في غمرة الاعتماد الأساسي لدول مجلس التعاون الخليجي على النفط والغاز، فهي تعتمد بشكل كبير على العمليات المستمرة وموثوقية شراء المواد الخام وتوريد المنتجات النهائية للعملاء. قد يؤدي التأخير في استلام المواد الخام إلى المصانع البتروكيميائية إلى تعطيل العمليات لجميع اللاعبين المشاركين في سلسلة القيمة بأكملها، ما يؤدي إلى العميل النهائي، وبحسب آخر أطروحات «رؤية الصناعة» الصادرة عن الاتحاد الخليجي لمنتجي الكيميائيات والبتروكيميائيات «جيبكا»، شكلت المعابر الحدودية، وتحديداً البرية في المنطقة تحديًا للمواد البتروكيميائيات بسبب فترات الانتظار الطويلة وقوائم انتظار الشاحنات، ومعظمها لعمليات الفحص الجمركي والتوثيق في العديد من الحدود والمحطات الإقليمية. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم وجود إجراءات منسقة عبر دول مجلس التعاون الخليجي. هذه التأخيرات تكلف الصناعة ملايين الدولارات كل عام، ويمكن أن يتسبب الوقت الذي تقضيه على الحدود في تأخيرات كبيرة في سلسلة التوريد ويزيد من مخاطر الأضرار التي تلحق بالسلع والأشخاص والبيئة، ما قد يكون له عواقب وخيمة لأن بعض المواد الكيميائية شديدة الحساسية للتغيرات في ظروف التخزين. ولتعزيز إجراءات العبور الحدودي، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي تبسيط هذه الإجراءات، على وجه الخصوص، من خلال تعزيز التعاون بين الأجهزة الحدودية. أسباب التأخير وفي أسباب التأخير الحدودي في النقل البري، تعد دول الخليج كمجموعة من أكثر الأسواق الناشئة ملاءمة للأعمال التجارية في العالم. ومع ذلك، يستمر أداء معظمهم بشكل سيئ عندما يتعلق الأمر بالتجارة عبر حدودهم. يمكن ربط هذا الأداء الضعيف في التجارة عبر الحدود بمناظر المعابر الحدودية البرية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وقد يكون هذا أيضًا سبب استمرار الدول في الخليج العربي في السير وراء الدول المتقدمة الرائدة. وفي وقت، تمثل التجارة البينية في المنطقة العربية 14 ٪ فقط من إجمالي التجارة. وإن أحد العوامل التي ساهمت في هذا الرقم المنخفض هو حقيقة أن النقل البري الدولي في المنطقة لا يزال يواجه تحديات. ترتبط هذه التحديات في المقام الأول بالإجراءات الجمركية المعقدة والوقت الطويل لمعالجة المستندات. وحول الإجراءات الجمركية في دول مجلس التعاون الخليجي، وبناءً على البحث الأولي الذي أجرته «جيبكا» مع أصحاب المصلحة المعنيين، تم التوصل إلى أن تحسين الإجراءات الجمركية في دول مجلس التعاون الخليجي أمر حيوي لتحسين المعابر الحدودية في المنطقة، وتشمل التحديات الرئيسة، على سبيل المثال لا الحصر، عدم وجود إجراءات جمركية منسقة، إذ يعد الاختلال في السياسات والإجراءات ونقص التنسيق بين المعايير والبنية التحتية والرسوم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي (خاصة بالنسبة للمواد الكيميائية المتخصصة) من الأسباب الرئيسة وراء التأخيرات على الحدود لأنها تؤدي إلى العديد من متطلبات التوثيق وتؤدي في النهاية لعملية التخليص الجمركي الطويلة الوقت. تتسبب هذه الاختلالات في إعادة الشاحنات للوراء، حتى في حالة وجود تناقضات طفيفة في المستندات. ومن التحديات التغيير في اللوائح والموافقات المطلوبة التي لم يتم الإعلان عنها مسبقًا، إذ يتم فرض لوائح وقيود ومتطلبات جديدة من قبل سلطات الجمارك دون إخطار مسبق لأصحاب المصلحة المتأثرين. ويتأثر ذلك أيضًا بعدم وجود فترة سماح للإعداد والترتيبات والإجراءات التصحيحية اللازمة. تتطلب المنظمات وقتًا كافيًا لفهم اللوائح والمعايير والشهادات الجديدة والتكيف معها. علاوة على ذلك، يجب أيضًا إشراك الشركات من قبل السلطات للتشاور قبل تغيير أي لوائح أو اعتمادها. فضلاً عن أن الوعي بالمنتجات الكيميائية يعد مطلوباً، إذ تؤدي المعرفة المحدودة لموظفي الجمارك بالبتروكيميائيات والمواد الكيميائية (المتخصصة) ومعالجتها إلى عمليات تفتيش غير آمنة وتستغرق وقتًا طويلاً. ويكمل ذلك الافتقار إلى الفحص المتقدم أو فحص المواد