مع دخول انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية على الحكومة الشرعية في اليمن عامه الثامن وما تسبب به من أزمة إنسانية، تجمع الأوساط التحليلية الإقليمية والدولية على أنه لن يكون بوسع الميليشيات الحوثية الإبقاء على سيطرتها على العاصمة صنعاء طويلاً، في ظل ما يترتب على مواصلتها لعدوانها الحالي من نزف اقتصادي، وما تتعرض له في الوقت نفسه من ضغوط مكثفة، من جانب المجتمع الدولي.ففي الوقت الذي تحاول فيه الميليشيات توسيع رقعة نفوذها عبر هجومها العسكري المستمر منذ شهور على محافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية، تؤكد المؤشرات على الأرض، تراجع قدرتها على مواصلة الإمساك بزمام الأمور في المناطق الخاضعة لها، خاصة في ظل تصاعد السخط الشعبي نحو قادتها ومسلحيها. فالغالبية الساحقة من اليمنيين، باتوا يدركون أن الميليشيات تتحمل المسؤولية الأكبر عن الزج ببلادهم في أتون صراعات مستمرة منذ عام 2011. واستغلت الميليشيات العثرات التي شهدتها المرحلة الانتقالية، وعدم قدرة السلطات الحاكمة وقتذاك، على إجراء إصلاحات جذرية في نظام علي عبد الله صالح ومعالجة مشكلات مثل الفقر والبطالة وتهميش شرائح مجتمعية بعينها، لركوب موجة الغضب الشعبي والاستيلاء على السلطة في صنعاء في سبتمبر 2014. ولكن ذلك لم يؤد سوى إلى الدفع باليمن في مستنقع أعمق، وإشعال فتيل حرب ضارية واسعة النطاق، دفعت بـ «إحدى أفقر الدول في قلب معركة طويلة الأمد، تشهد وقوع خسائر فادحة بين المدنيين»، حسبما قال محللون في تقرير نشره موقع «ذا سيتزين» الإلكتروني الإخباري. وأكد المحللون أن اليمنيين باتوا يشعرون الآن بأن التعنت الذي يبديه المسلحون الانقلابيون، هو ما يُذكي الحرب ويطيل أمد معاناتهم، في ظل إصرار الحوثيين على إجهاض مختلف الجهود الرامية لوقف القتال، سواء تمثل ذلك في الجهود التي يبذلها المبعوثان الأممي والأميركي لليمن، أو في صورة المبادرات المطروحة لحقن الدماء، وعلى رأسها تلك التي أعلنتها المملكة العربية السعودية في مارس الماضي، وحظيت بحفاوة دولية واسعة النطاق.واعتبر المحللون أن تصعيد العدوان على مأرب وإمعان الحوثيين في ممارسات استفزازية من قبيل إعدامهم العلني منتصف الشهر الماضي لتسعة أشخاص بزعم ضلوعهم في قتل قيادي حوثي بارز، يمثلان دليلاً على التحدي الأرعن، الذي تنغمس فيه هذه الجماعة الإرهابية، في مواجهة الرفض الذي تقابله يمنياً وإقليمياً ودولياً. وفي ظل هذه الأجواء، بات من المستبعد أن يتمكن الحوثيون من البقاء في السلطة في صنعاء لفترة طويلة، اعتماداً على ما يحصلون عليه على دعم خارجي واستناداً إلى القوة العسكرية وحدها، نظراً لأنه لن يكون بمقدورهم أن يظلوا غير مبالين بالضغوط الدولية المتزايدة الرامية لإنهاء الصراع في اليمن، ووضع حد للمعاناة الإنسانية الهائلة الناجمة عن ذلك.
مشاركة :