهم، معللين ذلك باعترافهم بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية الكاملة، فيما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية. من جانبه، وصف المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، استقالات قيادات «الإخوان» بأنها «مشبوهة» ولا يمكن الوثوق بها، موضحاً أنها إما مناورة لتوزيع الأدوار أو انشقاق فعلي وفي كلتا الحالتين فهي مشبوهة، وتؤكد الطبيعة الانتهازية للحركة. وأضاف لـ«الاتحاد»، أن حركة الاستقالة هي عملية إعادة انتشار للتنظيم الأم والدفع بمجموعة من أجل تأسيس حزب يكون القاطرة البديلة عن التنظيم المركزي الأم، مضيفاً أنه حتى لو ذهبنا إلى التسليم بأن الانشقاق فعلي وحقيقي، فإن جماعة «الإخوان» في نهاية الأمر تجتمع وتتحد وتجمد الخلافات التي باعدت بينها من أجل هدف مركزي لها.
مشاركة :