خبراء: تمسك سعيد بقراراته رغم تصاعد الضغوط يصعّب وضع تونس

  • 10/22/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تزداد الضغوط الداخلية والخارجية على الرئيس التونسي قيس سعيّد، لوضع "خريطة طريق" واضحة، والكشف عن موعد إنهاء التدابير الاستثنائية، المعمول بها منذ 25 يوليو/ تموز الماضي. مر حوالي ثلاثة أشهر ولا رؤية واضحة من الرئيس سعيّد بخصوص الاستجابة للضغوط الداخلية والخارجية، المنادية بالعودة إلى المسار الديمقراطي وإعادة الحياة لمؤسسات الدولة. وفي 25 يوليو الماضي، قرر سعيّد، إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، ولاحقا أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين. ورفضت غالبية الأحزاب قرارات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلابًا على الدستور"، بينما أيدتها أخرى رأت فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية. وفي الفترة الأخيرة، تكررت الوقفات الاحتجاجية المعارضة لهذه القرارات، ووجدت الأحزاب نفسها بعيدة عن التأثير في واجهة الأحداث، حيث كانت الصورة مقتصرة على الرئيس سعيّد. وتعددت الزيارات والبيانات الأجنبية، من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ودول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، المطالبة جميعها بإعادة البلد إلى المسار الديمقراطي وإنهاء حالة الطوارئ. كما أن تأجيل المنظمة الدولية للفرنكوفونية قمة زعمائها التي كانت مقررة بجزيرة جربة التونسية (شرق)، الشهر المقبل، إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، جاء في من بوابة الضغوط الخارجية على سعيّد. من جهتها، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، درجة تونس من "بي 3" إلى "سي إيه إيه 1"، مع ترسيم آفاق سلبية، في سياق ضغوط دولية متصاعدة، إضافة إلى غياب تمويلات للموازنة من صندوق النقد الدولي، الذي شدد على ضرورة تقديم ضمانات بإصلاحات وعودة للمسار السياسي الديمقراطي. وخلال لقاء جمعه بـ يال لامبرت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، الأربعاء، أكد وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، تمسك بلاده "بنهجهها الديمقراطي وإرساء دعائم دولة مستقرة تستند إلى القانون والمؤسسات". وأضاف الجرندي، أن "الرئيس سعيد، سيتولى الإعلان عن بقية الخطوات التي من شأنها طمأنة شركاء تونس". وأشار إلى أهمية مواصلة وقوف واشنطن إلى جانب بلاده، ودعمها لها "إلى حين استكمال هذا المسار التصحيحي". من جانبها، شددت المسؤولة الأمريكية "على أهمية العلاقات التونسية الأمريكية ومتانتها" والأسبوع الماضي، حذر الكونغرس الأمريكي من وضع الديمقراطية بتونس، معتبراً أنها "مهددة وفي خطر"، وهو ما رفضه سعيّد. ومساء الخميس، أصدر البرلمان الأوروبي، قرارا أعرب فيه عن "قلقه العميق إزاء التركيز المفرط للسلطات في يد الرئيس". وشدد البرلمان الأوروبي على ضرورة الحفاظ على الدستور والإطار التشريعي، وحاجة البلاد إلى برلمان شرعي يعمل بشكل جيد، واستعادة الاستقرار المؤسسي في أقرب وقت. وتبنى البرلمان الأووربي القرار بأغلبية 534 صوتا من إجمالي 685، مقابل 45 صوتا وامتناع 106 عن التصويت. ** ورقة الضغط أمام صندوق النقد الدولي المحلل السياسي طارق الكحلاوي، وفي حديثه للأناضول، قال إن "الضغوط الخارجية يجب أن تفسر إما أنها لإلغاء الإجراءات الاستثنائية، أو من أجل توضيح خريطة طريق الرئيس سعيّد في الفترة المقبلة". ورأى الكحلاوي، أن "الضغوط موجودة وجاءت من الولايات المتحدة، ومن أربع دول أوروبية بعينها هي: فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا، التي لها وزنها في علاقاتها مع تونس". وأشار إلى أن هذه الدول طلبت تحديد سقف زمني لمواصلة العمل بالتدابير الحالية، وإجراء انتخابات تأتي بمؤسسات جديدة تعوض سابقتها (البرلمان المجمدة مهامه) للعودة للمسار الديمقراطي". ولفت إلى أن "السقف الزمني لإنهاء العمل بهذه التدابير متعلق أساسا بموعد إجراء استفتاء مرتقب (على الدستور والنظام السياسي)، سيسبقه حوار وطني مع المنظمات الوطنية لتحديد مضمون الاستفتاء بذاته". واعتبر أن "الولايات المتحدة والأربعة الأوروبيين الأقرب إلى تونس تأثيرًا (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا)، سيمارسون ضغطا يخص التمويل المالي من بوابة صندوق النقد الدولي، لقبول أو رفض الطلبات المالية لتونس". وأوضح الكحلاوي، أنه في هذه الحالة "لن يكون للتمويل الثنائي الممكن من السعودية والإمارات تأثير طويل المدى على علاقة تونس بمحيطها الخارجي". ** سعيّد لن يرضخ من جهته، رأى المحلل السياسي سالم بولبابة، في حديثه للأناضول، أن "الضغط الداخلي للتأثير على قرارات الرئيس سعيّد، تتلخص في وزن وموقف الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية)، التي يبدو التيار السياسي الأقوى داخلها مؤيدا للإجراءات الاستثنائية". وأضاف: "رغم وجود تيارات سياسية (داخل اتحاد الشغل) أخرى معارضة لهذه القرارات ورافضة للانقلاب على الدستور إلا أن وزنها أقل". واستطرد "ما يزعج حقيقة، موقف بقية المنظمات الوطنية (اتحاد أرباب العمل مثلًا)، التي اكتفت بدور المتفرج، وكانت مواقفها خجولة". واعتبر أن "حراك الشارع قلب المعادلة، خاصة في 26 سبتمبر/ أيلول، و10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بخروج حوالي 30 ألف شخص، خاصة في التاريخ الثاني، رغم بعض التضييقات، وبحضور حقوقيين وقيادات حزبية مطالبة بالعودة للمسار الديمقراطي واحترام الدستور". وأشار بولبابة، إلى أن حراك الشارع "كشف أن ليس كل الشعب في صف الرئيس وقراراته". وتابع أن "الضغوط الخارجية الأكثر تأثيرا على قرارات سعيّد، في ظل طلبات أمريكية وأوروبية بإعادة تونس إلى مسارها الديمقراطي، خاصة أن الولايات المتحدة الضامن المالي لتونس أمام صندوق النقد الدولي". ولفت إلى أن "اجتماع البرلمان الأوروبي (الخميس)، وتأجيل القمة الفرنكوفونية.. كلها تؤكد وجود هذا الضغط". ولا يستبعد المحلل السياسي التونسي، بالنظر إلى شخصية الرئيس بوصفه "سياسيا غير تقليدي"، أن "لا يقبل بهذه الضغوط، ولن يقدم تنازلات، حيث يؤمن بأن رؤيته صحيحة، وسيكون المنقذ للبلاد". وخلص بولبابة، إلى أن مقاومة سعيّد للضغوط الخارجية، "ستتسبب في مصاعب أكثر لتونس في الفترة المقبلة". ** عزلة عن الخارج وغياب منافذ في الداخل من جانبه، قال الباحث والمحلل السياسي قاسم الغربي، للأناضول، إن "الضغوط الخارجية بات واضحًا تصاعدها في الفترة الأخيرة، مع تتالي الزيارات والبيانات، وطرح الشأن التونسي في اجتماعات الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي، وتجدد الطلب بعودة البلاد للمسار الديمقراطي، ورفع التجميد عن البرلمان الحالي". وتأسف الغربي، لأن "الرئاسة التونسية لن تستجيب لهذه الضغوط، لأن رؤية سعيّد السياسية تنطلق من إنهاء عمل البرلمان، والتوجه للبناء السياسي الجديد، الذي يُنهي وجود كامل الطبقة السياسية". وتابع "الخضوع للضغوط الخارجية في إطار اتفاق بأي شكل، وإعادة عمل البرلمان الحالي، ولو ليوم وحيد، سيزيد من عزلة الرئيس وغياب أي منافذ له". وشدد الغربي على ضرورة ذهاب سعيّد، إلى حوار وطني، وعدم وضع نفسه في مأزق سياسي لا مخرج منه. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :