رئيس البرلمان الليبي أراد عزل حكومة الدبيبة فرفع شعبيته (تحليل)

  • 9/28/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إسطنبول الأناضول لم يسبق أن تمكن زعيم سياسي ليبي منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، أن حشد في العاصمة طرابلس مثل تلك التي الأعداد التي جمعها رئيس حكومة الوحدة في ميدان الشهداء، ردا على سحب البرلمان الثقة من حكومته بشكل لا يخلو من التدليس. بحركة ذكية، تمكن الدبيبة، من قلب الطاولة على مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، من خلال تمكنه من حشد أنصاره في طرابلس ومن مختلف المدن الليبية بما فيها الخاضعة لمليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. كما نظمت تجمعات ووقفات في مدينة مصراتة والجبل الغربي (غرب) وحتى في طبرق (شرق) مقر مجلس النواب، وفي بلدة سلوق (شرق) وفي سبها (جنوب)، رفضا لقرار سحب الثقة من الحكومة. وعندما حاول أنصار عقيلة وحفتر، تنظيم تجمع مؤيد لقرار مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة، لم يلب نداءهم سوى العشرات، ما يعكس شعبية جارفة للدبيبة مقابل تأييد ضعيف لقرار البرلمان. ** مجلس النواب معزول شعبيا فالتجمع الذي غص به ميدان الشهداء الجمعة الماضية، أظهر عقيلة صالح وأتباعه من النواب، معزولين عن طموحات وأولويات الشعب الليبي، حتى في مناطق نفوذهم بالشرق. وبدل أن يعزل مجلس النواب الحكومة بعد سحب الثقة، طالب المتظاهرون في ميدان الشهداء وفي العديد من المدن الليبية شرقا وغربا وجنوبا برحيل البرلمان، محملينه مسؤولية عرقلة إجراء الانتخابات طيلة 7 سنوات. إذ أن مجلس النواب فشل في عرض مشروع الدستور على الاستفتاء الشعبي، رغم جهازيته منذ 2017، كما أخفق طيلة هذه السنوات من إصدار قوانين الانتخابات، دون أن يتم الطعن في شرعيتها لعدم احترامها القانون الداخلي للمجلس نفسه أو للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي. ورفض المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) لقرار مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة واعتبره "باطلا"، خاصة أن قضية حساسة مثل هذه تتطلب التوافق بين المجلسين لتفادي الانقسام، كما أن مجلس النواب لم يختر الدبيبة حتى يسحب منه الثقة، وإنما جاء الاختيار من ملتقى الحوار السياسي، والبرلمان أضفى الشرعية على هذا الاختيار. كما أن المجلس الرئاسي طلب من الحكومة استئناف عملها، متجاهلا قرار مجلس النواب. ومتحديا عقيلة صالح، وقّع الدبيبة قرار رفع أجور المعلمين، الذين يمثلون أكبر شريحة من الموظفين لدى الدولة، متجاهلا قرار سحب الثقة وكأنه لم يكن. وكذلك البعثة الأممية والولايات المتحدة رفضا الاعتراف بقرار مجلس النواب، مما أفقده الشرعية الدولية، ناهيك عن الشرعية الشعبية. فبدل إضعاف الدبيبة، وطاقم حكومته، ساهم قرار مجلس النواب في زيادة شعبيته، بل أصبح أقوى من ذي قبل بعد أن حاز شرعية شعبية جديدة، فيما ووضع عقيلة صالح البرلمان في زاوية ضيقة. ** إبطال مخطط تعيين رئيس حكومة جديد أمام هذا الضغط الشعبي والرفض الأممي والدولي لقرار سحب الثقة، وارتفاع عدة مطالبات شعبية برحيل البرلمان وتحميله مسؤولية تعطيل الانتخابات، تراجع عقيلة صالح، خطوة إلى الوراء. حيث كشف صالح، في حوار صحفي، أنه أبلغ المبعوث الأممي يان كوبيش، أن حكومة الوحدة مستمرة في عملها، وأنه لن يكون هناك فراغ في السلطة في البلاد. إلا أن النائب أبوبكر سعيد، جزم