الجزائر - لم تسع الساعات الإضافية التي أقرتها السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، لصالح الأحزاب السياسية والمستقلين من أجل إيداع ملفات لوائح مرشحيها للانتخابات المحلية المقررة نهاية شهر نوفمبر القادم بالجزائر، من رفع حالة الضغط والارتباك لدى هؤلاء، بسبب الصعوبات التي اعترت تشكيل تلك اللوائح، في ظل مناخ لا يختلف كثيرا عن الاستحقاقات الانتخابية السابقة. وانتهت منتصف ليل الخميس، مهلة إيداع لوائح المرشحين للانتخابات لدى سلطة تنظيم الانتخابات، وسط أجواء من القلق لدى الأحزاب السياسية والمستقلين، حول اختبار قبولها، في ظل صعوبات اعترت تشكيل تلك اللوائح إلى درجة أن بعضها أطلق إعلانات للترشح في صفوفه، نظرا لنفور الشارع الجزائري من الممارسة الجزائرية. وإذ يختلف الوضع من حزب إلى آخر، بحسب الانتشار والخبرة والهيكلة المحلية، فإنه حتى الأحزاب الكبرى لم تسلم من نفور الجزائري من الفعل السياسي والانتخابي، حيث سبق لها أن بحثت عن مرشحين في صفوفها بعدما كانت الزحمة على أبوابها، وهو ما يترجم استمرار رفض الشارع الجزائري المشاركة في آخر مراحل إعادة بناء مؤسسات الدولة، رغم أن الأمر يتعلق بمؤسسات الدولة المحلية التي لها احتكاك مباشر معه. وفي هذا الشأن تناقلت أصداء في محافظة عنابة (شرق البلاد) عن عجز حزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية في البرلمان الجديد، من دخول عدة بلديات بسبب الصعوبات والخلافات حول لوائح المرشحين، وهو السيناريو الذي شهدته عدة أحزاب توصف بـ"الكبرى". وفي محافظة بجاية الواقعة في إقليم القبائل، أعلن الرئيس المحلي للجنة تنظيم الانتخابات للإذاعة المحلية، بأن أربع بلديات من جملة بلديات المحافظة، لم تتقدم فيها ولا لائحة لخوض غمار الانتخابات، ويتعلق الأمر ببلديات أقبو، توجة، فرعون، ونسيسنة، وهو ما يكرس القطيعة المستمرة بين الشارع في المنطقة وبين الاستحقاقات الانتخابية المنتظمة منذ ديسمبر 2019. ويتشكل التوزيع الجغرافي المحلي في الجزائر (البلديات والولايات)، من ثمان وخمسين ولاية و1571 بلدية، وهو الأمر الذي يتطلب جهودا وانتشارا كبيرين من طرف الأحزاب لتغطيته، ومع ذلك وصلت أحزاب الأغلبية البرلمانية (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم) من الدخول في أغلبية تلك الهيئات، في انتظار ترسيم تلك اللوائح بالقبول أو الرفض من طرف السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات. ورغم أن السلطة كانت تطمح لتنظيم انتخابات دون مقاطعة، خاصة وأن للاستحقاق خصوصيات مميزة، كونه يتعلق بالعلاقة الأولى والمباشرة بين المواطن وبين الواجهة الأولى للحكومة، فإن عددا من الأحزاب أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات لأسباب سياسية وتنظيمية. ففيما أعلن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال وجبهة العدالة والتنمية وطلائع الحريات، عن رفضها خوض الاستحقاق نتيجة عدم اقتناعها بجدوى الاستحقاق في ظل المناخ السياسي القائم، وعدم وجود نية لدى السلطة للتعاطي مع مطالب الطبقة السياسية، خاصة في ما يتعلق بسقف التوقيعات المطلوب لدخول أي حزب للانتخابات (800 ألف توقيع)، فإن قوى سياسية أخرى توصف بـ"المجهرية" أو الحديثة النشأة، وجدت نفسها خارج السباق مبكرا، لأنها فشلت في استقطاب مناضلين وأنصار لصفوفها، ورغم أن بعضها أطلق إعلانات لتشكيل لوائح مرشحين باسمها، إلا أنها عجزت عن تحقيق هدفها. وفي خطوة تهدف إلى تفادي سيناريو انتخابات بلا مرشحين، أقرت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تسهيلات جديدة للأحزاب السياسية واللوائح المستقلة، تتضمن منح مهلة جديدة لهؤلاء من أجل استكمال ملفات اللوائح إلى غاية نهاية الفترة القانونية لدراستها، بغية تحقيق ما أسماه بيانها، بـ”تكافؤ الفرص بين الجميع”. واستثنت سلطة التنظيم من الإجراء، محضر مراقبة استمارات اكتتاب التوقيعات الصادر عن رئيس اللجنة البلدية لمراجعة القوائم الانتخابية. وأمام الراغبين في خوض غمار الانتخابات المحلية، مهلة تصل إلى نهاية شهر أكتوبر الجاري، يتم خلالها إيداع الملفات ودراستها والطعن في النتائج النهائية واستخلاف المشطوبين، على أن تنطلق الحملة الانتخابية في الرابع من شهر نوفمبر الداخل. وكانت السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، قد راجعت العديد من التدابير المتصلة بالنظام الانتخابي، على غرار عدم إلزامية المناصفة بين العنصرين الذكري والأنثوي في لوائح الترشيح، وتركت لنفسها سلطة التقدير لتطبيق القانون على اللائحة من عدمه، في ظل عدم الاستعداد الظاهر في العديد من المناطق الداخلية والريفية لولوج المرأة المشهد السياسي.
مشاركة :