تحقيق ــ نهلة الفقي: الطفل المُدخن فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لصبي في الثانية عشرة من عمره، يبادر فيه بطلب سيجارة من مدخنين ليدخنها، حيث سجلوا رفضهم وعرضوا مضارها عليه، فلقنهم درساً من خلال مضمون رسالة تحملها كفوفه الخضر، فحواها خايف عليّ، ليش ما تخاف على نفسك. ذلك الفيديو يطرق الباب مجدداً لطرح مخاطر التدخين، وسبل حماية المراهقين من الوقوع في شرَكه، حيث أكد الأطباء أن البيئة المحيطة بالمراهقين تلعب دوراً رئيسياً، في طمس الصورة الذهنية التي دمغت في عقولهم عن التدخين. كثيرا ما جسدت مشاهد الأفلام والمسلسلات صورة المدخن، يحمل السيجارة بين أنامله كالقابض على مفاتيح السعادة، فينفث دخانها كمن ينفض غبار هموم أعيته من التفكير، ليستقر هذا التجسيد في وجدان المتلقي، فيغدو التدخين بالنسبة للكثيرين الحل السحري للترويح عن النفس، والتخفيف من حدة حالة نفسية يمر بها، سواء كانت حزناً أم موقفاً يصيبه بالتوتر. لكن في حقيقة الأمر هذا الإحساس واهٍ، إذ سرعان ما يقع المدخن في براثن غيمات سحابتها السود، لتبدأ بث سمومها في جسده، فتنخر أعضاءه ويهوى إلى الموت البطيء. وفي هذا الإطار تؤكد د. وداد الميدور استشاري طب الأسرة، مدير البرنامج الوطني لمكافحة التبغ في وزارة الصحة أن استمرار ظهور مشاهد المدخن في الأعمال الفنية، تزيد من رغبة المراهق في التقليد، إضافة إلى محاكاة الوالدين أو أصدقاء السوء، فمع عدم القدرة على التعامل مع المراهق، ووجود أحد أفراد الأسرة يدخن، وغياب دور الرقابة الاجتماعية، يُسهل حصولهم على السيجارة وحملها وإخفائها، بالإضافة إلى انتشار أنواع مختلفة من التبغ مثل الشيشة والمدواخ، حيث تعتبرها بعض الأسر مقبولة اجتماعياً، ومع عدم المبالاة بعواقب التدخين، والتهرب الدائم من الحديث عن أضراره، بالتعلل بوجود أشخاص أكبر منهم سناً أصحاء، أو التحجج بضعف الإرادة، وعدم وجود قدوة في محيط المراهق ( كالطبيب، الأب، المعلم المدخن)، إضافة إلى الضغوط النفسية المختلفة، فجميعها عوامل تشجعه على التدخين، إضافة إلى ضعف تطبيق إجراءات مكافحة التبغ، وانخفاض سعره، وعدم وجود ضرائب ترفع من ثمنه ليحد من استخدامه، فذلك يسهم بشكل كبير في ارتفاع مؤشرات نسبة المدخنين من المراهقين. تشير الميدور إلى تبعات التدخين على الصحة، حيث يصبح المدخن عرضة للإصابة بعلل متعددة، بين التهابات متكررة بالجهاز التنفسي العلوي أو السفلي، والتهابات باللثة والفم والأسنان، وزيادة في احتمالات التعرض للأزمات القلبية والسكتة الدماغية نتيجة لتصلب الشرايين، والتمدد الرئوي المزمن، علاوة على زيادة احتمالات الإصابة بأنواع متعددة من الأورام السرطانية، أهمها سرطان الرئة والحنجرة والفم والمثانة والثدي، فكلما طالت مدة استمرار المدخن في تلك الآفة، فإنها ترفع من فرص الإصابة بتلك الأمراض. وتضيف أن هناك مفهوماً مغلوطاً لدى البعض، أن السيجارة الإلكترونية أكثر أماناً على الصحة من العادية، بينما الحقيقة عكس ذلك، فلها الأضرار نفسها، كما تطبق عليها القيود والتحذيرات التي تطبق على السجائر العادية، من حيث عدم استخدامها في الأماكن العامة والمغلقة. أما بخصوص طرق العلاج فتطرقت إلى ذلك قائلة: تتنوع