أنه كان هناك توجه لتشكيل حكومة جديدة وتسمية رئيس لها، بعد قرار رئاسة النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة. إذ سبق لعقيلة صالح أن لوّح بتشكيل حكومة جديدة في الشرق، وعطل تحرير ميزانية الدولة، لكن بعد المظاهرات المطالبة برحيل البرلمان وعدم اعتراف مؤسسات الدولة بقراره بما فيها المجلس الرئاسي والبنك المركزي. فصعود شعبية الدبيبة بسرعة تهدد طموح عقيلة صالح، للترشح إلى الرئاسة، لذلك يحاول تعطيل حكومته وإفشالها، بل وحتى إبعاده من رئاسة الحكومة، أو على الأقل تقليص صلاحيته، في إبرام العقود مع الدول المؤثرة في الملف الليبي، وتقديم المنح والقروض للشباب ورفع أجور الموظفين. وقال عقيلة في هذا الصدد، إن هدف البرلمان من سحب الثقة من الحكومة منعها من إبرام عقود طويلة الأجل مع الخارج، قد يترتب عليها ديون كبيرة على عاتق الشعب. وبعد أن أشيع أن عقيلة تنحى من رئاسة البرلمان للتفرغ لحملته الانتخابية، عاد ونفى ترشحه بعد، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات. إلا أن خطوته الأخيرة بسحب الثقة من الحكومة قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات، وقبلها إصدار قانون انتخابات الرئيس قبل التصديق عليه، هوت بشعبيته إلى الأرض، وقد تدفعه للتراجع عن فكرة الترشح للرئاسة، والاكتفاء بدعم حليفه حفتر. ** هل سيترشح الدبيبة؟ لحد الآن لم يعلن الدبيبة نيته للترشح للرئاسة، ولم يلمح إلى ذلك حتى، إلا أن خصومه وحتى بعض المتابعين للملف الليبي يعتقدون أنه يجهز نفسه لهذه اللحظة. فخلال أشهر فقط تحول من شخصية مغمورة إلى رجل ذو شعبية تجاوزت قواعده التقليدية في مصراتة والمنطقة الغربية، لتمتد إلى مناطق في الشرق والجنوب معروفة بولائها لحفتر وللنظام السابق بزعامة القذافي. وتصاعد شعبية الدبيبة راجع إلى أداء حكومته أفضل مما كان عليه الحال في عهد حكومتي الوفاق والمؤقتة، حيث مرة أزمة الكهرباء خلال الصائفة المنصرمة بأقل قدر من الغضب الشعبي. ونجح الدبيبة في معالجة مسألة تأخر المرتبات، ووفر منح للمتزوجين الجدد، وقروض للسكن وللمشاريع التنموية، ورفع أجور موظفي التعليم، البالغ عددهم نحو 650 ألف، ووعد برفع أجور موظفي قطاعي الداخلية والصحة، بالإضافة إلى المتقاعدين. وحتى في مجال مكافحة جائحة كورونا، أكد الدبيبة أن اللقاح متوفر بغزارة في بلاده، ودعا مواطنيه إلى أخذ اللقاح، حيث تراجع عدد المصابين من أكثر من 4 آلاف يوميا مطلع أغسطس/آب الماضي، إلى أقل من ألف مصاب في 26 سبتمبر/أيلول الجاري. إلا أن الدبيبة يواجه عقبة أمام ترشحه للرئاسة، فهو مكلف بالإشراف على تنظيم الانتخابات، وليس الترشح للرئاسة، ولكن في السياسة كل شيء ممكن. فعبد الله اللافي، مثلا ترشح لمنصب نائب رئيس المجلس الرئاسي، وفاز به، رغم أنه لم يكن مسموحا للنواب بالترشح لعضوية المجلس الرئاسي أو رئاسة الحكومة. لذلك لن يكون مستغربا ترشح الدبيبة للرئاسة، إذا ضمن بنسبة كبيرة فوزه بها، خاصة وأنه يحمل خطابا تصالحيا ومتسامحا ويدعو للسلام والوحدة، عابرا بذلك حدود الجهوية والقبلية والإيديولوجية، التي يمثلها بعض خصومه ومنافسيه. وهو ما يفسر سعي عقيلة صالح لتجريد الدبيبة من سلاح المال، عبر تعليق ميزانية الدولة، وسحب الثقة، لقطع الطريق أمام صعود شعبيته الجارفة، بفضل قرارات يصفها خصومه بـ"الشعبوية" بينما يرد الدبيبة "لا يمكن أن نخبئ الأموال ونترك شعبنا محروما". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :