بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وفي ذكرى رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي، أقام المصرية أمسية نقدية حملت عنوان "قصائد المديح النبوي - نبويات أمير الشعراء أحمد شوقي.. قراءات و تأويلات"، وتحدث فيها الأستاذ الدكتور حمد الله عبدالحكيم أستاذ مساعد البلاغة والنقد الأدبي بجامعة جنوب الوادي. وقام بتقديم الأمسية الشاعر حسين القباحي، مدير بيت الشعر بالأقصر، حيث تحدث عن ذكرى المولد النبوي الشريف وما تمثله من حالة وجدانية تستعيد بهاء الماضي وتذكر النفوس بقيمة الحب وروح الرسالة المحمدية، وللوقوف أيضًا وقفة تأمل فيما أبدعه أمير الشعر أحمد شوقي من قصائد في مدح النبي عليه الصلاة والسلام عارض فيها القدامى وشق بها طريقًا جديدًا للقادمين، كما رحب القباحي بضيف الأمسية الأستاذ الدكتور حمدالله عبدالحكيم قارئًا من سيرته الذاتية. وأما الدكتور حمدالله عبدالحكيم، فقد بدأ حديثه مهنئًا جمهور بيت الشعر بذكرى المولد النبوي الشريف والذي تصادف هذا العام أن يكون في ذكرى ميلاد أحمد شوقي أمير الشعراء، ثم تحدث عن القصائد التي كتبها أمير الشعراء في المديح النبوي، لافتا إلى أنه بين فن المديح والرثاء ظهر فن يدعى المديح النبوي، وهو شعر يهتم بمدح النبي الكريم بتعداد صفاته الخلقية والخلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارته والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعراً والإشادة بغزواته وصفاته والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً، وغالبا ما يتداخل المديح النبوي في البيئة مع قصائد التصوف وقصائد المولد النبوي. وأضاف بأن ما يكتب من شعر بعد وفاة المرء يسمي رثاء، وقد رثي شعراء كحسان بن ثابت وغيرهم النبي محمد، وأشار إلى أن مصطلح المديح النبوي كان هو الأكثر انتشارا، لأن النبي حي بما قدمه من تعاليم وشرائع تحفظ البشرية من الانحطاط والضياع، وهذه الخصيصة ليست لأحد غيره. وقد فرق العلماء بين المديح النبوي والرثاء بأن ما قيل بعد وفاته مباشرة من شعراء الصحابة يسمى رثاء أما ما جاء عن شاعر ولد بعد وفاته فيسمى مديحا نبويا. وبحسب عبدالحكيم فإن الدكتور زکي مبارک، يعزو نشأة هذا الفن إلى التصوف، فيرى في المديح فنًّا من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص". وسمة هذا المديح الصدق والوازع الداخلي لدي الشاعر بحتمية مديح النبي فلا شيء يسن المدح أعظم منه، وقد وفق شعراء متواضعون في شعريتهم بمديح ملأ الآفاق وترك لهم أثرا حسنا في نفوس السامعين وشهرة فاقت شهرة من جبلوا على الشعر وبرعوا فيه، فعند المقارنة بین شاعر كالإمام البوصيري وشعراء آخرين كالمتنبي والبحتري وأبي تمام تجد أن الآخرين لم يوفقوا للمدح لانشغالهم بالتكسب . وتحدث الدكتور حمدالله عبداالحكيم، عن خصائص المديح عند شوقي فلم يقف شوقي عند خوارق المعجزات والأحداث التاريخية العظيمة دون أن يكشف عن جمال النفس المحمدية وعلوها وحرصها على المؤمنين حرصا يجعله النبي محمد يكاد يقتل نفسه ويكلفها ما لا تطيق خوفا على الناس. وأوضح بأن شوقي اهتم اهتماما حقيقيا بشخصية النبي وجند نفسه لعرض أسلوب روحاني عميق، يميز شوقي عن غيره. حيث تفوح من قصائده عبق التناصات التراثية فتشعر بلقائك بالمتنبي وأبي تمام والبحتري وعروة بن أذينة وغيرهم. وتابع بالقول بأن المفارقة التصويرية بين الماضي العظيم في ظل دعوة النبي والحاضر المتخلف عن ركب الأمم في ظل ترك منهجه القويم، وامتلأت قصائده بتوظيف التضاد والمقابلة لإبراز هذا التناقض... فجمع بين اللغة وسهولتها وجميل الخصال مع الزهد مع العيشة الرغدة والتنشئة الناعمة المترفة في ظل الخديوي. وأكد ان شوقي غيورا على دينه ووطنه، فقلما يجيد شاعر في موضعين متباينين: في كونه شاعر السلطة الأول وعند التحول يصبح شاعر الشعب الأول، حتى في تراكيبه ومعانيه يسطر فيها ما يشعر به من عزة في عصور الكرامة العربية، وقد أتاحت له تجربته الكبيرة واطلاعه الواسع وثقافته الدينية العميقة من أن يبرع في كل مجال، فاقتباساته من القرآن والحديث والسيرة تدل على سعة اطلاعه، وتبعث في نفوس السامعين الأمل بتذكيرهم بما كانوا عليه. وفي ختام الأمسية النقدية التي شهدت الكثير من مداخلات الحضور، استمتع جمهور بيت الشعر لفقرة من الابتهالات والإنشاد الديني قدمها الفنان عبدالله جوهر.
مشاركة :