قبل ثلث قرن كتبت عدة مقالات عن ضرورة تأسيس علم الجهل، وفي عام 1991 صدر كتابي (بنية التخلف) وفيه كررت التأكيد على الأهمية القصوى لتأسيس علم الجهل ثم أصدرت عددًا من الكتب تحت عنوان رئيس هو: (تأسيس علم الجهل لتحرير العقل) فظهر من يزعم أنني مسبوق إلى تأسيس هذا العلم ولما بحثت وجدت كل ما صدر يدور حول أساليب التجهيل والتضليل، وهذا ليس جديدًا بل هو معروف منذ وُجدت المجتمعات، وهو يختلف نوعيًا عن علم الجهل الذي لا يستهدف فقط الحماية من التضليل، وإنما يستهدف تفكيك بنية الجهل بوصفه كيانًا مستحكمًا يتحكم بالعقل البشري ويفْصل بين الأمم وهو بنية صلدة ذات صمود تاريخي عميق. من ينتبه للأمثلة التي يوردها صاحب المقطع سوف يتضح له أن ما يجري تداوله في أمريكا هو العمل على كشف المعلومات الكاذبة أو المزوَّقة وحجب المعلومات الصحيحة، وهذا تضليل طارئ وليس جهلًا بنيويًّا عامًا، أما التضليل فهو معروف منذ القدم مثل ما تفعله شركات التبغ وغيرها، وهذا ليس عن الجهل كبنية عامة متوارثة بل عن التجهيل وحجب المعلومات وتأكيد سلامة المنتجات، وقد أوضحتُ الفرق بين بنية الجهل المتوارثة وبين التجهيل والتدليس، فالتجهيل معروف منذ أزمان سحيقة أما علم الجهل فأنا أول من قال به وقد أوضحتُ الفرق في كتابي (الإنسان كائن تلقائي).
مشاركة :