حكاية جاسوس أضحى كبش فداء بين السوفيت والغرب!

  • 10/15/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، مثّل الاتحاد السوفيتي حليفاً رئيسياً للأميركيين، حيث ساهم الجيش الأحمر السوفيتي في حسم المعركة على الجبهة الشرقية وكبّد الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، والفافن أس أس (Waffen-SS) خسائر جسيمة قبل أن يتمكن من دخول برلين مجبراً بذلك الألمان على إعلان استسلامهم تزامنا مع انتحار أدولف هتلر. إثر ذلك، لم يتردد الاتحاد السوفيتي في نقل قواته نحو شرق البلاد لمد يد العون للأميركيين في مواجهة اليابانيين فدخل إلى منشوريا ومنغوليا واضعاً حداً للوجود الياباني بهذه المناطق. وعلى الرغم من ظهور بوادر الخلاف بين الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت ونظيره السوفيتي جوزيف ستالين خلال اللقاءات التي عقدها الحلفاء، لم تتوقع الأغلبية أن تتطور هذه الخلافات لتتحول لحرب باردة بين الحليفين السابقين تزامنا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث جاءت عملية تجزئة ألمانيا والحرب الكورية لتقسّم العالم لمعسكر شرقي وآخر غربي. شبكة تجسس سوفيتية وأملا في مواكبة التطور التكنولوجي العسكري لحلفائها السابقين عن كثب، لم يتردد الاتحاد السوفيتي في الاعتماد على الجواسيس. وبسبب التعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا، فكّر المسؤولون السوفيت في توسيع شبكة جواسيسهم بأوتاوا (Ottawa). فعيّن الاتحاد السوفيتي صيف عام 1943، الملازم نيقولاي زابوتين (Nikolai Zabotin) ملحقا عسكريا بالسفارة السوفيتية بأوتاوا. وتنفيذا للمهمة التي أوكلت له، وسّع زابوتين شبكة جواسيس بلاده بكندا اعتمادا على المخبرين. أما مع نزوله بالأراضي الكندية، فاصطحب زابوتين معه من موسكو عددا من المساعدين والمرافقين من أمثال إيغور غوزينكو (Igor Gouzenko) البالغ من العمر 28 عاما والمختص في مجال التشفير. وبالنسبة لإيغور غوزينكو، مثّلت الحياة بالاتحاد السوفيتي جحيما لا يطاق حيث عاصر الأخير أهوال السياسة الستالينية وأحداث التطهير الأعظم بالثلاثينيات والخراب الذي خلّفته الحرب العالمية الثانية بالأراضي السوفيتية. معلومات أطاحت بشبكة جواسيس يوم 5 أيلول/سبتمبر 1945، غادر إيغور غوزينكو السفارة السوفيتية بأوتاوا دون رجعة حاملا معه العديد من الوثائق السرية التي تمكن من تسريبها على مدار أشهر من مبنى السفارة عن طريق إخفائها بين طيّات ثيابه. ودون أن يدرك الوجهة المحددة لتسليمها هذه الوثائق، توجّه غوزينكو للقاء أحد الصحافيين الكنديين قبل أن ينطلق فيما بعد نحو مخفر الشرطة ومبنى وزارة العدل. وفي كل مرة حلّ بها بأحد هذه المباني الرسمية، قوبلت تصريحات غوزينكو بالتشكيك، ليعود الأخير نحو بيته وهو يجر أذيال الخيبة. مساء ذاك اليوم، اقتحم عدد من منتسبي جهاز الشرطة السرية السوفيتية منزل إيغور غوزينكو بأوتاوا لقتله. ولحسن حظّه، تمّكن غوزينكو من الفرار، برفقة أفراد عائلته، في الوقت المناسب ليختبئ لدى أحد الجيران. ومع تداول خبر مهاجمة منزل إيغور غوزينكو، تيقّن المسؤولون الكنديون من خطورة المعلومات التي كانت بحوزة هذا الشاب المختص في مجال التشفير. وبعد وضعه تحت حراسة مشددة بمكان آمن، اتصل رئيس الوزراء الكندي ماكنزي كينغ (Mackenzie King) بنظيره البريطاني كليمنت أتلي (Clement Atlee) والرئيس الأميركي هاري ترومان لإطلاعهم على خطورة الأمر. وخلال الأشهر التالية، تمكّن الكنديون من الإطاحة بـ39 جاسوسا سوفيتي على أراضيهم بينما ألقى البريطانيون القبض على عدد من الفيزيائيين الذين سرّبوا معلومات عن البرنامج النووي البريطاني للسوفيت. أيضا، أطاح الأميركيون بعدد من الجواسيس السوفيت على أراضيهم ونال بعضهم عقوبة الإعدام بعد اتهامهم بالخيانة. وبينما أجبر إيغور غوزينكو على وضع قناع على وجهه عند ظهوره أمام الإعلام بكندا، استدعي نيقولاي زابوتين لموسكو واتهم بسوء التصرف والإهمال ليتحول بذلك لكبش فداء بسبب قضية غوزينكو. لاحقا، أرسل زابوتين لمراكز العمل القسري، الغولاغ، ومكث هناك سنوات قبل أن يطلق سراحه تزامنا مع موت ستالين.

مشاركة :