مصادر دبلوماسية في باريس: 3 عقبات ستواجهها مفاوضات جنيف إذا انطلقت

  • 3/8/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يريد الاتحاد الأوروبي أن يكون له دور في سوريا لأن الحرب تصيبه أولا قبل أن تصيب الولايات المتحدة الأميركية أو روسيا، أقله في موضوعين اثنين: الإرهاب من جهة والهجرات الكثيفة من سوريا إلى بلدانه في غرب أوروبا وشمالها عبر «الممر البلقاني»، هذا ما أشار إليه وزير خارجية فرنسا جان مارك أيرولت أمس صراحة في حديث صحافي. فقد أعلن أيرولت الذي ذكر بالاجتماع الذي التأم في العاصمة الفرنسية يوم الجمعة الماضي وضمه إلى ثلاثة من نظرائه «وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وإيطاليا» فضلا عن «وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني أن الأوروبيين» رغم كون اتفاق الهدنة قد أبرم مباشرة بين واشنطن وموسكو، فإنهم يريدون المشاركة في الحل السياسي، لأن سوريا بداية مسألة أوروبية بالدرجة الأولى. أما الطريق إلى ذلك، فيمر، وفق مصادر فرنسية رسمية، عبر ممارسة الضغوط السياسية ليس على واشنطن وحدها بل أيضا على موسكو للدفع باتجاه الاحترام الكلي لوقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية تمهيدا للعودة إلى محادثات «أو مفاوضات» جنيف. بيد أن العودة إلى جنيف لا تعني بالضرورة أنها ستفضي هذه المرة إلى تحقيق تقدم ذي معنى رغم أنها تتم في ظروف أفضل من ظروف الجولة الأولى التي أجهضت سريعا. وتعتبر هذه المصادر المشار إليها أن أحد أسباب فشل «الجولة الأولى» بداية شهر فبراير (شباط) الماضي «تسرع» دي ميستورا في الدعوات وعدم توافر الشروط الضرورية لنجاح الحد الأدنى. وبالفعل، منذ اليوم الأول، احتدمت الخلافات بين المعارضة والنظام على تحديد الجهة التي تمثل المعارضة وعلى جدول الأعمال وعلى رفض النظام الامتثال لما يقتضيه القرار الدولي رقم 2254 في بنديه 12 و13 «وقف القصف ضد المدنيين، رفع الحصار وإيصال المواد الإنسانية..». ثم جاء الهجوم الكاسح المشترك من القوات الجوية الروسية وقوات النظام على حلب ومنطقتها ليقضي على آخر أمل بإنقاذ «جنيف 3» من الفشل الذريع. أما اليوم، فإن الوضع مختلف إلى حد بعيد إذ إن الهدنة التي بدأن ليل 27 فبراير(شباط) الماضي، رغم الخروقات الكثيرة، أفضت إلى خفض جدي لمستوى العنف كما سمحت بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الكثير من المناطق، فيما بقيت مناطق أخرى خاضعة للحصار الخانق. ولذا، يأمل دي ميستورا أن تسمح الجولة القادمة بالتطرق للب المسألة التي حددها بثلاثة ملفات: الأول، تشكيل حكومة جديدة. والثاني، التوصل إلى دستور جديد فيما الثالث إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال 18 شهرا. وترى المصادر الدبلوماسية في باريس أن ثلاث صعوبات ستقف عائقا دون إنجاز تقدم حقيقي في الجولة الجديدة من المحادثات غير المباشرة التي يأمل المبعوث الدولي أن يحولها إلى مفاوضات بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. وتكمن الصعوبة الأولى في الفقرة 7 من القرار 2268 الذي تبنى القرار الروسي - الأميركي لوقف الأعمال العدائية التي جاء فيها أن المجلس يطلب من المبعوث الدولي أن «يستأنف في أقرب وقت المفاوضات الرسمية بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة» برعاية الأمم المتحدة.. والمشكلة هنا أن القرار يشير إلى «المعارضة» بشكل عام ولا يحدد الجهة التي تمثلها وخصوصا لا يشير إلى «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن مؤتمر الرياض في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما يعني أن الباب فتح مجددا أمام النظام لافتعال مشكلة جديدة، والحديث عن «معارضات» وليس عن معارضة واحدة. ولذا، فإن مسألة تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» وتمثيل المعارضين المقربين من روسيا الذين شاركوا في مؤتمري القاهرة وموسكو، ستعود إلى الواجهة منذ اليوم الأول. هذه المسألة تعد، رغم بعدها السياسي الواضح، إجرائية. لكن الخلاف الحقيقي سيبدأ إذا ما تم العمل بخطة دو ميستورا كما عرضها بدءا بتشكيل «حكومة جديدة». والحال، أن الفقرة الأولى من قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في 18 ديسمبر لا يتحدث عن حكومة جديدة بل يقول الآتي: «يؤكد المجلس من جديد تأييده لبيان جنيف وبياني فيينا في إطار السعي لكفالة التنفيذ الكامل لبيان جنيف كأساس لانتقال سياسي بقيادة سوريا وفي ظل عملية يمتلك السوريون زمامها..». والأسبوع الماضي، أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات أن ما تريده ليس حكومة جديدة بل إقامة «هيئة حكم انتقالي» وفق بيان جنيف وهو بالطبع ما يرفضه النظام السوري. أما في حال عمد دي ميستورا إلى إقناع المعارضة بأن المشكلة تكمن في التسمية وليس في شيء آخر، فعندها ستبرز، وفق المصادر المشار إليها، صعوبة إضافية تتناول صلاحيات الحكومة الجديدة ومدى امتلاكها ناصية القرار. ولكن قبل ذلك ستظهر على الطاولة مشكلة دور الرئيس السوري، إذ إن المعارضة ترى أنه يتعين عليه ترك السلطة مع بدء المرحلة الانتقالية، وهو الموقف الذي تتبناه المملكة السعودية وتركيا وتقترب منه بعض الدول الأوروبية التي لا تفهم معنى الانتقال السياسي مع بقاء الأسد. وترى هذه الجهات أن بقاء الأسد ممسك بالأجهزة الأمنية وبقيادة الجيش وبمفاصل السلطة الأخرى يعني أنه لا شيء قد تغير وهو ما سترفضه المعارضة بكل تأكيد. ربما تكون هذه الاعتبارات من باب «وضع العربة قبل الحصان». والحال أن الأهم اليوم، كما يقول وزير الخارجية الفرنسي وأطراف أخرى، هو تثبيت الهدنة الهشة والاستمرار في إيصال المساعدات شرطا للوصول إلى المفاوضات لأن «الحل السياسي» هو الوحيد الممكن للحرب في سوريا. أما الاقتراحات الأخرى مثل إيجاد منطقة آمنة تتيح تجميع اللاجئين والنازحين السوريين داخل حدود البلاد وليس في مخيمات خارجها، فيرى أيرولت أنها غير ممكنة «لأنه لا توجد ضمانات بعدم تعرضها لضربات عسكرية». وتلخص المصادر الدبلوماسية الوضع الراهن بالقول إنه مع انطلاقة المفاوضات الفعلية «ستبدأ الصعوبات الحقيقية لكن لا مفر من مواجهتها».

مشاركة :