الكيميائية والبتروكيميائية على الحدود. وقد يكون هذا خطيرًا بسبب الخصائص المتطايرة لبعض المواد الكيميائية وقد يؤدي إلى حوادث أو إصابات مميتة. أفضل الممارسات في حين أن أفضل الممارسات التي يمكن أن تساهم في تحسين النقل البري عبر الحدود في دول مجلس التعاون الخليجي تشترط التعاون بين الصناعة الكيميائية بدول مجلس التعاون وسلطات الجمارك الخليجية، إذ يجب على قادة الصناعة في المنطقة العمل مع موظفي الجمارك المعنيين في بلدانهم لتعزيز المعرفة بالمواد الكيميائية وإجراء تدريب آمن على المناولة والتفتيش، ويمكن للصناعة أيضًا دعم السلطات الجمركية من خلال رعاية التقنيات والمعدات المتقدمة المرتبطة بنظام النافذة الواحدة من أجل المعاملات السلسة. ويمكن لسلطات الجمارك بدورها إجراء ورش عمل أو ندوات أو جلسات توعية بشأن اللوائح والمتطلبات الجديدة في وقت مبكر من تاريخ التنفيذ وإشراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة في المشاورات والعمليات التجريبية. ومن أفضل الممارسات أيضاً وجوب أهمية إنفاذ القوانين التي وضعها الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي. تأسس الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي (في عام 2003) بهدف إلغاء الرسوم الجمركية «الضرائب» وكذلك اللوائح والإجراءات التي تقيد التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي وتطبيق الرسوم الجمركية الموحدة «ضرائب» وأنظمة التجارة والجمارك للتجارة مع دول مجلس التعاون الخليجي مع الدول غير الأعضاء. ومع ذلك، فإن التنفيذ الفعال للقوانين المنصوص عليها من قبل الاتحاد الجمركي لم تؤت ثمارها بعد. فيما يجب إنشاء لجان وفرق عمل في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي (تضم ممثلين جمركيين من جميع دول مجلس التعاون الخليجي)، مع التركيز على أن تشريعات المعابر الحدودية والقوانين المشتركة أمر حيوي لتحسين التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي. من المهم أيضًا أن تشارك هذه اللجان وفرق العمل مع الشركات لضمان التوافق قبل إطلاق أي لوائح جديدة. كما يجب اعتماد مبادئ اتفاقية تيسير التجارة لمنظمة التجارة العالمية، إذ لطالما أشار التجار من البلدان النامية والمتقدمة إلى الكم الهائل من «الروتين» الذي لا يزال موجودًا في نقل البضائع عبر الحدود، والذي يشكل عبئًا خاصًا على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. بينما دخل اتفاق التجارة الحرة حيز التنفيذ في 22 فبراير 2017، ويحتوي على أحكام لتسريع حركة وإطلاق وتخليص البضائع، بما في ذلك البضائع العابرة. كما أنها تحدد تدابير للتعاون الفعال بين الجمارك والسلطات المختصة الأخرى بشأن تيسير التجارة وقضايا الامتثال الجمركي. ومع ذلك، مثل المبادئ التي وضعها الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن التنفيذ الفعال للأحكام المنصوص عليها في إطار اتفاقية التجارة الحرة لم يُنظر إليه بعد، وسيساعد اعتماد هذه المبادئ على تحسين الشفافية، وزيادة إمكانات المشاركة في سلاسل القيمة العالمية، وكذلك تقليل نطاق الفساد. ويظل التحول إلى الرقمنة، أمراً حاسماً في تطوير التجارة الحدودية لدول الخليج، حيث ستكون العمليات والوثائق الرقمية أو غير الورقية جنبًا إلى جنب مع نظم الحلول المتكاملة المتصلة بين جمارك دول مجلس التعاون الخليجي أداة مهمة لتحسين وقت معالجة المستندات، وتقليل التأخير على الحدود. كما أن الاستفادة من السكك الحديدية أمر لا مفر منه لتكامل المنظومة، إذ لقرون، كانت السكك الحديدية في قلب التنمية الاقتصادية للبلدان. لذلك فإن تطوير خط سكة حديد بطول أكثر من 2000 كيلومتر في دول مجلس التعاون الخليجي الست، يعد فرصة هائلة وفريدة من نوعها لتحفيز التغييرات المطلوبة. ونظرًا لأن دول مجلس التعاون الخليجي تستثمر بكثافة، فمن المتوقع أن تأتي مع اللوائح اللازمة لتسهيل التجارة وتحفيز التنمية الاقتصادية. عدم وجود إجراءات جمركية منسقة يعيق التجارة البرية للسلع الكيميائية الخليجية
مشاركة :