افتتح تنظيم داعش مكتبًا في مناطق سيطرته في ريف دير الزور، خصصه لمتابعة شؤون الأسرى، ومبادلتهم مع أسرى القوات النظامية المعتقلين لديه. وفي وقت رأى أحد أبرز عناصر المعارضة في الرقّة أن هذه الخطة «تشكّل ترجمة حقيقية لتقاطع مصالح النظام السوري و(داعش)»، أوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أنه «لا معلومات مؤكدة عن افتتاح مثل هذا المكتب حتى الآن»، مشيرًا إلى أن «كل من اعتقلهم التنظيم من ضباط وجنود النظام أعدمهم على الفور». وأعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن التنظيم «أبلغ الأهالي عبر النقاط الإعلامية التابعة له في ريف حلب والرقة ودير الزور والحسكة، بضرورة تسجيل أسماء المعتقلين وتاريخ اعتقالهم ومكان اعتقالهم، لتتم عملية مبادلتهم مع أسرى القوات النظامية لدى التنظيم». وأفاد الناشط الإعلامي في مدينة الرقة أبو شام الرقاوي بأن المكتب «يقع في قرية جديدة بكارة، الواقعة على بعد 40 كلم شرق دير الزور»، موضحًا أن «أول عملية تبادل مع القوات النظامية ستحصل في موعد قريب». ولم يجد أبو محمد الرقاوي، أحد مؤسسي تجمع «الرقة تذبح بصمت»، جديدًا في الموضوع، وأوضح أن «عمليات تبادل الأسرى التي كانت تحصل في السرّ والمواربة بين (داعش) والنظام السوري باتت الآن مفضوحة وتُلعب على المكشوف». وأكد أبو محمد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تبادل المعتقلين بين الطرفين لم يتوقف، إنما كان يحصل عبر مكاتب العشائر التي تتواصل مع النظام وتدبّر عملية التسلّم والتسليم بين الطرفين»، مشيرًا إلى أن «استحداث هذا المكتب يشكّل خدمة متبادلة لنظام بشار الأسد وتنظيم داعش في آن، فالنظام يستثمر هذه الخطوة في محاولة رفع معنويات ضباطه وعناصره، وترويج دعاية لدى أهالي الجنود بأنه لا يترك معتقليه لدى آسريهم، خصوصًا الضباط الذين أسرهم التنظيم في مطار الطبقة العسكرية، في حين يسعى (داعش) إلى تحفيز الشبان على التجنّد لصالحه، ووعدهم بتحرير أهلهم وإخوانهم الموجودين في معتقلات النظام». وشدد أبو محمد على أن مصالح النظام و«داعش» تتقاطع دائمًا، بدليل أن «الطيران الروسي وطيران النظام يستهدفان الجيش الحرّ وجبهة النصرة وباقي فصائل المعارضة في ريف حلب، بينما يحيّدان مواقع (داعش) كليًا عن ضرباتهما، وهذا دليل ساطع على أن النظام السوري هو أكبر المستفيدين من وجود هذا التنظيم وجرائمه». من جهته، أوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن المرصد «لم يحصل على معلومات دقيقة حول افتتاح مثل هذا المكتب». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم داعش يعتبر كل أسرى النظام لديه سواء كانوا سنّة أو علويين عبارة عن «كفّار»، ويسارع إلى إعدامهم بعد أن يحصل منهم على المعلومات التي يريدها، وبالتالي ليس ثمّة أسرى عسكريون لديه على قيد الحياة. ولفت عبد الرحمن إلى أن «الأسرى الموجودين لدى تنظيم داعش الآن هم من السنّة الموالين للنظام، وهو يصفهم بـ(المرتدين)، لكن هؤلاء لا قيمة لهم عند النظام ولا يفاوض على تحريرهم». وأضاف: «إذا كان النظام لا يهتم بحياة ضباطه وجنوده الذين يقعون في الأسر، ولا يسعى لتحريرهم، فكيف له أن يهتم بحياة مدنيين ولو كانوا موالين له؟». يذكر أنها المرة الأولى التي ينشئ فيها التنظيم مكتبًا لتبادل الأسرى، كما تعد عملية مبادلة الأسرى مع القوات النظامية الأولى من نوعها، حيث لم يقم سابقًا بعملية تبادل إلا مع وحدات حماية الشعب الكردية منذ عدة أشهر في ريف الحسكة.
مشاركة :