نسبة مقاطعة غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق

  • 10/12/2021
  • 01:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد‭ - (‬وكالات‭ ‬الأنباء‭): ‬سجلت‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬العراقية‭ ‬المبكرة‭ ‬نسبة‭ ‬مقاطعة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وفق‭ ‬أرقام‭ ‬نشرت‭ ‬أمس‭ ‬الإثنين،‭ ‬وبالكاد‭ ‬حفّزت‭ ‬الناخبين‭ ‬الغاضبين‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬المزمن‭ ‬والخدمات‭ ‬العامة‭ ‬المتردية‭ ‬ونظام‭ ‬سياسي‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬ظروف‭ ‬حياتهم‭. ‬ في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬البلاد‭ ‬تنتظر‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حوادث‭ ‬تذكر‭. ‬ وأعلن‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬العليا‭ ‬للانتخابات‭ ‬جليل‭ ‬عدنان‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬بعد‭ ‬ظهر‭ ‬أمس‭ ‬الإثنين‭ ‬البدء‭ ‬بإصدار‭ ‬النتائج‭ ‬الأولية‭ ‬في‭ ‬عشر‭ ‬محافظات‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬18‭ ‬محافظة‭ ‬عراقية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬النجف‭ ‬وكربلاء‭ ‬في‭ ‬الوسط،‭ ‬والأنبار‭ ‬غرباً‭ ‬وصلاح‭ ‬الدين‭ ‬شمالاً‭. ‬ ويجري‭ ‬نشر‭ ‬أسماء‭ ‬الفائزين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دائرة‭ ‬من‭ ‬الدوائر‭ ‬الـ83‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬تباعاً‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬نشر‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليها،‭ ‬ولذا‭ ‬لم‭ ‬تتضح‭ ‬بعد‭ ‬أحجام‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬المتنافسة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭ ‬الـ329،‭ ‬فيما‭ ‬تلزم‭ ‬الأحزاب‭ ‬الكبرى‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬الصمت‭ ‬بشأن‭ ‬عدد‭ ‬المقاعد‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭. ‬ ودعي‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬يحق‭ ‬لهم‭ ‬التصويت‭ ‬للاختيار‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3200‭ ‬مرشح‭. ‬لكن‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬الأولية‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ ‬41%،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬مليون‭ ‬ناخب‭ ‬مسجل،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أعلنت‭ ‬المفوضية‭ ‬العليا‭ ‬للانتخابات‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬الاثنين‭. ‬وتمثّل‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬مقاطعة‭ ‬قياسية‭ ‬في‭ ‬خامس‭ ‬انتخابات‭ ‬يشهدها‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬إثر‭ ‬غزو‭ ‬أمريكي‭. ‬ ففي‭ ‬العاصمة‭ ‬بغداد،‭ ‬تراوحت‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬بين‭ ‬31‭ ‬و34‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬وفق‭ ‬المفوضية‭. ‬وفي‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع‭ ‬التي‭ ‬زارها‭ ‬صحفيون‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬العاصمة،‭ ‬كان‭ ‬حضور‭ ‬الناخبين،‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬المسنين،‭ ‬ضعيفاً‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬44.52%،‭ ‬وفق‭ ‬الأرقام‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬اعتبرها‭ ‬البعض‭ ‬مضخمة‭ ‬حينذاك‭. ‬ وتمت‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬انتخابات‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬قبل‭ ‬موعدها‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬بهدف‭ ‬تهدئة‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭ ‬بعد‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬خريف‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬ضد‭ ‬الفساد‭ ‬وتراجع‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬والتدهور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬غني‭ ‬بالثروات‭ ‬النفطية،‭ ‬لكن‭ ‬الانتفاضة‭ ‬قوبلت‭ ‬بقمع‭ ‬دموي،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬نحو‭ ‬600‭ ‬شخص‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألفاً‭ ‬بجروح،‭ ‬تلته‭ ‬حملة‭ ‬اغتيالات‭ ‬ومحاولات‭ ‬اغتيال‭ ‬وخطف‭ ‬لناشطين،‭ ‬نسبت‭ ‬إلى‭ ‬فصائل‭ ‬مسلحة‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تتمتع‭ ‬بنفوذ‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ ويتوقع‭ ‬خبراء‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬هيمنتها‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬اختار‭ ‬ناشطون‭ ‬وأحزاب‭ ‬منبثقة‭ ‬عن‭ ‬التظاهرات‭ ‬مقاطعتها،‭ ‬معتبرين‭ ‬أنها‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬مناخ‭ ‬غير‭ ‬ديمقراطي‭. ‬وبذلك،‭ ‬سيبقى‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬مقسماً‭ ‬وبدون‭ ‬غالبية‭ ‬واضحة،‭ ‬ما‭ ‬يرغم‭ ‬التكتلات‭ ‬على‭ ‬التحالف‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭. ‬ متحدثا‭ ‬عن‭ ‬تراجع‭ ‬بعض‭ ‬التيارات،‭ ‬توقع‭ ‬الباحث‭ ‬ورئيس‭ ‬مركز‭ ‬التفكير‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬إحسان‭ ‬الشمري‭ ‬حصول‭ ‬‮«‬توترات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬وصراعاً‭ ‬على‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وتقاسم‭ ‬الوزارات‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬رأى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬تدلل‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬التوافق‭ ‬السياسي‮»‬‭. ‬ قال‭ ‬حيدر‭ ‬كرار‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬26‭ ‬عاماً‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬الاثنين‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬اللافتات‭ ‬الانتخابية‭: ‬‮«‬نفس‭ ‬الوجوه‭ ‬سوف‭ ‬تعود‭ ‬ولا‭ ‬تغيير‭. ‬راتبنا‭ ‬كعاملين‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬260‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ (‬حوالي‭ ‬178‭ ‬دولاراً‭). ‬قليل‭ ‬جداً‭. ‬لم‭ ‬أنتخب‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سياسي‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬أوضاعنا،‭ ‬رواتبنا‭ ‬قليلة‭ ‬ونحن‭ ‬لدينا‭ ‬عائلات‮»‬‭.‬ ويعاني‭ ‬العراقيون،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬البطالة،‭ ‬من‭ ‬انقطاعات‭ ‬متكررة‭ ‬في‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي،‭ ‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬العراق‭ ‬بالتزود‭ ‬في‭ ‬الكهرباء‭ ‬على‭ ‬جارته‭ ‬إيران‭. ‬ويوضح‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬سنتشوري‭ ‬فاونديشن‮»‬‭ ‬سجاد‭ ‬جياد‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬الضئيلة‭ ‬كانت‭ ‬متوقعة‭... ‬ثمة‭ ‬لا‭ ‬مبالاة‭ ‬واضحة‭ ‬عند‭ ‬الناس،‭ ‬لا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬ستنتج‭ ‬تغييراً‭ ‬ولا‭ ‬يتوقعون‭ ‬تحسناً‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‮»‬‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬الضئيلة‭ ‬‮«‬ستضع‭ ‬شرعية‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المقبل‭ ‬محط‭ ‬تساؤلات،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬شرعية‭ ‬الحكومة‭ ‬والدولة‭ ‬والنظام‭ ‬بأكمله‮»‬‭. ‬

مشاركة :