طرق العلاج بين اجتماعي وسلوكي، ودوائي، من خلال عيادات دعم الإقلاع عن التدخين المنتشرة بالدولة تحت إشراف المختصين، حيث يتضمن البرتوكول العلاجي التخلص من كل علب السجائر، والولاعات والطفايات والمدواخ وأدوات الشيشة، مع الإكثار من تناول الماء لتخليص الجسم من النيكوتين والمواد الضارة، وتخفيف الشاي والقهوة خاصة في الأيام الخمسة الأولى، على أن يتناول يومياً بعد الإفطار كأساً من الليمون أو البرتقال لتخفيف رغبته في التدخين، مع الأخذ في الاعتبار أن الشعور بافتقاد السيجارة لا يستمر أكثر من 10 دقائق، إلى جانب ضرورة تغيير النظام اليومي، بتجنب الأماكن والمواقف التي اعتاد التدخين فيها، وصرف النظر عن التفكير في العودة مجدداً للتدخين بتذكر مضاره، ويشغل نفسه بشيء من الحلويات أو اللبان، مع الحصول على قدر كبير من الاسترخاء، وبخاصة خلال الأيام الأولى من التوقف عن التدخين. كما تنصح بضرورة حماية الأبناء بتوعيتهم بمخاطر التدخين منذ الصغر، ومتابعة تصرفاتهم والتعرف إلى أقرانهم. تصبغ تلك الآفة المتغولة آثارها المدمرة في المدخن، من منبت الشعر إلى أخمص القدمين، إن جاز هذا التعبير، هكذا يردف د. هاني الناظر أستاذ الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومي للبحوث السابق بالقاهرة عن تأثير التدخين في الشعر والجلد فيقول: هناك تأثير مباشر وغير مباشر للتدخين، فالمباشر يظهر على الجلد وبخاصة على الوجه، حيث يؤدي التدخين إلى ظهور التجاعيد، ويعد أحد أسباب ظهوره مبكراً، كما يؤثر في الأغشية المخاطية للفم والشفاه، مؤدياً إلى قرح من الممكن أن تتحول إلى خبيثة، كما يتلون الجلد، الأصابع، الأظافر، ويضفي عليها لوناً مائلاً للصفار، كما يسبب جفافاً بالجلد، وبخاصة الوجه. وعند الانتقال إلى التأثير غير المباشر المصاحب لآفة التدخين، فتضيق الشرايين، وبخاصة الشعيرات الدموية الطرفية، فتقل كمية الدم التي تصل إلى البصيلات، لينتج عنها تقصف الشعر وسقوطه، وأيضا تقصف الأظافر، وجفاف الجلد لضعف الدورة الدموية المؤدية للجلد. كما تزداد الحالة سوءاً في فصل الشتاء، لتؤدي إلى التهابات في أطراف أصابع اليدين أو الرجلين، تشكل مع الوقت تقرحات في الجلد. وينصح د. هاني الناظر المدخن بالتوقف نهائياً عن التدخين، والإكثار من تناول المياه، وتناول الخضراوات الطازجة والفاكهة بصفة يومية، وتناول الفيتامينات بصورة يومية تحت إشراف طبي، واستخدام مرطبات الجلد بصفة عامة، وفي حال تكون تجاعيد بالفعل يخضع لعلاجها بالليزر، فالسيجارة كالقاتل الصامت الذي يعصف بكل أعضاء الجسم، وينخدع الشباب دائما بأنهم بصحة جيدة، كونهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، وعدم ظهور أي أعراض مرضية عليهم، ولكن يصدمون حينما يتعرض جهازهم التنفسي للأمراض، حيث يعد من أوائل الأجهزة التي تتأثر بالتدخين، فيتحدث د. أحمد فخري الحميري مختص أمراض القلب في المستشفى الكندي عن ذلك حيث يقول: يضعف التدخين من كفاءته، ويعاني المدخنون تكرار الإصابة بالتهابات القصبات، الحاد والمزمن، والربو القصبي، مؤدياً إلى التهابات داخل القصبات، وزيادة في الإفرازات اللزجة، والمخاطية داخل القصبات، فيجعل الجهاز التنفسي عرضة للالتهاب أكثر عن