•• أتفق مع وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة في "ان الارتقاء بالصناعة هو الخيار الاستراتيجي الوحيد للمملكة بالحد من الاعتماد (المطلق) على البترول في المستقبل". •• والوزير لم يكتف بهذا، بل أبلغنا "أن الخطة القادمة هي التحول إلى الصناعات التحويلية والصناعة ذات التقنية العالية التي عادة ما تكون فيها قيمة عالية جداّ". •• ومع كل التقدير لمعالي الوزير.. ولذلك الكلام المهم الذي طالعنا به أثناء حفل التكريم الذي أقيم الأسبوع الماضي في الرياض للفائزين بجائزة الإبداع الصناعي.. إلا أن هذا الكلام سمعناه وقرأناه منذ صدرت أول خطة تنمية في المملكة عام (1390ه). ومع ذلك فإنه ورغم مضي كل هذا الزمن.. وبعد أن تعاقب عشرات الوزراء على وزارات التخطيط.. والتجارة.. والصناعة.. والبترول.. والمالية.. على شغل هذه المواقع الحيوية.. إلا أن البترول مازال هو المصدر الرئيسي وربما الوحيد للدخل الوطني حتى اللحظة.. بالرغم من أن سعر البرميل الواحد وصل في يوم من الأيام إلى (9) دولارات.. وبالرغم من كل المؤشرات الحالية الأشد خطورة على مستقبلنا بسبب استمرار الاعتماد على هذه السلعة المعرضة لأخطار حقيقية وجادة أكثر من أي وقت مضى. •• صحيح أن هناك الآن جهوداً جادة تُبذل لتصحيح هذا الوضع.. •• وصحيح أن هناك رؤى.. وتصورات.. وبدائل.. وحلولاً عملية.. لإيجاد قاعدة اقتصادية عريضة تقوم على التنوع.. والتعدد وتكفل تحقيق تنمية مستدامة واستقراراً شاملاً في هذه البلاد.. إلا أن الأكثر صحة هو أن المضي في هذا الاتجاه (الحتمي) قد يكون صعباً.. ومؤلماً.. وإن كان ضرورياً.. ولا مفر منه في النهاية إذا نحن أردنا السلامة لبلادنا.. والعيش الهانئ لمواطنينا على المدى الطويل.. •• وبقدر ما نستطيع التخلص من الهواجس التي تمنعنا من الإقدام على سلسلة من الإجراءات والقرارات الصارمة.. بقدر ما نحد من التهديد المتزايد لسلامتنا في ظل استمرار سياسة الاعتماد التام على سلعة النفط المقلقة لنا. •• وليس لدي شك في أن الدولة من جهة.. والمواطن من جهة ثانية سوف يتقاسمان تبعات هذه الخطوات الضرورية معاً.. بمزيد من التعاون.. والتلاحم.. والتكامل.. والتحمل.. لا سيما إذا تحقق أمران اثنان هما: •• التدرج المتقن في تطبيق تلك الإجراءات مع الحد من تأثيرها الشديد على الطبقتين الدنيا والوسطى من المواطنين.. بدرجة أساسية.. •• ثم بالتمهيد لصدورها بحملة إعلامية مدروسة.. وقبل وقت كافٍ من إصدار تلك الإجراءات.. وباختيار التوقيتات المناسبة لإيصال رسائل تلك الحملة إلى الجميع.. بمسؤولية تامة.. أيضاً. •• وإذا تحقق هذان الشرطان بالكفاءة المطلوبة.. فإن التحول المرجو في صُنع البدائل يصبح ممكناً وبالذات في ظل وجود فريق متابعة متفرغ.. لإنجاز هذه المهمة المعقدة والحد من أضرارها.. والتمكين لتنفيذها بخطوات محسوبة.. ودقيقة. •• أقول هذا الكلام الآن.. لسببين اثنين هما: •• أن الوقت قد حان بالفعل.. لاتخاذ قرارات من هذا النوع بعد تهيئة كافة الأسباب لاستيعابها وامتصاص آثارها.. •• وأنه لا بديل أمامنا نلجأ إليه.. ونتفادى معه أي هزات قد نتعرض لها.. وإلا فإن المزيد من التأخير سوف يكون أشد وطأة.. وأكبر خطراً علينا من أي مرارات قد نشعر بها في ظل هذا التوجه لمعالجة الوضع واحتوائه قبل فوات الأوان. ضمير مستتر: •• تضطر الدول والشعوب إلى القسوة على نفسها في بعض فترات التاريخ تفادياً لتعرضها لما هو أسوأ..
مشاركة :