الانتقال الديمقراطي في السودان رهين الخلافات بين العسكر والمدنيين

  • 9/29/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تفجرت الأوضاع بين مكونات السلطة في السودان، قوى إعلان الحرية والتغيير والمكون العسكري، خلال الأيام الماضية، ما يهدد مسيرة الفترة الانتقالية التي تشهدها البلاد وتنتهي في يناير 2024 بانتخابات ديمقراطية. وجاء هذا التوتر في الأوضاع عقب إعلان الجيش السوداني الثلاثاء الماضي إحباط محاولة انقلاب فاشلة قال إنه تقف خلفها عناصر عسكرية. وفي اليوم التالي قال رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، خلال حفل تخريج قوات عسكرية غربي العاصمة الخرطوم، إن “القوى السياسية غير مهتمة بمشاكل المواطنين”، فيما اعتبر نائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” أن “السياسيين هم السبب في الانقلابات العسكرية”. ورد محمد الفكي سليمان أحد أعضاء المجلس من المكون المدني، خلال مقابلة مع تلفزيون السودان (رسمي)، الجمعة قائلا إن “هناك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مخل بعملية الشراكة”، واصفا ذلك بأنه “الانقلاب الحقيقي”. وليد النور زكريا: هذا السيناريو لن ينجح في ظل تماسك قوى الحرية والتغيير واستنفار الشارع ضد أي نكوص عن انتقال مدني للسلطة وفي إطار التوتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين (قائد الحراك الاحتجاجي) في بيان له الأحد إلى “إنهاء الشراكة” مع المجلس العسكري وإلغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل “حكم مدني خالص”. فيما دعا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، في بيان الأحد، كل الأطراف المعنية في بلاده إلى الالتزام الصارم بالوثيقة الدستورية، معتبرا أن “الصراع” الحالي ليس بين عسكريين ومدنيين. ومنذ الحادي والعشرين من أغسطس 2019 يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في الثالث من أكتوبر الماضي. وبحسب مراقبين، فإن هذا هو الخلاف الأكبر الذي يقع بين شركاء السلطة الانتقالية التي حققت نجاحا في ملفات ومازالت متعثرة في أخرى، فقد استطاعت إزالة اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، إضافة إلى إعفاء البلاد من جزء مهم من ديونها الخارجية. إلا أنها أخفقت في تحقيق التقدم في ملفات منها هيكلة المؤسسة العسكرية وتشكيل المجلس التشريعي وتحسين الوضع الاقتصادي. وترسم هذه الخلافات عدة سيناريوهات يمكن أن تحدث في الأيام المقبلة ستحدد مصير الشراكة بين المدنيين والعسكريين في السودان، وبالتالي مصير الفترة الانتقالية. وأقرب هذه السيناريوهات هو الحوار بين الطرفين لتجاوز الأزمة، وحول ذلك يقول المحلل السياسي إسماعيل حسابو إن “الضغوط الدولية والإقليمية على الطرفين بالتأكيد ستثمر عن توصلهم لصيغة تنهي هذا الخلاف”. يوسف سراج الدين: استفراد العسكر بالسلطة من الصعب أن يتحقق وأضاف حسابو “كما أن رفض القوى السياسية والشارع لسيطرة العسكريين على السلطة، على الرغم عن عدم رضاهم عن الضائقة الاقتصادية بالبلاد كفيل بجعل الطرفين يتجهان للتفاوض”. ويشير إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي سيضغط باتجاه دفع الأمور نحو الحل التوافقي، واستلام المدنيين لرئاسة المجلس لإكمال الفترة الانتقالية. وانفراد العسكريين الموجودين بالسلطة من خلال المجلس السيادي، أو عن طريق انقلاب عسكري، هو سيناريو تصحبه تعقيدات كثيرة، أبرزها الرفض الداخلي والدولي لأي انتقال غير مدني بالسودان. كما أن العسكريين في السلطة وعلى رأسهم البرهان رئيس مجلس السيادة، يؤكدون مرارا على أنهم غير راغبين في الحكم بل هم يتواجدون حاليا في السلطة لضمان انتقال سلمي في البلاد. أما السيطرة على الحكم عن طريق انقلاب عسكري فهي مستبعدة في ظل الرفض الشعبي والإقليمي والدولي لأي انقلاب يمنح الجيش وحده السلطة لاسيما بعد ردود الفعل القوية الرافضة له عقب محاولة الانقلاب الفاشلة الثلاثاء الماضي. والأربعاء أدان مجلس الأمن الدولي، بإجماع 15 دولة، محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في السودان، مؤكدا دعمه الكامل لرئيس الوزراء حمدوك. كما أدان محاولة الانقلاب الاتحادان الأوروبي والأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، وعدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا، ودول الجوار الأفريقي والعربي. ويرى المحلل السياسي يوسف سراج الدين أن استفراد العسكر بالسلطة سواء الموجودين حاليا أو عن طريق انقلاب من الصعب أن يتحقق. ويقول سراج الدين إن “أقصى ما يمكن أن يحدث إذا لم ينتبه المدنيون هو أن تأتي انتخابات مبكرة حيث أن القوى السياسية ليست جاهزة حتى الآن للدخول في معترك انتخابي”. ويرى أن أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث هو عدم اكتمال الفترة الانتقالية، وقيام انتخابات مبكرة ما يدخل البلاد في أزمات مستمرة لعدم اكتمال إصلاح أجهزة الدولة حتى الآن. ويعد سيناريو فض الشراكة بين المدنيين والعسكريين الأخطر من بين السيناريوهات المتوقعة، حيث سيعلن كل طرف حقه في السلطة وبالتالي تدخل البلاد في أزمة قد يستعصي معها الحل. ويرى المحلل السياسي وليد النور زكريا أن “العسكريين يحاولون تطبيق هذا السيناريو من خلال استقطاب بعض قوى الحرية والتغيير، ومكونات سياسية أخرى بما فيها الكيانات (الحركات المسلحة) التي وقعت في اتفاق السلام بجوبا”. ويضيف زكريا أن “هذا السيناريو لن ينجح في ظل تماسك قوى الحرية والتغيير واستنفار الشارع ضد أي نكوص عن انتقال مدني للسلطة في البلاد”. إسماعيل حسابو: المجتمع الدولي والإقليمي سيضغط باتجاه دفع الأمور نحو الحل التوافقي وفي تصريحات له الأحد أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، خلال اجتماع مع ضباط بالجيش، التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها وتعهد بعدم الانقلاب على الثورة، واصفا ما يتردد عن اعتزام الجيش تنفيذ انقلاب بأنه “محض افتراء”. وقال البرهان “إننا حريصون على استكمال مسيرة الانتقال وصولا للتحول الديمقراطي وبناء دولة الحرية والسلام والعدالة”، بحسب بيان للجيش. وفي الحادي عشر من أبريل 2019 عزلت قيادة الجيش عمر البشير من الرئاسة (1989 – 2019) تحت ضغط احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية. وفي السابع عشر من أغسطس من العام ذاته وقع المجلس العسكري (منحل) وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير (قائد الاحتجاجات على نظام البشير) وثيقة دستورية بشأن تكوين هياكل السلطة خلال المرحلة الانتقالية. وخلال الفترة الانتقالية تدير البلاد حكومة مدنية ومجلس سيادة مكون من 14 عضوا، هم: 5 عسكريين و6 مدنيين و3 من الحركات المسلحة.

مشاركة :