بعد 48 ساعة يفتتح مهرجان (الجونة) الطبعة الخامسة، وسط ترقب السينمائيين والجمهور. لا أحد يُنكر التنافس الحاد بين (القاهرة) و(الجونة) على اقتناص الأفلام الأفضل عالميًا وعربيًا ومصريًا، (الجونة) يسبق (القاهرة) بنحو شهر ونصف الشهر، وهو ما يمنحه ميزة أكبر، إلا أن من يتابع بدقة الكواليس سيوجه التحية لـ(الجونة) لأنه نبه الدولة إلى ضرورة بقاء (القاهرة) فى صدارة المشهد، ليظل هو العنوان الرسمى، السنوات الأربع الأخيرة هى الأهم فى تاريخ (القاهرة) استرد فيها الكثير من الوهج، بعد أن كان خاملًا، يتحرك على طريقة موظفى الحكومة الذين يعنيهم بالدرجة الأولى (تستيف) الأوراق، يُحسب لوزيرة الثقافة الفنانة إيناس عبدالدايم اختيارها للكاتب والمنتج محمد حفظى، بكل ما يملكه من ثقافة أهلته لفك شفرة المهرجانات، كما أنه لا تنقصه الشجاعة للرهان على العناصر الشابة لتحمّل المسؤولية. (الجونة) آخر عنقود المهرجانات السينمائية المصرية، منذ أن انطلقت دورته الأولى 2017، الآن أصبح هو أول مهرجان يقف فى مواجهة (كورونا)، من أجل العودة ليس فقط للمهرجانات بقدر ما هى عودة للحياة، فى العام الماضى عقد فعالياته واقعيًا، بينما كانت المهرجانات بجواره تُقام افتراضيًا وتشجعت بعده العديد من المهرجانات، وهذه المرة يتعامل مع بدايات مشجعة لعودة إيقاع الحياة، حيث بدأت حركة الطيران فى الانضباط، والعديد من الدول، وبينها مصر، استطاعت القفز بعيدًا عن الدائرة الحمراء. فريق العمل، بقيادة الخبير السينمائى انتشال التميمى، يتعامل باحترافية، البعض يلجأ للتفسير السهل والمباشر، وهو أن السر يكمن فى ميزانية ضخمة يوفرها الأخوان ساويرس (نجيب وسميح). من خلال معايشتى للمهرجان، أجده ليس مجرد أموال، تقترب ميزانيته إلى ضعف (القاهرة)، إلا أنه يعتمد فى توفير القسط الأكبر على الرعاة، وهو الدرس الذى أتمنى أن يستوعبه العديد من المهرجانات التى تتلقى مساهمة من الدولة، باستثناء (القاهرة)، الذى يحصل من الرعاة على نحو 60 فى المائة من ميزانية المهرجان. (الجونة) لا يستسلم أبدًا لذروة وصل إليها، هناك دائمًا حلم جديد، لا يكتفى بالعصفور فى يده، ولكنه يترقب العصافير المحلقة على الشجر. المهرجانات، والتى تُعقد تباعًا فى الأسابيع القادمة، تترقب بشغف خطوات (الجونة)، الكل يتمنى أن نتنفس الحياة مجددًا، سنحترز قطعًا جميعًا أكثر وأكثر، وسأفتقد إحساس الزحام الذى تعودت عليه أكثر وأكثر، ولن أجد زملائى بالكراسى المحيطة بى فى قاعة العرض، نظرًا لتطبيق قواعد التباعد الاجتماعى، سيحترزون منى وأنا سأحترز منهم أيضًا أكثر وأكثر، إلا أن الاحتراز الأكبر يجب أن يتوجه أولًا لـ(فوبيا) الاحتراز، حتى لا نكتشف أننا صرنا نعيش حالة مرضية، كاتبنا الكبير نجيب محفوظ يقول: (الخوف من الموت موت)، وأيضًا الخوف المبالغ فيه من (كورونا) يعنى انتصار (كورونا)!!. ويبقى السؤال التقليدى: هل هو مهرجان كما يراه الرأى العام عبر (السوشيال ميديا) لاستعراض الفساتين، أم للأفلام الحائزة على أهم الجوائز العالمية؟ السجادة الحمراء تتكرر طوال المهرجان مرتين أو ثلاثًا فى اليوم، بعض النجمات اعتبرن أن تلك هى المعركة الحقيقية وهاتك يا فساتين، و(التريند) قطعًا يحققه الفستان (إياه)، وليس الفيلم الحائز على سعفة (كان) أو أسد (فينسيا) أو دُب (برلين)!!. [email protected] المقال: نقلًا عن (المصري اليوم)
مشاركة :