بعد أن أقرت وزارة التعليم تدريس مادة التفكير الناقد، يفترض على الوزارة أن تراعي أهمية إقرار ومنهجة العلوم التطبيقية والإنسانية الأخرى بجميع فروعها وتفرعاتها المختلفة بما فيها علوم الفلسفة والمنطق، التي نتطلع أن يتم تعليمها بشكل رسمي، وإضافتها لقائمة المناهج التعليمية في القريب العاجل. على اعتبار بأن تلك العلوم مكمل معرفي وذهني أيضا، وبكل تأكيد تقريرها سيساهم في نجاح مادة التفكير الناقد والوصول إلى مهارة الفكر الحيادي المجرد الذي سيكون له أثره الواضح في رفع سقف الوعي، وتصور الأحداث وقراءتها بشكل موضوعي وصحيح بعيداً عن الانفعالات العاطفية التي قادتها الجماعات المتأسلمة في عزفها على وتر الشعوبية الدينية والانتماءات المذهبية الطائفية التي تغذي عنصر الكراهية وتبتعد عن قيم الوسطية والاعتدال ومنهج التسامح. ومن الراجح أن جميع العلوم التطبيقية والإنسانية بما فيها مادة التفكير الناقد، هي بمثابة حصانة اجتماعية ضد تيارات التطرف والغلو والإرهاب، فهي مادة تقوم في أساسها على التحليل وفرز المعلومات وقراءتها بموضوعية بعيدا عن الانتماءات والتوجهات الحزبية المتحيزة لجماعاتها وبيئاتها المتطرفة من خلال توجيه القيم والمفاهيم إلى الصالح العام الذي يخدم الإنسانية في نهاية المطاف. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعداد تصور سليم بهذه الطريقة الآمنة، دون إعمال خاصية العقل النقدي الذي يضبط انفعالاتنا ويوظفها في مكانها الصحيح، عن طريق تحليل الأفكار المعروضة، والأفكار المتواترة وتحليلها بيانياً، وفرز الصحيح منها والخاطئ، بل ويتعدى الأمر في ذلك إلى الوصول إلى الاستنتاجات ووضع الحلول الممكنة من خلال القوانين والقواعد الخاصة في هذا المنهج، وبطريقة منطقية وصحيحة في أغلب الجوانب الحياتية، والتي تبتعد في رأيها عن منهج التعصب والإقصاء والحدية المطلقة التي كانت سببا في تدهور حالة الانسجام، والتعايش السلمي بين الناس على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم.
مشاركة :