غزة 17 أكتوبر 2021 (شينخوا) يمر اليوم ثقيلا على اللاجئ الفلسطيني عبد الكريم بهادر بسبب ما يعانيه من واقع معيشي قاس داخل بيته في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة. ويقطن بهادر (55 عاما) في بيت ضيق ومتهالك برفقة أبنائه المتزوجين وأحفاده، في وقت ضاقت الظروف به فلم يعد باستطاعته توفير الطعام والشراب كل يوم في خطوة تزيد من سوء أحوال عائلته النفسية. وبحسرة وألم يشكو الرجل الذي اشتعل رأسه شيبا تراكم الديون عليه وخشية من دوام الحال. ويقول بهادر الذي بدت عليه عزة النفس لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن عائلته مستورة داخل البيت وبين جدرانه التي بدا نصفها السفلي دون طلاء وتقضي يومها بما لديها من أكل وشرب حال كان متوفرا من خلال الجيران أو المساعدات. ويوضح بهادر بينما يتلعثم في حديثه أن العائلة تقضي أحيانا يوما كاملا بدون أكل و في بعض الأحيان يكون الحال دون المستوى كالملح والزيتون والبندورة (الطماطم)، مبديا أسفه لواقع عائلته المرير. ويتابع بهادر أن الوضع في القطاع لا يطاق بسبب عدم توفر فرص عمل ودخل ثابت نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 14 عاما وأزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19). ويحتفل العالم في 17 أكتوبر من كل عام باليوم الدولي للقضاء على الفقر بموجب قرار صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 يناير العام 1992. ولا يختلف الحال كثيرا مع اللاجئ حسين داود (65 عاما) الذي يعيش داخل منزله مع 5 أفراد من عائلته في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع. ويقول داود الذي بدا منزله يفتقر لأدنى مقومات الحياة وبدون دهان أو بلاط أرضي والمنافذ مغلقة بالنيلون والخشب إن الوضع الاقتصادي "سيء" ويعيشه السكان في القطاع منذ أكثر من 14 عاما. ويضيف داود لـ ((شينخوا)) أن السكان يعانون من الوضع الاقتصادي المرير والاجتماعي والسياسي الناجم عن جولات الحروب المتكررة مع إسرائيل وحالة الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) منذ العام 2007. واحتفل العالم يوم أمس السبت 16 أكتوبر باليوم العالمي للغذاء وهو يوم أعلنته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) حيث يتم الاحتفال به على نطاق واسع من قبل العديد من المنظمات الأخرى المعنية بالأمن الغذائي، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي. ويهدف يوم الغذاء العالمي بحسب المنظمة الأممية إلى تعميق الوعي العام بمعاناة الجياع وناقصي الأغذية في العالم وإلى تشجيع الناس في مختلف أنحاء العالم على اتخاذ تدابير لمكافحة الجوع. لكن في القطاع الساحلي الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ العام 2007 تطفو على السطح التحديات حيث أقرت منظمات محلية ودولية بتراجع الأمن الغذائي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وأرجعت المؤسسات الأسباب وراء عدم قدرة آلاف الأسر على توفير طعام الى انعدام فرص العمل بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ نحو 14 عاما وما خلفته أزمة فيروس كورونا من آثار سلبية عليهم. ودفعت خطورة الأوضاع داخل القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة إلى إطلاق تحذيرات من مقدمي الخدمات والمساعدات "لدق ناقوس الخطر" بعدم مقدرتهم على استمرار دعمهم للعائلات الفقيرة. وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن 70 في المائة من أصل عدد سكان القطاع هم لاجئون يعتمدون على مساعداتها الإنسانية، مشيرة إلى أن الحصار طويل الأمد قد دفع بنسبة كبيرة من السكان إلى ما دون خط الفقر. وحسب الوكالة الأممية فإن اللاجئين الفلسطينيين في غزة وجدوا أنفسهم يواجهون أزمة كورونا واقتصاد هش وتفكك داخلي وافتقار لمنظور مستقبلي لانتهاء الحصار خلال موجة التوتر الأخيرة في مايو والتي استمرت 11 يوما. وفي السياق ذاته، قال وزير التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني لـ ((شينخوا)) إن إجراءات إسرائيل أحد أهم مولدات الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية من خلال سيطرتها على الموارد والمعابر وسياسات حصار غزة. وذكر مجدلاني أن الإجراءات الإسرائيلية التي تتمثل بتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية من خلال الحواجز الثابتة والمتنقلة والاستمرار في إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي والتحكم في حركة البضائع والمواد الخام من خلال السيطرة على المعابر تزيد من معدلات الفقر والبطالة. ودعا وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني، الشركاء الدوليين والمحليين إلى تضافر الجهود والإمكانيات للقضاء على الفقر في الأراضي الفلسطينية وبناء منظومة حماية اجتماعية شاملة. وتبلغ نسبة البطالة التي هي السبب الأساسي لارتفاع نسب الفقر في القطاع حوالي 60 في المائة من الأسر، بينما تصل في الضفة الغربية إلى 35 في المائة بحسب ما أفاد الخبير الاقتصادي الفلسطيني معين رجب. ويقول رجب لـ ((شينخوا))، إن الوضع في الأراضي الفلسطينية مختلف عما عليه الوضع في دول الجوار بسبب صغر حجم الاقتصاد وانعزاله وحصاره وعدم القدرة على التحرك بسبب المعوقات الإسرائيلية. وأوضح رجب أن إسرائيل المعوق الأساسي لتطور وتحسن الاقتصاد وما زاد الوضع سوءا تداعيات أزمة كورونا التي تسببت في ارتفاع نسب الفقر بشكل أكبر.
مشاركة :