قال خبراء عرب إن الصين أظهرت في كوب15 عزمها جليا على مساعدة الدول النامية على مواجهة التحديات الايكولوجية يدا بيد، وضخت ثقة كبيرة في الجهود بهذا الصدد. واختتمت المرحلة الأولى من الاجتماع الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، المعروف باسم كوب15، في كونمينغ، حاضرة مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين، الأسبوع الماضي. وخلال الاجتماع، اعتُمد إعلان كونمينغ الذي يلتزم بضمان صياغة واعتماد وتنفيذ إطار عالمي فعال للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 لعكس مسار الفقد الحالي للتنوع البيولوجي وضمان سير التنوع البيولوجي على طريق الانتعاش بحلول عام 2030 على أقصى تقدير، وذلك للوفاء برؤية 2050 للعيش في وئام مع الطبيعة. وقال مصطفى فودة، مستشار وزير البيئة المصري للتنوع البيولوجي، ومنسق مصر الوطني لاتفاقية التنوع البيولوجي، إن العقد الناجح لمؤتمر كوب15 في كونمينغ يكتسب أهمية كبيرة لجميع الأطراف، مقدما "الشكر لجهود الصين والتهنئة لها بنجاج الاجتماع". وأضاف فودة أن الاجتماع جاء في عصر تكتنفه تحديات متعددة خاصة في الدول النامية آخرها تلك الناجمة عن جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن العديد من البلدان النامية منزعجة من الفقدان الشديد في التنوع البيولوجي، وخاصة البلدان الأفريقية، حيث أصبح إيجاد حل مستدام أكثر إلحاحا. وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته الرئيسية خلال قمة القادة للاجتماع على أهمية تقديم يد العون للدول النامية التي تواجه المهام المزدوجة للانتعاش الاقتصادي وحماية البيئة. وقال الرئيس شي إن الدول النامية "تحتاج إلى مزيد من المساعدة والدعم من جميع الأطراف"، مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة "تعزيز التضامن للتغلب على الصعوبات والسماح لشعوب مختلف البلدان بالاستفادة بشكل أكبر وبطريقة أكثر عدلا من نتائج التنمية ومن بيئة سليمة". وقال فودة إنه يتفق تماما مع ما جاء في كلمة الرئيس شي في أنه يتعين على المجتمع الدولي تعزيز التعاون بجدية في حماية التنوع البيولوجي، خاصة وأن جائحة كوفيد-19 لم تنته بعد، "ففقط عندما نتحد، يمكن أن نبني وطنا على الأرض يمكن فيه لجميع بلدان العالم أن تنمو معا". وقال إن الصين بذلت جهودا كبيرة في الحفاظ على التنوع البيولوجي، معربا عن اعتقاده بأن الصين في وضع يمكنها من قيادة العالم في وضع السياسات المتعلقة بالتنوع البيولوجي. وتساعد الصين الدول النامية من خلال قنوات متعددة الأطراف في الحفاظ على التنوع البيولوجي، سواء من خلال مبادرة الحزام والطريق أو إطار التعاون بين بلدان الجنوب، وذلك وفقا لأول وثيقة بيضاء بشأن التنوع البيولوجي نشرتها الصين مؤخرا. ويأتي التعاون الصيني-العربي في مكافحة التصحر كأحد الأمثلة البينة على التعاون بين الجانبين في هذا الصدد. وفي عام 2006، عُقدت لأول مرة في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غرب الصين "الدورة التدريبية المخصصة للدول العربية في مجال تكنولوجيا ترويض الصحراء"، وتلاها عقد 12 دورة من هذا القبيل حتى الآن. وخلال السنوات الماضية، حضر المزيد والمزيد من الخبراء من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، بما فيها العراق والجزائر والأردن والمغرب وتونس وغيرها، إلى الصين للاستفادة من التجربة الصينية في مكافحة التصحر. وقال سرمد الأمين، نائب مدير الغابات ومكافحة التصحر بوزارة الزراعة العراقية، الذي حضر دورة تدريبية في نينغشيا قبل 8 سنوات، "شاهدنا في الصين عملا جبارا في مكافحة التصحر من حيث التقنيات والتكنولوجيا والقضاء على آثاره وكيفية تحويل الآراضي المتدهورة إلى أراض منتجة". وقال سرمد إن "ما قاموا (الصينيون) به من تثبيت آلاف الهكتارات من الكثبان الرملية والتنمية المستدامة لها وكذا حماية المشاريع الاستراتيجية من أثر تلك الكثبان أمر رائع". وقال "يحدوني الأمل في نقل الخبرات الصينية في مجال مكافحة التصحر إلى العراق الذي يعاني من مشاكل كبيرة في التصحر"، مشيرا إلى أن بعض هذه التقنيات المستخدمة في الصين تناسب الاجواء العراقية وخاصة من حيث ظروف المناخ وقلة الموارد المائية. وأعلن الرئيس شي خلال الاجتماع أيضا عن مبادرة لإنشاء صندوق للتنوع البيولوجي وأخذ زمام المبادرة باستثمار 1.5 مليار يوان (233 مليون دولار أمريكي) لدعم حماية التنوع البيولوجي في البلدان النامية. وحول ذلك، قال محمود ريا، رئيس تحرير موقع ((الصين بعيون عربية)) الإعلامي الذي يصدر من لبنان، إن الصين لا تهتم بوضعها البيئي فقط، وإنما تعمل على تعزيز الوضع البيئي في العالم كله. وأضاف أن خطوة إنشاء الصندوق ستكون مفيدة جدا للدول غير القادرة على صرف مبالغ كبيرة لحمايتها من أخطار الإستغلال الجائر للموارد الطبيعية. وأكد الخبير اللبناني أنه بات مطلوبا أن تضع دول العالم نصب عينها ما تقوم به الصين في مجال حماية البيئة، كي ينجو العالم من مصير مظلم محتم في حال استمر الحال بالسوء الذي هو عليه الآن، وهذا ما ركز عليه الرئيس الصيني في قوله في خطابه "في هذا العصر المليء بالتحديات والآمال، تحتاج البلدان إلى التكاتف وإطلاق مرحلة جديدة من التنمية العالية."
مشاركة :