غيره، وتتدهور وظيفته عند المدخنين، حيث تقل قدرتهم على بذل أي جهد فيزيائي، كما يسبب قلة تدفق الدم للعضو الذكري ضعف الانتصاب، ومع التقدم في العمر يتعرضون لفشل في الجهاز الرئوي، وارتفاع في ضغط الشريان الرئوي، تزيد من حاجتهم إلى استخدام الأكسجين بشكل دائم لمدة 24 ساعة في اليوم. وتظهر آثار التدخين سريعاً من 3 إلى 6 شهور، حيث تبدأ بضعف في مناعة الجسم، ليكون عرضة للالتهابات الرئوية، ويصاب بالفشل الرئوي بعد مدة أطول، وبعد مرور من عشر إلى عشرين سنة، تظهر عليه أعراض الفشل الرئوي، وأمراض شرايين القلب، والذبحة القلبية، والجلطة القلبية، وحتى جلطة الدماغ. وأثبتت كل الدراسات والبحوث العالمية، أن التدخين يزيد من الإصابة بسرطان الرئة الفم والكلي والمثانة، وتكمن خطورة تلك السرطانات، في الفترة الطويلة المطلوبة للتعافي، حيث في حال التوقف عن التدخين، يحتاج الشخص من 10 إلى 15 سنة، حتى ينجو من خطر الإصابة بأحد تلك السرطانات. أما عن القلب ماكينة الحياة فيقول د. احمد فخري: يؤثر التدخين في ضخ الدم في القلب، ويضعف من جريانه في شرايين القلب وهي الشرايين التاجية، ويزيد من تصلبها، وارتفاع ضغط الدم، فتزداد نسبة حدوث الأزمات القلبية، وأمراض شرايين القلب 3 أضعافها عند المدخنين. في حين أمراض القلب، تحتاج إلى 3 سنوات، من الامتناع عن التدخين، حتى يزول خطر تعرضهم للأزمات القلبية، وتظل الفرصة موجودة لتفادى مشاكل التدخين برمتها، فإذا قررنا التوقف عن التدخين، نأخذ القرار بإرادة صلبة وعزيمة، مع إشراف ومتابعة طبية مستمرة. ويضيف أن هناك أمرا كثيراً ما يهمله المدخنون، وهو التدخين القسري، فكثير منهم يعرضون أطفالهم وأسرهم لنفس مشاكل التدخين، خصوصاً في حال تدخينهم في غرفة مغلقة، حيث يتشبع الأثاث والستائر بالدخان فيعرضوا أسرهم وأطفالهم لنفس أضرار التدخين وبخاصة الأطفال يصبحون أكثر عرضة لمرض الربو القصبي. أما عن العلاج فيقول: حينما يقرر المدخن التخلص من تلك الآفة، يخضع لبرنامج الإقلاع عن التدخين، حيث يكون مزجاً بين الدعم النفسي من قبل العائلة والأصدقاء، والطبيب المعالج من جهة، والعلاج الدوائي من جهة ثانية، وقبل الشروع في تطبيق البروتوكول العلاجي، يقوم الطبيب المعالج بإجراء مجموعة من الفحوص الطبية لتقييم الحالة، لتحديد الأضرار والمضاعفات التي نتجت عن التدخين، كخطوة أولية لعلاجها ومتابعتها، حيث تشمل تلك الفحوص الفحص السريري، أشعة الصدر، فحص وظائف الرئة، رسم تخطيط القلب، قياس مستوى الكوليسترول بالدم، ومستوى السكر بالدم، وصورة شاملة للدم. يشمل العلاج الدوائي أدوية النيكوتين، وأدوية أخرى تساعد في التخلص من أثر النيكوتين، وتستغرق مدة العلاج 6 شهور، حتى نضمن عدم عودته مجدداً للتدخين، وتعد أول 3 أشهر من أصعب فترات العلاج. ويشير د. أحمد فخري إلى العامل النفسي باعتباره يمثل 90% من نجاح خطة العلاج والإقلاع عن التدخين، فلابد أن يكون لدى المدخن إصرار وعزيمة وقراره نهائي في التوقف عن التدخين، من خلال برنامج علاجي ملزم ومحدد بفترة زمنية، يتخلص خلالها من كل وسائل التدخين، السجائر، الشيشة، والغليون، فجميعها لهم المضار نفسها، إضافة إلى تغيير العادات اليومية التي تساعد على التدخين، كالمقهى، وجلسة