'القوات اللبنانية' يُحمّل نصرالله المسؤولية عن أحداث بيروت

  • 10/14/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت/الكويت - حمل حزب القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع، جماعة حزب الله الشيعية وأمينها العام حسن نصرالله المسؤولية عن أحداث الطيونة، معتبرا أنها نتيجة لعملية الشحن الذي بدأه نصرالله منذ أربعة أشهر ضد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، نافيا في الوقت ذاته أي صلة لمسلحيه بما حدث وذلك في أول ردّ على بيان مشترك للثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) الذي اتهم قناصة من"القوات" باستهداف المحتجين من أنصارهما. وقُتل في إطلاق النار 6 أشخاص وأصيب عدد آخر في منطقة معروفة تاريخيا بأنها شديدة الحساسية طائفيا وواحدة من محطات الحرب الأهلية (1975-1990). وقال حزب القوات اللبنانية إنه يندد بشدة بأحداث العنف في بيروت، مؤكدا أن "ما حصل اليوم من أحداث مؤسفة على الأرض، وهي موضع استنكار شديد من قبلنا، ما هي سوى نتيجة عملية للشحن الذي بدأه السيد حسن نصرالله منذ أربعة أشهر بالتحريض في خطاباته كلّها على المحقّق العدلي" في انفجار مرفأ بيروت. وتقود جماعة حزب الله الدعوات المطالبة بعزل قاضي التحقيقات طارق بيطار، متهمة إياه بالتحيز. ومارس حزب الله ضغوطا شديدة على البيطار لعزله أو دفعه للاستقالة، لكن الأخير استمر في مهامه وتمسك بالتحقيق مع شخصيات نافذة بينها وزراء سابقون مقربون من الجماعة الشيعية المدعومة من إيران. وكان يمكن للقوى التي تعترض أو تطعن في نزاهة القاضي طارق البيطار أن تلجأ للقضاء بدلا من التصعيد في الشارع وهو الطريق الذي اختاره حزب الله وحليفته حركة أمل مع علمهما بحساسية الظرف وبحساسية منطقة التظاهر. ودفع حزب الله بالعششرات من مقاتليه لشوارع الطيونة مدجججين بأسلحة رشاشة وصواريخ الكاتيوشة في مشهد يعيد للأذهان مشاهد الحرب الأهلية، ففي هذه المنطقة تحديدا اندلعت شرارة الحرب الأهلية (1975-1990) ومنها يمر طريق رئيسي يفصل بين أحياء ذات غالبية مسيحية وأخرى ذات غالبية شيعية، تحول إلى خط تماس خلال سنوات الحرب. وقال الرئيس اللبناني ميشال عون في كلمة متلفزة إن أحداث العنف في بيروت اليوم الخميس "غير مقبولة"، متعهدا بمحاسبة المسؤولين عنها والمحرضين، مضيفا "لن نسمح لأحد أن يأخذ لبنان رهينة لمصالحه الخاصة... ولن نسمح بأن يتكرر ما حدث اليوم تحت أي ظرف"، مضيفا أن إطلاق النار الذي أوقع ما لا يقل عن ستة قتلى وعشرات المصابين سيكون موضع متابعة أمنية وقضائية. وقال رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري إن أعمال العنف التي شهدتها بيروت اليوم الخميس أعادت إلى الأذهان الحرب الأهلية، مضيفا "ندعو الجيش والشرطة إلى اتخاذ أقصى الإجراءات والتدابير لمنع كل أشكال إطلاق النار والقبض على المسلحين وحماية المدنيين". وذكر الجيش اللبناني أنه ألقى القبض حتى الآن على تسعة مسلحين بينهم سوري، معلنا كذلك أن قيادته "أجرت اتصالات مع المعنيين من الجانبين لاحتواء الوضع ومنع الانزلاق نحو الفتنة وتجدد القيادة تأكيدها عدم التهاون مع أي مسلح، فيما تستمر وحدات الجيش بالانتشار في المنطقة لمنع تجدد الاشتباكات". وفي مؤشر على خطورة الوضع وتحسبا لتصعيد محتمل، قالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان اليوم الخميس إن السفارة الكويتية في لبنان تدعو مواطنيها هناك إلى المغادرة وتحث الراغبين في السفر على التريث. وأضافت أن السفارة "تدعو المواطنين الكويتيين المتواجدين في الجمهورية اللبنانية التزام الحيطة والحذر والابتعاد عن مواقع التجمعات والاضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتزام مقار السكن." كما قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش دعا كل المعنيين في لبنان لوقف أعمال العنف على الفور والكف عن الأعمال الاستفزازية والخطابات التحريضية، مضيفا أن غوتيريش أكد مجددا ضرورة إجراء تحقيق مستفيض ومستقل وشفاف في الانفجار الذي وقع عام 2020 في مرفأ بيروت. كما دعا رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، اللبنانيين إلى ضبط النفس. اشتباكات عند خط تماس قديم طلقات نارية تخترق واجهات الأبنية، قناصة يطلقون الرصاص عشوائيا، قتلى وجرحى يسقطون تباعا وسكان محاصرون داخل منازلهم.. عينة من مشاهد هزت اللبنانيين عند إحدى خطوط التماس القديمة الخميس معيدة للأذهان ذكريات الحرب الأهلية الأليمة. وصباح الخميس، وبالتزامن مع تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل في بيروت، اندلعت اشتباكات عنيفة لم تتضح ملابساتها حتى الآن عند منطقة الطيونة القريبة، أودت بحياة ستة أشخاص وأصابت 30 آخرين بجروح. عند مستديرة الطيونة التي تحيط بها أبنية عدّة ما زال بعضها مهجورا منذ سنوات الحرب، وجد السكان أنفسهم رهائن رصاص أطلقه قناصة ومسلحون ودوي قذائف صاروخية. ووجه كثر نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام لمساعدتهم على إخلاء منازلهم. وهرع الأهالي إلى مدارس أطفالهم في المنطقة. وبدت المنطقة أشبه بساحة حرب، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعا في المنطقة. وأنعشت المشاهد ذكريات الحرب الأهلية لدى سحر (41 عاما) التي قالت "منذ الصباح، أتلقى رسائل من أصدقائي ممن عايشوا معي زمن الحرب نتحسر فيها على جيل جديد يعيش اليوم تجربتنا ذاتها.. من الاختباء في أروقة المدرسة أو زوايا الغرف أو في الحمامات، كانت مشاهد أسبوعية اعتدنا عليها". وتابعت "ما جرى مرعب وأيقظ الماضي والحاضر والمستقبل.. كأننا عالقون في آلة زمن، إذ أن الأشخاص ذاتهم هم وجوه الحرب والسلم، حكامنا اليوم ومن يطبخ مستقبلنا غداً". وانتهت سنوات الحرب في البلاد بعد توقيع اتفاق الطائف في العام 1989، وجولة عنف أخيرة انتهت في 1990. وخلّفت الحرب اللبنانية أكثر من 150 ألف قتيل و17 ألف مفقود. وتقاسمت القوى السياسية التي خاضتها، السلطة بعد الحرب وفشلت في بناء دولة مؤسسات وقانون وتتحمل اليوم مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين، وبات معه نحو 80 بالمئة من السكان تحت خط الفقر. وفي شوارع مؤدية إلى مستديرة الطيونة، ظهر مسلحون، بعضهم مقنع، من حركة أمل وحزب الله يطلقون النيران باتجاه أبنية يتواجد فيها قناصة. وفيما لم يكن الطرف الآخر واضحا للعيان، وضع بعض مسلحي حزب الله وحركة أمل شارات تؤكد انتماءهم، فيما ارتدى الغالبية لباسا مدنيا. واتهم الحزبان الشيعيان "مجموعات من حزب القوات اللبنانية"، أبرز الأحزاب المسيحية التي شاركت في الحرب الأهلية وتعد اليوم معارضا شرسا لحزب الله، بـ"الاعتداء المسلح" على مناصريهما. ولم تتمالك مريم ضاهر (44 عاما) دموعها عندما سمعت أصوات الرصاص وشاهدت على التلفاز رجلا وامرأة يختبئان خلف سيارة في الطيونة. وتقول ظاهر وهي أم لصبيين، "تذكرت كل شيء.. في اللحظة نفسها وصلتني رسالة من مدرسة ابني تطلب من الأهالي أن يأتوا لاصطحاب أطفالهم"، مضيفة "سألت نفسي في أي رواق يجلس سكان أبنية الطيونة اليوم، ثم استرسلت بالبكاء وتذكرت نفسي طفلة مختبئة في رواق المنزل". وأعاد إطلاق الرصاص صور مسلحين إلى ذاكرة مريم، اعتادوا الصعود إلى سطح البناء حيث كانت تسكن مع أهلها، ليبدأ القنص "وتشتعل المنطقة". وطبع رصاص القنص مرحلة الحرب الأهلية، التي أنهكت جيلا كاملا من اللبنانيين، خصوصا سكان خطوط التماس والمناطق الساخنة. وتسأل مريم نفسها سؤالا واحدا اليوم "كيف استطاع زعماء الحرب أن يسيطروا على جيل آخر اليوم؟، مضيفة "فكرة اندلاع حرب جديدة مرعبة، لا أستطيع أن أعيش التجربة نفسها مجددا. أريد المغادرة وحماية ولديّ". وفي وقت اختبأ الناس في بيوتهم وشهدت شوارع بيروت ومداخلها حركة سير خفيفة، توالى مسؤولون على التحذير من "الفتنة". وخلافا للحرب الأهلية التي بدأت بين أحزاب مسيحية وفصائل فلسطينية ساندتها قوى إسلامية ويسارية لبنانية، وما لبثت أن شاركت فيها قوى إقليمية أبرزها سوريا وإسرائيل، فإن اشتباكات الخميس تزامنت مع توتر إزاء الموقف من المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار. وتعرض الأخير خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضا على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته. بيروت - قتل ستة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح الخميس جراء إطلاق نار على مسيرة احتجاجية لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، وفق وزير الداخلية  اللبنانية بسام مولوي. وينذر هذا التطور بجرّ لبنان إلى أزمة جديدة، وسط مخاوف من حرب أهلية طائفية، فيما انتشرت وحدات من الجيش اللبناني في المنطقة التي تعتبر شديدة الحساسية طائفيا، داعيا في بيان الناس إلى اخلاء تام للشارع ومحذّرا من أنه سيطلق النار على أي مسلح أو أي مصدر للنيران. وأعلن أن وحداته المنتشرة "سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرق وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر" طالبا في بيان نشره على حسابه بتويتر المدنيين إلى إخلاء الشوارع. وقال إنه "خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية  في منطقة الطيونة- بدارو"، لافتا إلى أن  وحداته سارعت إلى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها وعلى مداخلها وبدأت بتسيير دوريات كما باشرت البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم. وقال مولوي في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي، إن "الإشكال بدأ بإطلاق النار من خلال القنص وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمرا خطيرا جدا". وأضاف أن "السلم الأهلي ليس للتلاعب"، مشددا على "ضرورة اتخاذ كامل الإجراءات"،  وطلب من الإعلام  المساعدة "على بث الأخبار الصحيحة"، مضيفا أن "انفلات الوضع ليس من مصلحة أحد". كما أعلن أن "كل الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه".  وقال إن "منظمي التظاهرة أكدوا لنا سلميتها والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص وتفاجأنا بأمر خطير هو إطلاق النار على الرؤوس"، مضيفا "إننا سنطلب من السياسيين اتخاذ الإجراءات اللازمة بالسياسة وخارجها لضبط الوضع، لأن تفلته ليس من مصلحة أحد". وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام (الوكالة الرسمية) بأن الدفاع المدني أخلى عددا من العائلات المحاصرة في أحد المباني الذي كان تعرض لإطلاق نار كثيف في الطيونة. وباشرت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بتكليف وإشراف مباشر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، بإجراء تحقيقات ميدانية بشأن الاشتباكات التي تشهدها منقطة الطيونة وتحديد هوية المسلحين الذين شاركوا بإطلاق النار وتسببوا بسقوط الضحايا والجرحى من المدنيين وتوقيفهم. وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش وتابع معهم تطورات الوضع الأمني في ضوء الأحداث التي وقعت في منطقة الطيونة وضواحيها، وذلك لمعالجة الوضع تمهيدا لإجراء المقتضى وإعادة الهدوء إلى المنطقة. وأكد ميقاتي من جهته أن الجيش ماض في إجراءاته الميدانية لمعالجة الأوضاع وإعادة بسط الأمن وإزالة كل المظاهر المخلة بالأمن وتوقيف المتورطين في هذه الأحداث وإحالتهم للقضاء المختص. وتابع وفق ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام "الجيش حامي الوطن ليس شعارا نردده في المناسبات الوطنية، بل هو فعل إيمان يترجمه الجيش كل يوم بتضحيات جنوده وشجاعتهم وحكمة قيادتهم، وهذا ما تجلى اليوم في التصدي للأحداث المؤسفة التي وقعت في منطقة الطيونة". وترددت أنباء عن اعتقال قوات الجيش لأحد العناصر المسلحة التي أطلقت النار من اسطح المباني، فيما ذكرت وسائل اعلام لبنانية أن مصدر النيران التي استهدفت المحتجين من أنصار حزب الله وحركة أمل عدد من القناصة لم يتضح عددهم. وفي بيان مشترك إتهم الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله الذي يتمتع بنفوذ واسع ويمتلك ترسانة أسلحة ضخمة، مسلحين من حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع باستهداف متعمد للمحتجين. وقالا في بيانهما "مجموعات من حزب القوات اللبنانية التي انتشرت في الأحياء المجاورة وعلى أسطح البنايات مارست عمليات القنص المباشر للقتل المتعمد". واستنكر جعجع ‏الأحداث ما حصل في منطقة الطيونة على خلفية التظاهرات التي دعا إليها حزب الله وشارك فيها أنصاره وأنصار حركة أمل، معتبرا أن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلت. ودعا في بيان الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى "إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة اليوم (الخميس)". وقال "السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتم علينا المحافظة عليه برمش العيون، لكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه"، مضيفا "‏أستنكر الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة بمناسبة التظاهرات التي دعا إليها حزب الله.. إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلت والمنتشر والذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان". من جهته ردّ النائب عن القوات اللبنانية عماد واكيم في مداخلة هاتفية على قناة الحرة على البيان المشترك لحزب الله وأمل بالقول إن اتهاماتهما "للقوات بإطلاق النار مجرد هرطقات". وعبرت فرنسا عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع العام الماضي، ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن "فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء العرقلة الأخيرة لحسن سير التحقيق... وأعمال العنف التي وقعت في هذا السياق. إن فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة"، مشددة على ضرورة أن يكون القضاء اللبناني قادرا على التحقيق في انفجار المرفأ بطريقة مستقلة ومحايدة. وتعرض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته. وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، الى ساحة حرب شهدت اطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح ابنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990). وبدأ إطلاق النار بشكل مفاجئ خلال تجمع عشرات المتظاهرين من مناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل. وأعلنت الوكالة الوطنية الرسمية سقوط ثلاثة قتلى، كما أعلن الصليب الأحمر اللبناني عن إصابة عشرين آخرين بجروح توزعوا على مستشفيات عدة في المنطقة. وقالت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت مريم حسن ان "لدينا قتيل أصيب بطلق ناري في رأسه وآخر في قلبه"، كما استقبل المستشفى 12 جريحاً على الأقل. وسُمع في المنطقة إطلاق رصاص كثيف وقذائف. وشوهدت أعمدة دخان سوداء تتصاعد من منطقة الطيونة. وبثّت وسائل إعلام محلية مباشرة على الهواء مشاهد ظهر فيها مسلحون يطلقون النار في الشوارع واطلاق رصاص من قناصة في أبنية مهجورة. وأعلن الجيش اللبناني أنه "خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في احيائها". ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص. وناشد الجيش المدنيين إخلاء الشوارع. واتهم حزب الله وحركة أمل في بيان مشترك "مجموعات مسلحة ومنظمة" بالاعتداء على مناصريهم خلال توجهم للمشاركة في تجمع أمام قصرالعدل. وأفاد الحزبان في بيانهما أن "عند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين. وتبعه إطلاق نار مكثف". واعتبرا أن الاعتداء يهدف إلى "جر البلد لفتنة مقصودة". وكتب المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية على تويتر "لا أعرف ماذا يجري الآن. لكن أعرف أن دم مواطنين في الشارع وأنّ على كل من يدعي مسؤولية عامة أن يطالب مناصريه بالخروج فوراً من الشوارع. يوم حزين جداً". وغرّدت مستخدمة تدعى رشا "ثمّة أيام في بيروت، تغادر منزلك ولا تتمكن من العودة إليه. ما هذا الواقع الموجع الذي نعيشه؟". ويقود حزب الله وحليفته حركة أمل الموقف الرافض لعمل بيطار، ويتهمونه بـ"التحيز والتسييس". ودعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "الى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة"، وأجرى اتصالات عدة مع الجيش ومسؤولين بينهم زعيم حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط/فبراير بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين. ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.   وعلق بيطار الثلاثاء التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال السابق غازي زعيتر، المنتميان لكتلة حركة أمل. وأفاد مصدر قضائي محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز". وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب لكل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق. وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار لعدم اختصاص المحكمة النظر فيها. وكان مقرراً أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي. إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد يحدد لاحقاً بانتظار التوصل إلى حل. وتسبّب انفجار ضخم في الرابع من آب/أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة. وظهر الخلاف داخل الحكومة بعد إصدار بيطار الثلاثاء مذكرة توقيف غيابية في حق خليل لتخلفه عن حضور جلسة استجوابه مكتفياً بإرسال أحد وكلائه، ما اعتبره حزب الله وفق مصدر وزاري بمثابة "تجاوز للخطوط الحمراء". ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.

مشاركة :