تثير موجة الجفاف الحاد الناجمة عن ظاهرة نينيو المناخية، قلق مزارعي البن في مقاطعة نارينيو الواقعة في جبال الانديز الكولومبية، حيث ينمو أحد أفخر أنواع البن في العالم. ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، قال راوول فاخاردو منتج البن في لاتولا القريبة من ال تامبو على علو 1800 متر قرب ضفة بركان غاليراس بشمال نارينيو (جنوب غرب): قد نخسر المحصول. نحن جميعا كمزارعين في حالة إحباط. ويزرع فاخاردو أربعة هكتارات من البن المثبت المنشأ. ويبدو القلق على محياه وهو يراقب مزرعته، فنقص المياه يرهق النبتات التي أزهرت أكثر من العادة. وقد تعطي محصولا استثنائيا لهذه الحبة المميزة المفضلة لمذاقها ونكهتها، لكن ذلك يتوقف على سقوط الأمطار. ولفت الرجل صاحب البشرة السمراء الناجمة عن أشعة الشمس المدارية إلى أن الحالة على هذا المنوال منذ ستة أشهر، والتوقعات تشير إلى خمسة أشهر إضافية، هذا سيؤدي إلى هلاكنا. وعلى غرار كل مزارعي البن في نارينيو، يبدي فاخاردو اعتزازه بإنتاج أجود أنواع البن في كولومبيا. وقال جاره المزارع ادواردو سالات: نحظى بساعات إضافية من الشمس لذلك فإن كمية السكر في الحبة باتت مرتفعة. لكن الظروف المناخية تعقد أكثر فأكثر مهمة مزارعي البن. وتواجه كولومبيا موجة جفاف حاد تتوقع السلطات أن تستفحل اعتبارا من كانون الأول/ديسمبر حتى حزيران/يونيو، بسبب ظاهرة النينيو التي تتسبب بارتفاع حرارة مياه المحيط الهادئ المداري ما يؤدي إلى تدني كمية الأمطار في أميركا الجنوبية. وحذر وزير البية غابرييل فاليخو من الأسوأ. فالأشهر الحساسة ستكون كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير. وبحسب معهد علم المياه والأرصاد الجوية والدراسات البيئية، فإن نقص المتساقطات يبلغ 60% في بعض المناطق، ومنها جبال الإنديز في البلاد. وأكد جيلبرتو دياز مزارع البن منذ ثلاثين عاما في ال تامبو: نتضرر كثيرا جراء هذا الصيف الطويل. وأوضح: لا يوجد هنا سوى مزارع (بن) صغيرة لا تتعدى بضعة هكتارات. كل شيء يتم يدويا، ليس هناك نظام ري بل يجب سحب المياه من السيول وليس منها سوى النذر القليل. قالت نوري دياز، وهي جارة أخرى من مزارعات البن الكثيرات في نارينيو، إن لم تهطل الأمطار فسيكون الوضع بالغ الخطورة بالنسبة لنا هذه السنة. وكغيرها من النساء من أصحاب مزارع البن وربات العائلات تهتم بكل شاردة وواردة في مزرعتها الصغيرة، فهي تزرع وتضع السماد وتحصد وتغسل وتنشف الحبات ثم تغلفها وتسوقها. وتعتبر مايرلي دييز البن نوعا من العبودية وهي مدركة مثل الجميع لغياب البديل لأنه لا مستقبل في الريف. ولفت فخاردو إلى أن الشبان لا يريدون سماع الحديث عن ذلك. فقلة منهم تريد البقاء ومعظمهم يذهبون للعيش في المدن. وفي كل الأماكن المحيطة تنتشر نبتة الكوكا غير المشروعة لكونها مادة أولية للكوكايين لتشكل بقعا بلون الزمرد في الجبال. علما بأن زراعة البن تدر أقل بكثير من زراعة الكوكا لكنها أقل خطراً... وأكد فلاديمير إسبانيا وسط مزرعته المتواضعة ال سيدرال: مع البن نجني بالضبط ما نستثمره لكننا نعيش بطمأنينة أكبر.
مشاركة :