الأصدقاء المدخنين، ويحاول الاندماج في فعاليات رياضية أو اجتماعية، لما يعانيه المدخن في أول فترات علاجه، من شعوره بفقد شيء مهم في حياته تعود وأدمن عليه، فهو عقلياً وجسدياً تعود على التدخين، حتى نضمن عدم رجوعه للتدخين مجددا، فكل العادات المتعلقة بالتدخين لابد من التخلص منها. وتلعب الأسرة دوراً كبيراً في دعم المدخن للتوقف عن التدخين نفسياً وفكرياً، من خلال خضوع أفرادها لدورات، تتضمن كيفية مساعدة المريض، للتخلص من إدمان النيكوتين، وهنا في الإمارات توجد حزمة قوانين ملزمة، تحد من التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، وفي المركبات التي تضم أطفالاً تقل أعمارهم عن 12 عاماً. يعتبر البعض التدخين مظهراً لاكتمال الرجولة ومؤشراً على نضج الشخصية، لكنه في حقيقة الأمر يؤثر سلباً في القدرة الجنسية، وفي الإنجاب، وفقاً لما ورد في بعض الأبحاث والدراسات العلمية، هذا ما أورده د.تامر علي أبو الجريد أستاذ مساعد جراحة المسالك البولية والتناسلية جامعة الخليج الطبية بعجمان وجامعة الأزهر بالقاهرة فيقول: يؤثر التدخين في القدرة على الانتصاب لدى الرجل، إذ يرفع من معدل هرمون النورادرنالين بالدم ما يؤدي إلى تسارع دقات القلب، نتيجة لتأثير مادة النيكوتين في الجهاز العصبي السمبثاوي، ما يحدث نوعاً من الارتخاء يصاحبه ارتفاع في الضغط، كما يشعر المدخن بتوتر ورعشة في اليدين، تؤثر في أسلوب حياته. كما لاحظ بعض العلماء زيادة تضخم البروستاتا في المدخنين، ما يؤدي إلى انحباس البول وحدوث التهاب، إضافة إلى التأثير السام للنيكوتين في الحيوانات المنوية، بيد أنه تأثير مؤقت، أي يزول عن المدخن بعد الإقلاع عن التدخين، فتعود لطبيعتها بعد حوالي 6 - 10 أسابيع. كما يستقر في وجدان بعض الفتيات أن المرأة المدخنة تتمتع بالجاذبية والتحرر عن نظيرتها من غير المدخنات، فتزيد لديهن الرغبة في التقليد غير مدركين لتبعاتها، وفي هذا الصدد يقول د. أبو الجريد: يؤثر التدخين في انتظام الدورة الشهرية، وإن كان بشكل متفاوت من مدخنة لأخرى، فبعض المدخنات يزداد لديهن الحيض، وبعضهن الآخر يحدث لهن العكس، كما يقل انتظام مواعيد الدورة الشهرية، نتيجة الانعكاسات النفسية، كما يلاحظ زيادة التهابات المهبل وعنق الرحم عند المدخنات عن غيرهن، وكذلك شيوع الأمراض التناسلية فيهن مقارنة بغير المدخنات (تريكوموناس، والتهابات المبيض، وأنابيب فالوب)، ويعزو ذلك إلى أن التدخين يقلل من مناعة الجسم ضد الميكروبات، وأن النيكوتين بالذات له أثر سام في الغشاء المخاطي للجهاز التناسلي الأنثوي، ما يجعله عرضة للالتهابات المتكررة. كما يشير د. أبو الجريد إلى أن مركب البنزوبيرين، الذي يدخل في تركيب مادة القطران في السجائر، ربما يحدث خللاً في هرمونات الأنوثة، ويقلل من معدل إفرازها، بشكل يؤثر في نسبة إخصابها، ويضعف من قابلية البويضة لعملية التلقيح، وبالتالي تقلل من فرص الحمل، فالتدخين يهدد خصوبة المرأة، كما يؤثر في الرغبة، وخاصة مدخنات الشيشة (النرجيلة)، كما يصاحبه جفاف في المهبل، ما ينعكس على مستوى الاستجابة عند المرأة. كما تشير الدراسات إلى أن التدخين يقلل من خصوبة المرأة، حيث ثبت انخفاض قدرة المرأة المدخنة على الإنجاب