التغذية الصحية والرفاهية العاطفية تكافحان اكتئاب كبار السن

  • 10/1/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

طرحت دراسة مراجعة علمية لباحثين من الولايات المتحدة وتايوان مزيداً من الدعم لحقيقة العلاقة بين نمط التغذية وإصابات كبار السن بالاكتئاب Depression. وضمن عدد سبتمبر (أيلول) الحالي من مجلة «مراجعات التغذية» Nutrition Reviews الصادرة عن جامعة أكسفورد، قال الباحثون في ملخص الدراسة: «قد يكون النظام الغذائي أحد العوامل البيئية القابلة للتعديل في تقليل أعراض الاكتئاب أو تخفيف تطور الإصابة بالاكتئاب. وكان الهدف من هذه المراجعة المنهجية التحليلية هو استكشاف العلاقة بين الأنماط الغذائية الصحية وخطر الاكتئاب لدى كبار السن (من أعمار تزيد على 65 سنة). وتم تحليل ما مجموعه 18 دراسة علمية. وأظهرت النتائج أن النمط الغذائي الصحي يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب لدى كبار السن». اكتئاب كبار السن وتتفق الأوساط الطبية على أنه يجدر ألا يُعاني كبار السن من الاكتئاب. وتحت عنوان «الاكتئاب ليس جزءاً طبيعياً من التقدم في السن»، تفيد المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، قائلة: «الاكتئاب ليس جزءاً طبيعياً من التقدم في السن. والاكتئاب ليس مجرد الشعور بالحزن أو المشاعر التي نشعر بها عند الحزن على فقدان أحد الأحباء، بل هي حالة طبية حقيقية يمكن علاجها، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، فإن كبار السن معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بالاكتئاب. وتختلف تقديرات انتشار الإصابات بالاكتئاب الشديد لدى كبار السن، فلدى الذين يعيشون في المجتمع، هي ما بين 1 إلى 5 في المائة. وعند الذين يحتاجون رعاية منزلية (لا يتمكنون من الاعتماد على أنفسهم) ترتفع النسبة إلى 14 في المائة، وإذا كنت قلقاً بشأن أحد أفراد أسرتك، فاعرض عليه الذهاب معه أو معها لرؤية مقدم الرعاية الصحية ليتم تشخيصه وعلاجه». وتفيد المؤسسة القومية الأميركية للشيخوخة NIA قائلة: «الشعور بالإحباط من حين لآخر هو جزء طبيعي من الحياة، ولكن إذا استمرت هذه المشاعر بضعة أسابيع أو أشهر، فقد تكون مصاباً بالاكتئاب». وتحت عنوان «كيف يختلف الاكتئاب عند كبار السن؟»، توضح المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ذلك بأمرين. هما: أن كبار السن عُرضة بشكل أعلى للإصابة بالاكتئاب، وأن الاكتئاب لديهم لا يتم تشخيصه أو لا تتم معالجته بشكل فاعل. وقالت: «كبار السن في خطر متزايد للإصابة بالاكتئاب. ونحن نعلم أن حوالي 80 في المائة من كبار السن يعانون من حالة مرضية مزمنة واحدة على الأقل، و50 في المائة منهم يعانون من حالتين أو أكثر. ويعتبر الاكتئاب أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون أيضاً من أمراض أخرى (مثل أمراض القلب أو السرطان) أو الذين تصبح قدراتهم البدنية الوظيفية محدودة». وأضافت «غالباً ما يتم الخطأ في تشخيص كبار السن أو علاجهم، من الاكتئاب. وقد يخطئ مقدمو الرعاية الصحية في اعتقاد أن أعراض الاكتئاب لدى كبار السن، هي مجرد رد فعل طبيعي للمرض أو التغيرات الحياتية التي قد تحدث مع تقدمهم في العمر، وبالتالي لا ينظرون إلى الاكتئاب على أنه أمر يجب علاجه. وغالباً ما يشارك كبار السن أنفسهم هذا الاعتقاد ولا يطلبون المساعدة، لأنهم لا يفهمون أنه يمكنهم الشعور بتحسن مع العلاج المناسب». رفاهية عاطفية وتُعتبر «الرفاهية العاطفية» Emotional Well - Being أحد الاحتياجات النفسية للمتقدمين في العمر. وبالتعريف الطبي، فإنها تمثل القدرة على إنتاج المشاعر والحالات المزاجية والأفكار ذات الطابع الإيجابي، والتكيف عند مواجهة الصعوبات والمواقف التي تتسبب بالتوتر النفسي. وكبار السن بالذات بحاجة إلى تلك القدرات في «الرفاهية العاطفية» للتغلب والتكيف مع عدة ظروف صحية ومرضية وإعاقات بدنية وتدني تواصل الأبناء، قد يتعرضون لها. وعن علاقة النظام الغذائي بالرفاهية العاطفية، تقول الدكتورة إيفا سيلهوب، الطبيبة بجامعة هارفارد والمديرة السابقة لمعهد بنسون هنري لطب العقل والجسم Mind - Body Medicine في مستشفى ماساتشوستس العام، ما ملخصه إن «ما نأكله مهم لكل جانب من جوانب صحتنا، وخاصة صحتنا العقلية. وتدعم العديد من التحليلات البحثية الحديثة، التي بحثت في نتائج دراسات متعددة، أن هناك على وجه التحديد، صلة بين ما يأكله المرء وخطر الإصابة بالاكتئاب. وخلصت أحد التحليلات إلى أن النمط الغذائي الذي يتسم بتناول كميات كبيرة من الفاكهة، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والأسماك، وزيت الزيتون، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ومضادات الأكسدة، مع قلة تناول الأطعمة الحيوانية، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب. بينما يرتبط ارتفاع استهلاك اللحوم الحمراء و/ أو المصنعة، والحبوب المكررة، والحلويات، ومنتجات الألبان عالية الدسم، والزبدة، والبطاطا، ومرق اللحم عالي الدهون، وانخفاض تناول الفواكه والخضراوات، بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب». وتوضح الدكتورة مونيك تيلو، الطبيبة بمستشفى ماساتشوستس العام ومديرة الأبحاث الأكاديمية لبرنامج نمط الحياة الصحية في جامعة هارفارد، قائلة: «هناك أدلة دامغة تدعم فوائد اتباع نظام غذائي صحي لاضطرابات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب. وثمة مجال كامل من الطب يسمى التغذية النفسية Nutritional Psychiatry». وعرضت الدكتورة مونيك تيلو نتائج إحدى الدراسات بقولها: «وجد الباحثون أن اتباع نظام غذائي صحي (نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي Mediterranean Diet كمثال) كان مرتبطاً بانخفاض ملحوظ في خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب. بما في ذلك الفواكه والخضراوات، والحبوب الكاملة، والبذور والمكسرات، مع بعض البروتينات الخالية من الدهون مثل الأسماك واللبن، وتقليل الدهون الحيوانية واللحوم المصنعة». وفي دراسة سابقة لباحثين من هولندا وإسبانيا، تم نشرها ضمن عدد يناير (كانون الثاني) 2018 من «مجلة الاضطرابات العاطفية» Journal of Affective Disorders، راجع الباحثون علاقة جودة التغذية ومخاطر الإصابة بالاكتئاب. وقالوا في نتائجها: «ارتبط الالتزام بنظام غذائي عالي الجودة (مثل نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي)، بانخفاض خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب بمرور الوقت. وخاصة مع تناول الأسماك والخضراوات». أسباب ومظاهر متعددة لاكتئاب كبار السن > تذكر المؤسسة القومية الأميركية للشيخوخة NIA أن هناك العديد من الأمور التي قد تكون عوامل خطر Risk Factorsللإصابة بالاكتئاب، ولكنها لا تسبب الاكتئاب بالضرورة. وأعطت أمثلة لها لدى كبار السن، منها: - الحالات الطبية، مثل السكتة الدماغية أو السرطان - مشاكل النوم - العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة - قلة ممارسة الرياضة أو النشاط البدني - تدني القدرات البدنية الوظيفية التي تجعل الانخراط في أنشطة الحياة اليومية أمراً صعباً وقالت: «قد يكون من الصعب التعرف على وجود الاكتئاب لدى كبار السن، لأن كبار السن قد يعانون من أعراض مختلفة عن الأشخاص الأصغر سناً. وبالنسبة لبعض كبار السن المصابين بالاكتئاب، فإن الحزن ليس من أعراضه الرئيسية لديهم. وبدلاً من ذلك يمكن أن يشعروا بعدم اهتمام بالأنشطة، وقد لا يكونون مستعدين للتحدث عن مشاعرهم. ويمكن