ما زال الغموض يحيط بطبيعة مرض كوفيد الطويل الحقيقية رغم أن الأطباء باتوا يعرفون المزيد عنه اليوم. حيث يؤدي فيروس كورونا المستجد، إلى إصابة بعض المرضى بما يُسمى «كوفيد الطويل» الذي تبقى أعراضه ظاهرة لأشهر عدة. قالت الطبيبة السويسرية ميسم نعمة، خلال مؤتمر نظمه معهد باستور «يجب إجراء مزيد من الأبحاث على مرض كوفيد طويل الأمد والمرضى المصابين به». مثل عدة باحثين آخرين في جميع أنحاء العالم، تعمل الطبيبة على إعطاء تعريف أفضل لمرض كوفيد الطويل الذي يتمثل في استمرار الأعراض لدى مريض أصيب قبل أشهر بالفيروس المسبب لـ«كوفيد - 19». إثر بداية الأزمة الصحية في عام 2020، أفاد الكثير من المرضى أنهم ما زالوا يعانون بعد فترة طويلة إصابتهم بالمرض من أعراض، مثل التعب وصعوبة التنفس وفقدان حاسة الشم بشكل دائم ... اليوم، ثمة إجماع على وجود هذه الظاهرة. إذ يدرك غالبية الباحثين والكثير من السلطات الصحية أن الأعراض الطويلة الأمد تستمر لدى بعض المرضى، بمن فيهم أولئك المصابون بأشكال خفيفة من «كوفيد». قدرت نعمة، بعد دراسة عدة مئات من المرضى، أن أكثر من ثلثهم يستمرون في المعاناة من عرض واحد على الأقل بعد سبعة أو ثمانية أو تسعة أشهر من الإصابة. لكن هذه ليست سوى نقطة انطلاق. فمن غير المعروف ما الذي يمكن أن يتسبب في استمرار هذه الأعراض: هل تبقى كمية صغيرة من الفيروس في الجسم؟ هل يستمر الضرر الذي يسببه لبعض أعضاء الجسم، سواء كان الضرر مرتبطاً بالفيروس نفسه أو برد الفعل المناعي؟ هل هناك مكون نفسي بحت؟ لكن السؤال حول الأسباب يؤدي إلى سؤال آخر: هل هناك كوفيد واحد طويل؟ أم أننا نصنف تحت المصطلح نفسه وقائع مختلفة، بين مرضى يعانون من أشكال خفيفة من كوفيد وغيرهم ممن أصيبوا بمضاعفات استدعت دخولهم المستشفى أو حتى وضعهم في العناية المركزة؟ في مقال نشر في صحيفة «نيويورك تايمز»، كتب طبيب الرئة الأميركي آدم غافني أن «كوفيد الطويل يعني الآن أشياء مختلفة في سياقات مختلفة ولأشخاص مختلفين». وإن كان غافني لا ينكر الحاجة إلى أخذ كل مريض يعاني من أعراض طويلة الأمد على محمل الجد، فقد عبر عن خشيته من شكل من أشكال الذعر الإعلامي. ففي مواجهة تنوع الحالات التي تدخل ضمن تعريف كوفيد الطويل، أعرب عن شكوكه في وجود مرض مرتبط فقط بالإصابة بفيروس كورونا. ولكن، منذ بضعة أسابيع، يذهب الكثير من الدراسات، مثل دراسة نعمة، في اتجاه يتحدث عن وجود خصوصية لكوفيد. فعلى عكس الدراسات التي أُجريت بسرعة في بداية الوباء، فإنها تقارن تواتر الأعراض مع مرضى لم يصابوا بها أو أُصيبوا بأمراض أخرى. هذه هي حالة الدراسة التي نشرها فريق بريطاني في نهاية سبتمبر في مجلة «بلوس وان». فاستناداً إلى بيانات جُمعت من نحو 300 ألف مريض، لاحظ الباحثون أن الأعراض النموذجية لكوفيد الطويل أكثر تواترًا لدى مرضى كوفيد السابقين مقارنة بمرضى الأنفلونزا الموسمية. وذكرت الدراسة أن هذا «يشير إلى أن أصل (الأعراض) يمكن أن يكون مرتبطاً جزئياً بالعدوى بفيروس (سارس-كوف-2)، وهو الفيروس المسبب لكوفيد». ومع ذلك، ما زال من الصعب الخروج باستنتاجات لأن الدراسة وجدت مجموعة متنوعة من الأعراض اعتماداً على شدة المرض الأصلي وعمر المرضى.
مشاركة :