بواقع 50% بالمقارنة بمثيلتها غير المدخنة، وأعطى بعض العلماء تفسيرات مختلفة لذلك منها تأثيره في المبيض، إذ يقلل من إفراز البويضات، وأحيانا يؤثر في قدرة البويضة المخصبة على التعلق بجدار الرحم، كما يرفع من حالات الحمل خارج الرحم. يلعب العامل النفسي دوراً رئيسياً في التصدي لآفة العصر، حيث يمثل 90% من نجاح خطة العلاج والإقلاع عن التدخين نهائياً، كما تساهم البيئة المحيطة بالمراهق في بناء جدار واق من خلال الإرشاد الواعي حول مفهوم التدخين الصحيح، الذي يكفل حمايته من خضم تلك التجربة المحفوفة بالعلل، حيث تلقي عليه الضوء د. فاطمة السجواني أخصائية نفسية عبر السطور التالية: فتقول: أعتبر التدخين عملية انتحارية بالشكل البطيء، لذا يجب على الأهل أن يزرعوا في أبنائهم منذ الطفولة، المفهوم الصحيح عن التدخين، كونه ليس إثباتاً للرجولة، ولا مصدراً للجاذبية الأنثوية، بينما هو سم يتجرعونه يؤدي بهم إلى الهلاك، فمفهوم الشباب الآن حول التدخين صار باباً للتباهي، وأصبح تقليداً وموضة، يحاول الشاب من خلاله أن يبرهن على وصوله لمرحلة الرجولة. وتضيف السجواني:هناك مؤثرات خارجية تحيط بالشاب، كالأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء، وتشير إلى دور الوالدين بالدرجة الأولى، فالشاب و الفتاة على حد سواء صار عندهما التدخين شيئاً عادياً ونوعاً من الترفيه والتسلية والمتعة والتقليد، فمفهوم التدخين تغير من الماضي إلى الحاضر، فأصبحت الفتيات يدخن الشيشة في الأماكن العامة في مشهد مستهجن ودخيل على مجتمعنا. وفي نفس الإطار أكدت د. السجواني وجوب أن نكون كلنا حلقة واحدة، وأن تتكاتف كل المؤسسات المجتمعية في تثقيف الشباب من مرحلة الخامس والسادس الابتدائي، لاختيار مفهوم الحياة التي سيعيشونها، إما في وعاء صحي محض، أو في واقع محفوف بالعلل الجسدية. كما ترى د. السجواني أن بعض الحملات التوعوية كلها تنتقد وتعرض التدخين وأسبابه ونتائجه، فتعطي الشباب الفضول، وبخاصة لمن لديه دوافع الفضول قوية، فيتحدون ويدخنون للتجربة، ولذلك لابد من وعي الأهل للتمكن من التصدي للتدخين، فيجب أن يكونوا مؤهلين لاستقراء فكرة الشاب وماذا يعتقد عن التدخين حتى لو كان في صف رابع ابتدائي، وبخاصة إذا كان في أسرته عضو مدخن، فلو تابع محاضرة عن مضار التدخين، حتى لو استغرقت المحاضرة 10 ساعات، يعود إلى البيت ويرى الأب يدخن أو الأخ يدخن، فمباشرة سيقول هذا الكلام تافهاً وغير صحيح، فلو كان هناك مضرة لكان أهلي أول من أقلع عنه. وتضيف:عندما نبدأ جلسات توعوية أو إرشادية، يجب أن نلم بمفهوم الشاب نفسه عن التدخين، وأن نحاول تنفير الطفل منذ صغره، من خلال عرض مضار التدخين بطريقة علمية على أعضاء جسمه، ليدرك خطورته على رئته وقلبه بعد عشرين سنة، وكيف ستكون كليته بعد كل هذه السنوات من التعايش مع سموم التبغ، فعلم النفس يقول إن الأمور التوعوية المقدمة للطفل منذ صغره، تدمغ في مخيلته خطورة الأشياء التي تهدد حياته. فلابد أن نأخذ الحيطة من خلال مراقبة الولد والشاب، ويجب أن يراعى إذا كان أحد الأبوين مدخناً، حيث يتجنب التدخين في داخل البيت، حتى لا يشجع الابن على الاستمرار في تلك الآفة، وألا يمارس أسلوب الضغط عليه، ومراقبته بدقة، كما