أغلب معارض الكتب في العالم تحرص على أن يكون من ضمن فعاليات المعرض ضيف شرف، وغالباً يكون الضيف إحدى دول العالم، باستثناء الدول العربية حيث كانت جميعها ضيف الشرف في دورة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب رقم 56 والتي عقدت عام 2004م، ولا أدري دولة واحدة، ربما تكون مصر الدولة المهيئة لذلك، لكن جزاهم الله خيراً وحدوا العرب في هذا المعرض، وللأسف لم يكن لي حظ المشاركة في تلك التظاهرة، ولكن إلى حد ما كانت جيدة ومجدية، وكما علمت من بعض الأصدقاء كان هنالك حضور سعودي ملفت، أعود لضيف الشرف في معارض الكتب، ضيف الشرف لهذا العام في معرض فرانكفورت للكتاب إندونيسيا التي شاركت بأكثر من 60 كاتباً من أدبائها، قدموا قراءات شعرية وقصصية، ودراسات ثقافية وفكرية، من ضمنهم مؤلفو روايات رومانسية وكتب أطفال وكتب رسوم هزلية، والعديد من الشخصيات الأدبية النسائية أيضاً، وتم عرض تراثها المعماري وفنها وأكلاتها المميزة خلال برنامج إضافي في المعرض، وعرضت أيضاً صناعاتها الإبداعية الأخرى، مثل الحرف اليدوية والفن والوسائط المتعددة والصناعات القائمة على الثقافة التقليدية، بالطبع تم عرض نماذج من إصدارات الأدباء الأندونيسيين المختلفة، وبعض الكتب والمخطوطات النادرة، والجناج تم تصميمه بصورة جاذبة حيث اعتمد على الإضاءة الهادئة، وقطع من القماش تتدلى من السقف. الجميل أن تلك الأنشطة الثقافية تترجم مباشرة إلى عدة لغات ليس من بينها اللغة العربية للأسف، مما يحقق التواصل بين زوار الجناح بمختلف جنسياتهم والأدباء الأندونيسيين. ونشاط وفعاليات ضيف الشرف متواصل طيلة أيام المعرض، أقول هذا الكلام وعيني على معرض الرياض الدولي للكتاب، والوضع الغريب لضيف الشرف، جناح صغير، ومحاضرتين رسميتين، ومطبوعات معروضة لا تتجاوز أصابع اليدين، مع غياب تام للمثقفين والأدباء من بلد الضيف، لماذا؟.. سأبقي هذا السؤال معلقاً. لقد شاهدت الحضور المصري في معرض الشارقة الدولي قبل عدة سنوات، كان متميزاً ومختلفاً، حيث مشاركات عدد من الأدباء والشعراء، إضافة إلى الفلكلور المصري، ولكن كانت مشاركة المملكة في القاهرة رسمية جداً، وكانت ضيف الشرف هذا العام، ربما بسبب أنها جاءت بعد وفاة الملك عبدالله - رحمه الله- بوقت قصير، ولكن كنت أتمنى لو نقلت الأجنحة التي يعرض بها الكتب وإصدارات المؤسسات الحكومية والخاصة إلى قاعات المعرض المختلفة، وخصص الجناح لعرض الفعل الثقافي والفني في المملكة، وكثير من الصناعات التقليدية فيها كثير من الفن، صناعة الأبواب والنقوش الشعبية عليها، فن القط من عسير، مع تخصيص أروقة للشعراء وكتاب القصة، ليقدم فيها أدباء المملكة بعض إبداعاتهم، لأنه وللأسف كانت المشاركة الإبداعية في المعرض باهتة، وتحديد أوقات للمحاضرات واستجداء زوار المعرض لحضور تلك الفعاليات بوضع جوائز لهم ليس بالجيد، عموماً هي تجربة ومحاولات يشكر عليها جميع القائمين على المعرض، ولكن أقول هذا غيرة على ثقافة بلدنا، وحرصاً على تقديم الوجه المشرق للوطن. أتمنى أن يتم الآن اختيار ضيف الشرف في معرض الرياض الدولي للكتاب ليس لهذا العام ولكن للعام المقبل 2017م، من الآن، حتى يطلع كل زائر للمعرض على ثقافة وحضارة البلد الضيف، وأن لا يكون جناح الدولة الضيف مجرد علو وبضعة كتب، وصور رسمية، بل مصدر لمعرفة ثقافة البلد والتواصل مع أدبائها ومثقفيها، ليكون جزءاً من درس الجغرافيا لطلاب المدارس الذين سيرتادون المعرض مع مدارسهم أو ذويهم، ليكن ضيف الشرف فعلاً ضيف يشرف الجميع بما يقدمه لزوار المعرض، كما في أغلب معارض العالم وعلى رأسها فرانكفورت.
مشاركة :