مصادر دبلوماسية في باريس: التوافقات في مفاوضات فيينا الموسعة ما زالت على مستوى المبادئ

  • 10/31/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مثلما كان متوقعا، شكلت مسألة موقع الرئيس السوري العقبة الكأداء التي اصطدم بها المفاوضون في فيينا خلال اجتماع الساعات الثماني مثلما أعلن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس عقب رفضه وكذلك نظيره العراقي. لكن هذه الصعوبات المنتظرة لم تكسف «النتائج» التي تحققت في هذا اللقاء الأول من نوعه بخصوص المسألة السورية منذ اندلاعها في ربيع عام 2011. وقالت مصادر دبلوماسية رافقت عن قرب ما حصل في العاصمة النمساوية، إنه يمثل ثلاثة إنجازات: الأول، أن المجتمعين بقوا في الاجتماع حتى نهايته، رغم صعوبة المواضيع التي طرحوها ورغم التناقضات القائمة بين بعضهم البعض. والإنجاز الثاني أنهم توافقوا على عقد جلسة مفاوضات ثانية في المكان نفسه بعد أسبوعين وفق «الصيغة نفسها»، كما قال الوزير الفرنسي الأمر الذي يؤشر إلى رغبة جماعية في إحراز تقدم. والإنجاز الثالث، وربما الأهم، أنهم اتفقوا على ضرورة السير بـ«مرحلة انتقالية»؛ الأمر الذي لم يكن أمرا مضمونا أو بديهيا. ولخصت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فدريكا موغيريني، الوضع بقولها إن الأطراف الحاضرة «توصلت إلى أرضية مشتركة» للاستمرار في المفاوضات. بيد أن المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، مساء أمس، اعتبرت أن نقاط التوافق الأربع التي تحدث عنها الوزير فابيوس (المرحلة الانتقالية الممهدة للعملية السياسية، والحاجة لكتابة دستور جديد، وإجراء انتخابات جديدة، وأخيرا دور الأمم المتحدة)، «ليست سوى عناوين عامة وكل عنوان منها يحتاج إلى بحث وتمحيص وتوافق»، خصوصا أن الآراء بشأنها متباعدة للغاية. وعلى سبيل المثال، فإن المعارضة السورية مدعومة من الدول الغربية والخليجية رغم قبولها لمبدأ الانتخابات، فإنها لا ترى كيف يمكن أن تجرى في ظل الوضع القائم ووجود نصف الشعب السوري إما لاجئا أو مهجرا. كما أنها تتساءل عن الجهة التي سيكون لها أن تشرف عليها والمناطق الجغرافية التي يمكن أن ترجى فيها. أما أولى الأسئلة فيتناول ترشح الرئيس السوري لها أو التوافق على عدم ترشحه وفتح الباب أمام مقربين له من عائلته أو من خارجها للترشح. كذلك فإن مسألة كتابة الدستور الجديد تطرح مشكلات مستعصية؛ إذ إن كل فصل من فصوله يحتاج لساعات وأيام من البحث والتمحيص لإيجاد الصيغ التي يفترض أن تسير سوريا المستقبل التي يمكن أن توفر الضمانات لمكونات الشعب السوري عن طريق توزيع الصلاحيات وضمان حقوق الأقليات المختلفة. وتضيف هذه المصادر أن ما جاء به الوزير كيري عقب الاجتماع بخصوص التمسك بسوريا الموحدة والمتعددة والحاجة للمحافظة على المؤسسات ووقف الحرب ومحاربة الإرهاب «مبادئ عامة يقبلها الجميع». أما مواضع الخلاف فهو كيفية ترجمتها إلى نصوص تفصيلية قابلة للتنفيذ. وواضح أن ما جاء على لسان كيري هو استعادة شبه كاملة لبيان «جنيف 1» الصادر في 30 يونيو (حزيران) من عام 2012 الذي ما زال البعض ينظر إليه على أنه «خريطة الطريق» لوضع حد لسفك الدماء في سوريا والعبور إلى الحل السياسي. بيد أن الموضوع الخلافي؛ أي دور الأسد، يبدو أنه المسألة المستعصية. وترى المصادر المشار إليها أن المعسكرين الأساسيين المتواجهين على طاولة المفاوضات «لم يكشفا كل أوراقهما، لا بل إن كشفها لن يتم في القريب العاجل بانتظار أن تتبلور المواقف وتفهم طبيعة التنازلات التي قد يقبلها كل طرف». ويمكن تفكيك هذه المسألة الخلافية إلى مجموعة من الجزئيات منها مدة المرحلة الانتقالية «ستة أشهر، سنة، سنتان أم أكثر...»، وصيغتها وشكل السلطة الانتقالية وصلاحياتها التنفيذية ودور الأسد خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها ومتى ينتهي هذا الدور و«التاريخ المحدد» لخروجه من المشهد السياسي ووفق أية ضمانات. تبين هذه الاستفهامات حجم الفروقات القائمة بين تصورات الأطراف المشاركة في المفاوضات. لكن المصادر التي سألتها «الشرق الأوسط» توقفت عند «تعب الأفرقاء في الداخل والخارج» من الحرب في سوريا، مما يفتح الباب أمام البحث عن حل سياسي، خصوصا أن الطرفين «عاجزان عن الحسم الميداني»، وأن روسيا «ربما وصلت إلى قناعة أن ما كانت تعتبره مجرد نزهة لقلب المعادلات العسكرية ميدانيا لا يبدو كذلك، لا بل إنها غير راغبة في الغرق في رمال سوريا كما غرق الجيش السوفياتي في رمال أفغانستان». وفي أي حال، تشدد هذه المصادر على أن المسار السياسي «ما زال في بدايته»، وأن «لا أحد يعرف متى سينتهي وما إذا كان سيكلل بالنجاح».

مشاركة :