تشدد على ضرورة أن يتم ذلكبحب، فيجب أن يشعر المراهق بالحب، وإذا كان هناك رفقاء يدخنون يجب عدم منعه عنهم، ولكن توعيته وتوجيهه لتقوية إرادته على عدم التدخين. وللأم دور كبير عن طريق محبتها ووعيها وقربها من الأبناء، في حال اكتشاف ابنها يدخن، فلابد أن يكون هناك رقابة من البداية، لأنه لو دخن أول مرة من دون علم الأهل، سيجدها سهلة ويستمر في التدخين، فتصعب مهمة إقلاعه عنها. يشير التقرير السنوي عن وباء التبغ لمنظمة الصحة العالمية في الإمارات 2013، إلى أن نسبة المراهقين دون الخامسة عشرة من الذكور ممن يستهلكون أي منتج من منتجات التبغ تبلغ 24%، وبين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 13-15 سنة 16%، وتمثل نسبة الإناث البالغين فوق 15 سنة 2.4%، بينما الشابات (من 13-15 سنة) 8.2%، وبشكل عام بين البالغين أكثر من 15 سنة عند الذكور 21%، عند الإناث 12.2%. يبلغ تعداد ضحايا آفة التبغ ما يزيد على 5 ملايين شخص سنوياً، أي بمعدل شخص كل 6 ثوان والعدد في تزايد، كما يجهلون أن في سجائرهم 4000 مادة كيمياوية، منها 400 مادة ضارة، وأكثر من 50 مادة تسبب السرطانات، منها سرطان الرئة أكثر الأنواع شيوعاً في العالم، حيث يتسبب التدخين في تحفيز الإصابة به بنسبة 90%، ويقتل هذا النوع وحده سنوياً 1.2 مليون شخص، بالإضافة لسرطانات الجلد والفم والبلعوم والحنجرة والمريء والمعدة، وغيرها.. فقائمة العلل المصاحبة للتدخين طويلة، ولا يقتصر الضرر على المدخن فقط بل يمتد أثره في المحيطين به، فالتدخين السلبي للآخرين يسبب لهم العلل ذاتها للتدخين المباشر، لذا فهو لا يقل خطورة عن المباشر منه. حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 700 مليون طفل، أي ما يعادل نصف أطفال العالم تقريباً، يستنشقون هواء ملوثاً بدخان التبغ، كما يلاحظ فيما يخص أكثر من 40% من الأطفال، أن أحد الوالدين على الأقل من المدخنين. السجائر الإلكترونية تتلف الخلايا أضافت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من جامعة أثينا باليونان، نتائج جديدة وخطرة بشأن السجائر الإلكترونية، إحدى أهم الوسائل المستخدمة للإقلاع عن التدخين وأحد بدائل النيكوتين، حيث قالت إن السجائر الإلكترونية تساهم في تدمير خلايا الرئتين وإحداث تلف بها، وتعرضها لأضرار واسعة. وينوي الباحثون إجراء المزيد من التجارب والدراسات الإكلينيكية للوقوف على حقيقة هذه النتائج والتوصل إلى التأثير الفعلي للسجائر الإلكترونية. وفي دراسة أمريكية متزامنة توصلت النتائج إلى أن السجائر الإلكترونية تحتوي على بعض المواد الكيماوية السامة، كما أنها ليست بديلاً آمناً عن تدخين سجائر التبغ العادية، ووجد العلماء من خلال تجارب أجريت على الفئران أن دخان السيجارة الإلكترونية يضر بالرئة ويجعلها أكثر عرضة للإصابة بأمراض التنفس. وقال توماس سوسان، المشرف على الدراسة والباحث المساعد في قسم علوم الصحة البيئية بجامعة جونز هوبكنز: تدخين السجائر الإلكترونية وحدها ينتج آثاراً متوسطة على الرئتين، من بينها الالتهاب وتدمير البروتين. وأضاف: لكن إذا حدث بعد ذلك عدوى بكتيرية أو فيروسية، فإن الآثار الضارة لتدخين السيجارة الإلكترونية يصبح أكثر وضوحاً.
مشاركة :