رحم الله من أهدى إليّ عيوبي - مهـا محمد الشريف

  • 10/31/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

إن تركيز الاهتمام على الفكر يظهر الجوانب الإيجابية في الحياة، ويطور المجتمعات البشرية، ويحقق القيمة للأشياء وينقذ كل ابتداع يهدم معول الاختلاف، فالحياة لا تستوي على وتيرة واحدة أو تيار محدد، وكل حقبة تاريخية لها ما يميزها من قيم وأفكار ترتبط بحضارة لها مفاهيمها السائدة، ضمن شكل وطابع تاريخي محدد ليكشف عن التداخل المحيّر وينقذ الفضيلة من العجز ومن الانتقام ومن التشدد، والمثقف يبحث عما يجعل الانسان أكثر انسجاما وانصهاراً مع نفسه ومع المحيط الاجتماعي لكي يتجاوز الصورة الانفعالية للعلاقات الانسانية ويعمل على تكريس التنوع لكي يغادر الانسان المركزية الضيقة وفكرة الطائفية والعنصرية. ووفق هذا التصور فإن العلاقة الاستثنائية بين الثقافة والتاريخ والمؤرخ والمثقف تعتبر شراكة إستراتيجية، وذات فائض في القيمة والتبادل، وإن التساؤل عن دور الإنسان في التاريخ إنما يأتي من فكرة مطلقة عن ذاتها، والعظماء تحققت غاياتهم واستمرت معهم إلى عصرهم الراهن.. والملك سلمان حفظه الله له موقع مميز في خريطة العالم المعاصر حمل هموم العرب والمسلمين ويعمل من أجل الحاضر والتاريخ والمستقبل، وفتح صدرا رحبا لكل العقول وما أنتجته الأقلام، ولقاؤه بالمثقفين يؤكد حرصه على دور المثقفين والكتاب وتفعيل هذه الأدوار التي تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع والعالم، وما يدور في المشهد الثقافي يوضح الوضع الواقعي لحركة تطور المجتمع. وقد استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله بقصر اليمامة عددا من كبار المثقفين ورؤساء تحرير الصحف وفي مقدمتهم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، لاسيما وأن معطيات هذا اللقاء لها بالغ الأثر فمن صح فكره أتاه الإلهام، ومن دام اجتهاده أتاه التوفيق كما قال سقراط. ومن الضروري أن ندنو من الصواب لوجود فرص متاحة ومواتية وعلينا تحمل مسؤولية كبيرة تجاه الوطن وفي خضم هذه الحملة الشرسة التي تُقاد ضد المملكة، فالعلماء والمثقفون وسائط إعلامية وصوت مرتفع وتفعيل أدوارهم مطلب تتزايد حاجته في العصر، فالفكر أقوى من السلاح، والحرب الثقافية الفكرية أمضى على مر العصور من تكنولوجيا الأسلحة مهما بلغت الأحداث من التركيب والتعقيد أشكالاً مختلفة. ولا شك أن الملك سلمان له علاقة وطيدة بالعلم والتاريخ، وجهوده الملموسة بدارة الملك عبدالعزيز التي ترأس مجلسها ورعايتها واهتمامه بالمصادر التاريخية، وإتاحتها للباحثين دليل وعي ثقافي مميز، وكذلك مركز الملك سلمان لشباب الأعمال والدور الكبير الذي يقدمه لرواد الأعمال من شباب هذا الوطن المعطاء، ويأتي هذا اللقاء من أجل إنجاز وتفعيل الاستثمار الفكري، ويعد حدثا ثقافيا وإعلاميا كبيرا، ومسؤولية كبيرة تقع على عاتق أصحاب الكلمة وأرباب الفكر. وإن كل إنسان يسعى نحو الكمال، وها هم المواطنون يلتقون قائدهم ومليكهم، مشتغلين بالفكر والإبداع والرأي، يجتمعون بحضرة ملك مثقف وقارئ ومتابع ومطلع وحريص على نهج الكتاب والسنة وخدمة حجاج بيت الله الحرام، فكان خطابه حفظه الله خطاب الأب الحنون. تميز بشفافية متناهية غير معقدة تحاكي القلوب قبل العقول، رجل عظيم رفع من شأن الحاضرين وبجلهم وذكرهم بمسؤولياتهم تجاه دينهم ووطنهم، فقد وجه رسالة تحمل في محتواها مسؤولية الحقوق والواجبات ثم قال حفظه الله ورعاه (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي).

مشاركة :