عندما يرتكب سائقو المركبات في إحدى الإمارات، نحو 21 ألف مخالفة تجاوز الإشارة المرورية الحمراء خلال أقل من سنة (9 أشهر بالتحديد)، رغم أن القيادة الطبيعية تفترض أن يحسب السائق عند اقترابه من الإشارة الضوئية، احتمال تبدل ألوانها، فيبطئ من سرعته أو يستمر، على أن تكون كل الأمور تحت سيطرته، ويكون قادراً على التحكم، واتخاذ القرار السليم المناسب والآمن عند كل احتمال، فيضمن لنفسه السلامة ولمرافقيه وللآخرين أيضاً. الخوف كل الخوف من العقلية التي تقف وراء اتخاذ قرار كسر الإشارة الحمراء رغم خطورة النتائج المحتملة المترتبة على هذا السلوك، حيث يقود مرتكب المخالفة مركبته بسرعة عالية، ويتفاجأ بتبدل الإشارة - أو يضع نفسه في هذا الموقف - ليضطر بعد ذلك لمواجهة ما سيحدث نتيجة ارتكاب المخالفة، وهو وما شاء الله فعل، فقد يكون شديد الحظ فيفلت، وقد يقع ما لا تحمد عقباه، ليبدأ المختصون في لملمة البقايا، وتضميد جراح من كتبت له الحياة، ولكن بشكل مختلف تماماً، فقد يضاف إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة. عقلية متجاوز الإشارة المرورية الحمراء هي الخطر، فالتعامل غير الدقيق مع الاحتمالات المتوقعة، والاستهتار بأرواح الناس وممتلكاتهم، وتعطيل جزء من قوة كان من الممكن أن تكون عاملاً إيجابياً في البناء، يضيف إليه، ليصبح عامل هدم وتأخير، وسوء تقديره أكثر خطورة من أي أمر آخر، بسبب نتائجه المدمرة والمؤلمة معاً. حملات التوعية المرورية المتعاقبة لم تنجح مع هذا المخالف، ولم ترفع لديه مستوى الإحساس بالآخرين، وبأن واجبه الوطني يحتم عليه الحفاظ على منشآت الوطن، وحمايتها بمنع الهدر والإنفاق في غير المكان الصحيح، والخوف هنا أن يتشكل لديه حائط صد سلبي ضد كل معلومة مرورية إيجابية، فلا يستجيب لها بوعي، أو يكون رده فعلاً باطناً غير مدروس، وفي كل الأحوال لا نستفيد منه. التثقيف المروري الذي حصل عليه المخالف عندما كان صغيراً، يبدو أنه لم يكن كافياً بالدرجة التي تشكل لديه درعاً واقية تحميه، وتؤسس له قاعدة معلوماتية صلبة، وانضباطاً سلوكياً يثمر نموذجاً يحتذى في الالتزام الواعي بحماية النفس والآخرين من كل أخطار محتملة تحيق بهم جراء وقوع حوادث مرورية. ومن نافل القول، أن من هانت عليه روحه وأرواح الآخرين، ومن لا يبالي بإمكانية أن يتحول هو وغيره من عضو اجتماعي منتج إلى إنسان غير منتج رغم إرادته، لن يكون مهتماً بالحجم النقدي للمخالفة المرورية المسجلة ضده، مهما ارتفعت قيمتها. أي إجراءات عقابية أخرى ضد كاسر الإشارة المرورية الحمراء، يجب تفعيلها لتصبح أكثر عوامل الضغط على سائق المركبة ليلتزم بالقواعد المرورية، ومنها سحب رخصة القيادة لفترات معينة تناسب حجم المخالفة والنتائج المباشرة المحتملة المترتبة عليها.