القراءة مفتاح المعارف والعلوم، ووسيلة العقل للانطلاق نحو الكون المنظور، وهي وعاء الفكر ومادته، وفيها تنبت القيم، ويترعرع الخيال، وتسمو الروح وتنفك من أسر الطين. وإذا كان الآباء قد حملوا أمانة التنشئة الصالحة لأبنائهم، وجهدوا كي يوفروا لهم المنزل الجميل والسيارة الوثيرة، واللباس الأنيق، وما لذّ من الطعام وطاب، ولم يفتهم أنْ يملؤوا كل ركن بأمتع اللعب، فهل قصروا؟ نعم. لأنّ ذلك لا يتعدى أن يكون إشباعا للحاجات الحسيّة، وهي ضرورية ولكنْ لنضج العقل، وتفتّح المدارك، ويقظة الوجدان أنواع أخرى من الرعاية وأهمّها القراءة. إنّ القراءة تشكل الجانب الأهم من شخصية الإنسان وعقله، فمتى نبدأ القراءة للطفل؟ ولماذا؟ إنّ الفترة الخصبة للقراءة للطفل تبدأ وهو جنين في بطن أمّه إلى بلوغه السادسة من عمره، ومجال تأثيرها عليه لا حدود له ولكن سأكتفي بالإشارة إلى بعض فوائدها فهي: - تنمي ملكة الخيال، وتزيد من قدرته العقلية على الإبداع. - تضيف إلى الطفل الخبرات اللازمة لمواجهة المواقف وحل المشكلات. - توجِد دفئاً في العلاقة بين الطفل وأبويه، فيزول قلقه، ويُشبَع عاطفياً. - تثري قاموسه اللغوي وتعزز ثقته في نفسه ويصبح أكثر قدرة على التعبير، وتكسبه مهارة الإلقاء. - تشبع فضوله في المعرفة، وتجيب عن التساؤلات التي تشغل باله. - تنمي فصاحته، فيغدو متحدثاً بارعاً لا يحتاج إلى تدريب في فنون الإلقاء والخطابة. - تمتعه وتنشط ذهنه وتزيل عنه الملل. - تقي الطفل من خطر استخدام الأجهزة الذّكية، فالتوحد، وتشتّت الذهن، والقلق، والتشنجات، وفرط الحركة، وصعوبات التعلم أصبحت ظواهر تهدد البنية الصحية لمجتمعنا القادم. - عندما نعود الطفل على القراءة فإننا نكون قد رسمنا له طريقاً للنّجاح. هذا غيض من فيض مزايا القراءة للطفل، فما لا يدرك جلّه لا يترك كله.
مشاركة :