لم يستطع جاك غريليش إخفاء شعوره بالإحباط، عند خروجه مستبدلا في الدقيقة 62 من عمر لقاء المنتخب الإنجليزي أمام المجر بينما كانت النتيجية تشير إلى التعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، ليدخل بدلا منه بوكايو ساكا. والتقطت كاميرات التلفزيون غريليش بعد خروجه وجلوسه على مقاعد البدلاء وهو يهز رأسه قبل أن ينزله ويمرر أصابعه من خلال شعره، في إشارة واضحة إلى شعوره بالإحباط. وكانت هذه هي المباراة التي حاول فيها المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، اللعب بطريقة مختلفة، حتى استغنى عن الحد الأدنى المعتاد بالدفع بستة لاعبين أصحاب قدرات دفاعية، ليدفع بدلا من ذلك بخمسة لاعبين تسيطر على أدائهم النواحي الهجومية. ودفع ساوثغيت بكل من فيل فودين وماسون ماونت في خط الوسط في ظل الاعتماد على طريقة 4-3-3، وهو ما يعني أن ديكلان رايس كان اللاعب الوحيد الذي يلعب أمام خط الدفاع. ولا يوجد أدنى شك في أن الجماهير الإنجليزية كانت تطالب باللعب بهذه الطريقة وبهذا التشكيل منذ فترة طويلة. وكان ساوثغيت نفسه قد قال يوم الاثنين إنه كان يريد تجربة لاعب خط وسط ذي عقلية هجومية منذ بداية الموسم الماضي، لكن الوقت لم يكن مناسبًا لذلك. وعلى الرغم من أن ساوثغيت قد دفع بكل النجوم المهاريين والبارزين أمام المجر، فإنهم لم يقدموا الأداء المتوقع وظهر المنتخب الإنجليزي بشكل باهت للغاية، ولم يكن قادرا على ممارسة الضغط على لاعبي الفريق المنافس، أو اختراق دفاعات منتخب المجر، الذي كان يلعب بطريقة 3-4-3، حيث كان لاعبا خط الوسط، آدم ناجي وأندراس شيفر، قريبين للغاية من فودين وماونت، وبالتالي نجحا في الحد من خطورتهما. وعندما سعى ساوثغيت إلى إعادة التوازن للفريق، كان من المدهش والمهم أن قراره الأول كان تغيير غريليش، الذي كان يلعب في مركز الجناح الأيسر وكان الأكثر نشاطا في الناحية الهجومية للمنتخب الإنجليزي. لقد كان أفضل من هاري كين ورحيم سترلينغ، اللذين كانا بعيدين تماما عن مستواهما، وتم استبدالهما أيضا في 75. لقد تعاون غريليش بشكل جيد مع لوك شو في بعض الأحيان خلال الشوط الأول، ومرر له كرة متقنة أرسلها شو في نهاية المطاف عرضية داخل منطقة الجزاء لهاري كين. كما كان غريليش هو اللاعب الوحيد في المنتخب الإنجليزي الذي حاول اختراق دفاعات المنتخب المجري وإحداث خلخلة في خط الدفاع وإبعاد المدافعين عن مواقعهم الأصلية من أجل فتح مساحات لزملائه للانطلاق بها. وعلاوة على ذلك، كان غريليش هو من حصل على الركلة الركنية التي أدت إلى هدف التعادل الذي أحرزه جون ستونز بعد أن لعب كرة عرضية من اليسار إلى اليمين، لكن هذه الرغبة في الاحتفاظ بالكرة كثيرا ومحاولة اختراق دفاعات الفرق المنافسة عبر القيام بأشياء مختلفة هي التي تجعل غريليش لا يناسب طريقة اللعب التي يعتمد عليها ساوثغيت. كما أن هذا الأمر يتعلق أيضا بتحرك غريليش دون كرة، حتى لو قال المدير الفني إن اللاعب قد تحسن كثيرا في هذا الصدد خلال الـ12 شهرًا الماضية. ما يريده ساوثغيت من فريقه في الناحية الهجومية هو أن يتحرك اللاعبون خلف دفاعات الفريق المنافس، ولعل خير مثال على ذلك هو المباراة التي حقق فيها المنتخب الإنجليزي الفوز على إسبانيا بثلاثة أهداف مقابل هدفين في دوري الأمم الأوروبية في إشبيلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، عندما تراجع هاري كين للخلف لكي يخلق مساحة ينطلق فيها كل من سترلينغ وماركوس راشفورد، وهو الأمر الذي ساعد المنتخب الإنجليزي على شن هجمات مرتدة خطيرة على مرمى الإسبان. لكن غريليش يفضل مواجهة الخط الأخير للدفاع والكرة بين قدميه، لكي يستغل مهاراته وإمكانياته الفردية. وفي ظل وجود لاعبين مهاريين من حوله، مثل فودين وماونت، يتعين على المنتخب الإنجليزي الاعتماد بشكل أكبر على التعاون بين هؤلاء اللاعبين بشكل يصعب على الفرق المنافسة مواجهته. ومن الواضح أن ساوثغيت كان يعتقد أنه يحتاج إلى سرعة ساكا أمام المجر. خلاصة القول هي أن غريليش لا يناسب طريقة اللعب التي يعتمد عليها ساوثغيت، لكنه يشارك بفضل تألقه على مستوى الأندية، وخاصة مع أستون فيلا الموسم الماضي، عندما أحرز سبعة أهداف وصنع 12 هدفا خلال 27 مباراة شارك فيها (ابتعد عن الملاعب لمدة ثلاثة أشهر قرب نهاية الموسم بسبب الإصابة). وبعد انتقال غريليش القياسي لمانشستر سيتي مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، سجل هدفين وصنع هدفين خلال 10 مباريات، لكن ساوثغيت يدرك أن اللاعب ما زال في بداية مسيرته مع ناديه الجديد، وأنه ما زال يتعين عليه التكيف مع تعقيدات اللعب تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا. ومع المنتخب الإنجليزي، سجل غريليش هدفا وحيدا وصنع خمسة أهداف أخرى في 17 مباراة، وكان هذا الهدف في مرمى أندورا. وصنع غريليش هدفين حاسمين في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 ضد جمهورية التشيك وألمانيا، لكن لا يزال هناك شعور بأنه يتعين على غريليش أن يقدم أداء أفضل لكي يضمن مشاركته في التشكيلة الأساسية لمنتخب الأسود الثلاثة، وأن كونه لاعبًا رائعًا من الناحية المهارية لا يكفي.
مشاركة :