أن تبدو علامات الاكتئاب وأعراضه مختلفة حسب الشخص وخلفيته الثقافية. وقد يُعبر الأشخاص من مجتمعات مختلفة عن المشاعر والحالات المزاجية واضطرابات المزاج - بما في ذلك الاكتئاب - بطرق مختلفة. وفي بعض المجتمعات، قد يظهر الاكتئاب كأعراض جسدية، مثل الأوجاع أو الآلام أو الصداع أو التشنجات أو مشاكل في الجهاز الهضمي». وأضافت «فيما يلي قائمة بالأعراض الشائعة، خاصة إذا استمرت لأكثر من أسبوعين. ومع ذلك، نظراً لأن الناس يعانون من الاكتئاب بشكل مختلف، فقد تكون هناك أعراض غير موجودة في هذه القائمة. ومنها: - استمرار المزاج الحزين أو القلق أو الفارغ - الشعور باليأس أو الذنب أو انعدام القيمة أو العجز - التهيج أو القلق أو صعوبة الجلوس - فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة، بما في ذلك الجنس - قلة الطاقة أو التعب - التحرك أو التحدث ببطء أكثر - صعوبة التركيز أو التذكر أو اتخاذ القرارات - صعوبة في النوم أو الاستيقاظ مبكراً جداً في الصباح أو كثرة النوم - الأكل أكثر أو أقل من المعتاد، عادة مع زيادة الوزن أو فقدانه غير المخطط له». اكتئاب كبار السن... خطوات للوقاية والمعالجة > يتساءل الكثير من الناس عما إذا كان يمكن الوقاية من الاكتئاب وكيف يمكن تقليل مخاطر الإصابة بالاكتئاب. رغم أنه لا يمكن منع معظم حالات الاكتئاب، فإن تغييرات نمط الحياة الصحية يمكن أن يكون لها فوائد طويلة المدى للصحة النفسية والعقلية. وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها: - كن نشيطاً بدنياً واتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً. قد يساعد هذا في تجنب الأمراض التي يمكن أن تسبب الإعاقة أو الاكتئاب. - احصل على 7 - 9 ساعات من النوم كل ليلة. - ابق على اتصال مع الأصدقاء والعائلة. - شارك في الأنشطة التي تستمتع بها. - أخبر الأصدقاء والعائلة والطبيب عندما تعاني من أعراض الاكتئاب. وتفيد المؤسسة القومية الأميركية للشيخوخة قائلة: «والاكتئاب لدى كبار السن يمكن علاجه، حتى الاكتئاب الشديد. ومن المهم طلب العلاج بمجرد أن تبدأ في ملاحظة العلامات. ويمكن أن تسبب بعض الأدوية (بعض أدوية علاج ارتفاع الضغط مثلاً) أو الحالات الطبية (كسل الغدة الدرقية أو فقر الدم مثلاً) في بعض الأحيان نفس أعراض الاكتئاب. ويمكن للطبيب استبعاد هذه الاحتمالات من خلال الفحص البدني والتعرف على صحتك وتاريخك الشخصي والاختبارات المختبرية. وإذا وجد الطبيب أنه لا توجد حالة طبية تسبب الاكتئاب، فقد يقترح تقييماً نفسياً وسيساعد هذا التقييم في تحديد التشخيص وخطة العلاج». وتضيف أن العلاج النفسي Psychotherapy يمكن أن يساعد الشخص على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوك المزعج. ومن أمثلة أساليب العلاج النفسي للاكتئاب: «العلاج السلوكي المعرفي» CBT. ويوضحه المتخصصون النفسيون في مايوكلينك بالقول: «هو نوع شائع من العلاج، ويشمل حضور عددٍ محدود من الجلسات للمحادثة الكلامية مع المُعالِج النفساني بطريقة منظَمة. وتساعدك طريقة العلاج السلوكي المعرفي على أن تُدرك التفكير غير الصحيح أو السلبي، حتى تتمكن من فهم المواقف الصعبة بشكل أكثر وضوحاً والاستجابة لها بطريقة أكثر فاعلية. ويمكن أن تكون طريقة العلاج السلوكي المعرفي أداة مُفيدة جداً - إما بمُفردها أو باشتراكها مع علاجاتٍ أخرى - في علاج الاكتئاب. ومع ذلك، ليس كل من يخضع لطريقة العلاج بالسلوك المعرفي هو بالفعل مصاب بحالة صحية عقلية. بل يُمكن أن تكون طريقة العلاج السلوكي المعرفي أداة فعالة لمساعدة أي شخصٍ على تعلم كيفية إدارة ظروف الحياة المُجهِدة بشكلٍ أفضل». أما بالنسبة للأدوية، فتتوفر عدة خيارات منها، يتم وصفها بالإشراف الطبي على المتابعة لمدى الاستجابة لها.

مشاركة :