بينما أعلن المركزي الأوروبي، عن عزمه تقليص برنامجه الكبير الخاص بشراء السندات، عطفاً على توقعات تبشر بانتعاش اقتصاد منطقة اليورو، أكدت مديرته كريستين لاجارد، أن القرار لا يشمل العودة للسياسات المالية غير الصارمة. وفي الوقت الذي بدأت تسلك فيه العائدات العالمية، طريقها لمستويات ما قبل اندلاع فيروس كوفيد-19 وارتفاع معدلات التضخم حول العالم، تعكف البنوك المركزية الكبيرة، على دراسة ما إذا كان سيتم التخلص التدريجي من برامج التحفيز الطارئة وكيفية القيام بذلك. ومن المقرر، أن تجتاح هذه القرارات، أسواق المال العالمية، في الوقت الذي يلقي فيه متغير دلتا شديد العدوى، بأعباء ثقيلة على كاهل الاقتصاد العالمي. ويتوقع المحللون، إبقاء المركزي، على سعر الفائدة الرئيسي عند أقل من الصفر والاستمرار في شراء السندات بحجم كبير ولمدة أطول، حتى بعد الانتهاء من برنامج الطوارئ البالغ 1.85 تريليون يورو (2.2 تريليون دولار)، الذي ينتهي بداية العام المقبل، بحسب وول ستريت جورنال. وأعلن المركزي الأوروبي، قيامه بشراء السندات من خلال برنامج الطوارئ وبوتيرة أكثر بطئاً على مدى الـ 3 أشهر المقبلة. وتأتي هذه الخطوة، بمثابة انعكاس لبرنامج تم اتخاذه في مارس الماضي لزيادة وتيرة شراء السندات، بُغية احتواء الارتفاع في تكاليف الاقتراض. ويرجح بعض خبراء الاقتصاد، تقليص المركزي الأوروبي، لعمليات الشراء بما بين 60 إلى 70 مليار يورو من دين منطقة اليورو شهرياً، من واقع 80 مليار يورو في الوقت الحالي، التي لا تزال كافية لامتصاص السندات والتي من المتوقع أن تصدرها منطقة اليورو خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري. وفي أميركا، أشار رئيس الاتحاد الفيدرالي باول جيروم، لخفض البنك المركزي لشراء الأصول نهاية العام الحالي. لكن ربما يقف ضعف نمو الوظائف في أغسطس الماضي، حائلاً دون تنفيذ البنك لخطته الرامية للبدء في خفض مشتريات السندات البالغة 120 مليار دولار شهرياً. حقق اقتصاد منطقة اليورو نمواً قوياً خلال الأشهر القليلة الماضية، مدفوعاً بزيادة الإنفاق الأسري، في الوقت الذي تم فيه تخفيف القيود الاجتماعية الهادفة لاحتواء انتشار فيروس كوفيد-19. ويتوقع المحللون، المزيد من الانتعاش، حيث توجه المستهلكون لإنفاق جزء مقدر من مدخراتهم التي جمعوها إبان فترة الحجر المنزلي. وترجح لاجارد، عودة اقتصاد منطقة اليورو، لمستويات ما قبل الجائحة، نهاية العام الجاري، في وقت مبكر مما كان متوقعاً له، خاصة مع استفادة قطاع الخدمات من عودة الناس لمرافق الترفيه والمطاعم والسفر. كما عاد قطاع الصناعة بقوة، بصرف النظر عن استمرار تراجع وتيرة الإنتاج، نتيجة نقص المواد والمعدات وشح العمالة. ارتفع معدل التضخم في دول المنطقة البالغ عددها 19 دولة، نحو 3% في أغسطس الماضي، مسجلاً أعلى معدل له في غضون ما يقارب 10 سنوات، متجاوزاً النسبة المستهدفة من قبل المركزي الأوروبي عند 2%، بالمقارنة مع تضخم سعر المستهلك الأميركي الذي بلغ 5.4% في يوليو. ويتوقع المحللون، المزيد من الارتفاع في معدلات التضخم في منطقة اليورو، على مدى الأشهر القليلة المقبلة، قبل أن تعود لمستوياتها السابقة في العام المقبل، مدفوعة بأسعار الطاقة ونقص الإمدادات. وفي ظل هذه الظروف، يطالب بعض المسؤولين في المركزي الأوروبي، بوقف فوري لسياسات التحفيز الطارئة، وسط هذا الارتفاع في معدلات التضخم. كما يتوقع العديد من هؤلاء المحللين، صدور قرار، بنهاية هذا البرنامج خلال ديسمبر المقبل، رغم أنه من المرجح، طرح البنك لبرنامج تعويضي، عبر تنشيط برنامج قديم لشراء السندات. وفي حين، لم يتطلب متغير دلتا الجديد، لجوء الحكومات الأوروبية لفرض إجراءات إغلاق، إلا أنه ربما يبطئ وتيرة تعافي التجارة الدولية والفتح الكامل لاقتصاد المنطقة. وفي غضون ذلك، تعاني المنطقة، من نقص يقدر بنحو 2 مليون في القوة العاملة، مقارنة بفترة ما قبل الوباء، خاصة وسط فئة الشباب وذوي الخبرة الدنيا. ما زال اقتصاد منطقة اليورو، دون مستويات ما قبل الجائحة بنحو 3% وذلك حتى منتصف السنة الحالية، رغم عودة الاقتصاد الأميركي واقتصادات عالمية أخرى، للأحجام التي كانت عليها قبل انتشار فيروس كورونا، بحسب شركة أكسفورد إيكونيميكس التحليلية.
مشاركة :