ثلاثة شرايين أساسية لإمدادات الغاز إلى أوروبا، تدور حولها الكثير من الإشكالات السياسية هذه الأيام، فيما تعاني القارة العجوز من ارتفاع قياسي لأسعار الغاز، ونقص في المخزونات قبل دخول الشتاء. وفي 31 أكتوبر الجاري موعد مهم للغاية. في هذا التاريخ ينتهي عقد استمر لخمسة وعشرين عاماً، كان الغاز الطبيعي يتدفق بموجبه من الجزائر إلى المغرب، ومنها إلى إسبانيا، عبر خط غاز المغرب العربي- أوروبا، المعروف اختصاراً بـ GME. لكن في ضوء التوترات السياسية الأخيرة بين المغرب والجزائر، أعلنت الأخيرة أنها لن تجدد العقد، وبالتالي سيتوقف ضخ الغاز عبر هذا الأنبوب. هذا الخط تصل طاقته القصوى إلى 12 مليار متر مكعب، وقد نقل بالفعل العام الماضي 3.7 مليار متر مكعب إلى إسبانيا، بحسب منصة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، ونحو نصف مليار متر مكعب للمغرب، وبالتالي يوفر هذا الخط نصف احتياجات استهلاك المغرب، وذلك مقابل السماح بمرور الغاز عبر أراضيه. لكن هناك خط آخر اسمه Medgaz يصل بين الجزائر وإسبانيا مباشرة من دون المرور بالمغرب. هذا الخط نقل بالفعل 5.4 مليار متر مكعب إلى إسبانيا العام الماضي، مع العلم أن طاقته الاستيعابية تصل إلى 8 مليارات متر مكعب وهناك توسعة جارية حالياً لطاقته يفترض أن تنجز الشهر المقبل، لتصل إلى 10.5 مليار متر مكعب. وبالتالي يصبح هذا الخط قريباً من تغطية استيعاب كامل الكمية التي تصدرها الجزائر إلى إسبانيا. في الجانب الآخر تماماً، هناك خط نورد ستريم – 2 الممتد من روسيا إلى ألمانيا مباشرة عبر بحر البلطيق. وهو يواجه اعتراضاً قوياً من الولايات المتحدة، وكذلك من أوكرانيا وبولندا، الدولتين اللتين تمر عبرهما الأنابيب التي توصل الغاز الروسي إلى أوروبا، حالياً. خط نورد ستريم- 2 اكتمل إنجازه، وبدأت عمليات الفحص الفني من خلال ضغط الهواء، للتأكد من عدم وجود تسربات، ويفترض أن تنجز هذه العملية بنهاية العام الحالي، ليحصل بعد ذلك على ترخيص التشغيل من الجهة المنظمة في ألمانيا. وثمة تكهنات باحتمال وجود اعتراض عليه في البرلمان الأوروبي والبرلمان الألماني. في جنوب القارة، هناك أيضاً خط أنابيب جنوب القوقاز، الذي بدأ تشغيله أواخر العام الماضي، وهو ينقل الغاز من أذربيجان عبر جورجيا وتركيا إلى اليونان، ودول البلقان وإيطاليا. هذا الخط يواجه مخاطر جيوسياسية نتيجة التوتر المستجد بين إيران وأذربيجان، مع إجراء الجارتين مناورات عسكرية على طرفي الحدود. وهذا هو التحدي الثاني الذي يواجهه خط الأنابيب بعد حرب الأربعين يوماً بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم كاراباخ العام الماضي. كل هذه التوترات تزيد المخاوف الأوروبية من تفاقم نقص إمدادات الغازفي الأشهر المقبلة، خصوصاً إذا أتى الشتاء أكثر برودة من المعتاد.
مشاركة :