بينما تعكس ردة الفعل التلقائية الفورية للفرد عما بداخله من مشاعر سواء كانت إيجابية أو سلبية، ابتكر العلم الحديث اختبارا جديدا لقياس مستوى الحب بين الأزواج الجدد يعتمد على تلك الاستجابات التلقائية. ويشير بحث جديد إلى أن رد الفعل اللاواعي للشريك في أثناء وقوع عينيه على صورة شريكه قد يكون مؤشرا مفيدا لمستقبل الزواج، بل سيكون دليلا لعلاقة ناجحة للمتزوجين الجدد أفضل من أن تبنى على النوايا الحسنة. لكن محمد حمد المانع المستشار الأسري استبعد جدوى مثل تلك الاختبارات التي وصفها بـ التوقعية، لافتا إلى أن أفضل إعداد للأزواج الجدد، حضور برنامج تدريبي لتأهيل الشباب قبل دخول قفص الزوجية. وأشار إلى أن آلاف الشباب السعودي المقبلين على الزواج استفادوا من دوارات المدربين والمستشارين الأسريين المتخصصين، مؤكدا أن الإحصائيات تشير إلى نجاح الزواج وتقليص العديد من المشكلات الأسرية لدى المتدربين. وبين المانع أن هذه الدورات تتضمن عدداً من المحاور والعناوين أهمها، مفهوم الزواج، الأنماط الشخصية للزوجين وكيفية التعامل معها، وطرق حل المشكلات الزوجية وبعض المهارات الزوجية والحوار الأسري وتربية الأبناء وكيفية التعامل مع المراهقين وميزانية العائلة وترشيد الاستهلاك الأسري. وكان البحث قد أظهر أن الأشخاص الذين كان لهم رد فعل سلبي تلقائي كانوا على الأرجح غير سعيدين في حياتهم بعد مرور سنوات عديدة. ويقيس الاختبار الجديد المشاعر الحقيقية للمتزوجين حديثا إزاء بعضهم البعض، وذلك على العكس مما يفصحون به للناس أو حتى ما يعترفون به لأنفسهم. وأبان أن هذه الاستجابات التلقائية الفورية يبدو أنها أداة قوية جدا لتوقع ما إذا كان المتزوجون سيظلون سعداء أم لا؟، وفقا لتقرير بثته شبكة بي بي سي. وأجرى فريق البحث لقاءات مع 135 من المتزوجين حديثا وذلك بعد إتمام زواجهم مباشرة. وطلب منهم الباحثون تقييم زواجهم ببعض الصفات الإيجابية أو السلبية من قبيل جيد وسيئ ومرضٍ وغير مرضٍ. ثم قاس الباحثون ردود فعلهم التلقائية تجاه بعضهم البعض باستخدام اختبار الحب ذلك. وتضمن الاختبار إظهار صورة أحد الزوجين أمام الآخر لبرهة لا تتجاوز الثانية، ثم يطلب منه بعد ذلك أن يرد في أسرع وقت ممكن ما إذا كانت كلمات بعينها من قبيل رائع ومذهل وبشع ومخيف تتفق مع الصورة التي رآها أم لا. ويقول الباحثون إن سرعة الرد كانت مؤشرا على مشاعرهم الحقيقية. ويستند هذا الاختبار إلى مبدأ الارتباط النفسي. ووفقا لهذه النظرية، فإنه وبعد رؤية صورة شريكهم بشكل عابر، فإن الزوجين المتزوجين حديثا يكونان في حالة مزاجية إيجابية أو سلبية. إذا تبين أن الأزواج في حالة مزاجية إيجابية، فإنهم سيقولون كلمات إيجابية مثل رائع أو مذهل بصورة أسرع من الكلمات السلبية مثل مخيف ومروع والعكس صحيح. وكما هو متوقع، توصل البحث إلى أن الإجابات الواعية للمتزوجين حديثا جاءت جميعها إيجابية تعبر عن سعادتهم الشديدة بعلاقاتهم. لكن ردود فعلهم التلقائية لاختبار الحب جاءت مختلفة بدرجة كبيرة مقارنة بتلك الإجابات الواعية. وأجرى الباحثون لقاءات مع الأزواج كل ستة أشهر على مدى السنوات الأربع التي تلت ذلك الاختبار. وتوصلوا إلى أنه وفي المتوسط، فإن الأزواج الذين كانت لديهم ردود فعل تلقائية سلبية أصبحوا يعربون بشكل أكبر عن عدم سعادتهم مع مرور الوقت على الزواج، بل إن بعض الزيجات لأولئك الأزواج انتهت بالانفصال بالفعل. وقال البحث إن الجميع يشعرون أنفسهم بأنهم يتمتعون بعلاقة جيدة، ويمكن للأشخاص إقناع أنفسهم بأنهم كذلك. لكن هذه المشاعر التلقائية هي المؤشر الأقوى على ما يشعر به الناس على الفور بشأن علاقاتهم. ووفقا لفريق البحث، فإن الاختبار يقيس وجود المشاعر السلبية أو غيابها. وأضاف يمكن للأشخاص أن يكون لديهم مشاعر حب ومشاعر سلبية في الوقت نفسه، وهذا الاختبار على الأرجح يعكس كلا منهما. لكن الباحثون كانوا حريصين على توضيح أن البحث لم يطور بشكل كاف ليكون من الممكن تقديمه للأشخاص قبل إتمام زواجهم. وأشار إلى أن الباحثين توصلوا بشكل عام إلى أن هناك توجها سائدا، لكن بعض هؤلاء الذين كانت لديهم استجابة سلبية ظلوا سعداء، فيما تغيرت مشاعر آخرين ممن كانت لديهم استجابة تلقائية إيجابية ليصبحوا غير سعداء. وقال البروفيسور ماكنولتي إن الاستجابة التلقائية قد تكون مؤشرا مفيدا ينبغي أخذه في الاعتبار، مضيفا أعتقد أن الوسيلة الأمثل ستكون هي الاهتمام بالردود التلقائية بشأن ما تشعر به إزاء رؤية صورة شريكك. ولا أعتقد أن ذلك ينبغي أن يكون العامل الوحيد الذي ينبغي للناس التفكير فيه، بل يجب أن يكون عاملا من بين تلك العوامل.
مشاركة :