بدأ الناخبون الاتراك الادلاء بأصواتهم اليوم (الاحد) في ظل تدهور الوضع الامني ومخاوف اقتصادية في انتخابات برلمانية مبكرة من المرجح أن تؤثر بشدة على مسار البلاد والرئيس رجب طيب اردوغان. وهذه ثاني انتخابات برلمانية تشهدها تركيا خلال خمسة أشهر بعد أن أخفق حزب العدالة والتنمية الذي أسسه اردوغان في الاحتفاظ بالاغلبية في انتخابات يونيو (حزيران)، وذلك للمرة الاولى منذ صعوده للحكم في 2002. ومنذ ذلك الوقت، انهار وقف لاطلاق النار مع المقاتلين الاكراد لتعود أعمال العنف من جديد وتفاقمت الازمة السورية وواجهت تركيا هجومين انتحاريين لهما صلة بتنظيم "داعش"؛ ما أدى الى مقتل أكثر من 130 شخصا. ولم تظهر الاعلام والملصقات وحافلات الدعاية الانتخابية التي عجت بها الشوارع خلال الفترة التي سبقت الانتخابات التي جرت في يونيو. لكن اردوغان وصف الانتخابات الجديدة بأنها فرصة مهمة لتركيا للعودة الى حكم حزب العدالة والتنمية بمفرده بعد غموض سياسي استمر شهورا. وقال بعد أن أدى الصلاة في مسجد جديد باسطنبول يوم أمس (السبت) ان "هذه الانتخابات من أجل استمرار الاستقرار والثقة". وتعهد باحترام النتيجة. وبحسب المجلس الانتخابي الاعلى، يبلغ عدد الناخبين في تركيا 54 مليونا و49 الفا و940 ناخبا من اصل عدد السكان البالغ 77,6 مليون نسمة، بزيادة نحو 400 الف ناخب عن انتخابات السابع من يونيو. وتمكن اكثر من 2,8 مليون مواطن تركي يقيمون في الخارج من التصويت في الاسابيع الماضية في قنصليات بلدهم. وقد فتحت اولى مراكز الاقتراع الـ175 الفا ابوابها في الساعة السابعة على ان يغلق اخرها عند الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (4:00-14:00 ت.غ). وينتخب النواب الاتراك في دورة واحدة باقتراع بحسب نظام اللوائح في كل من المحافظات ال81 في البلاد. وبهدف تشجيع غالبية ثابتة، يمكن للاحزاب التي نالت 10% من الاصوات على المستوى الوطني ان تشارك في هذا التوزيع. هذا النظام الذي يواجه انتقادات شديدة لانه يعتبر غير منصف، قائم في دول اوروبية اخرى، حيث تحدد نسبة التمثيل ب5%. وقد اتاح في 2007 لحزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان ان ينال 62% من المقاعد (341 ) مع حصوله على 46,5% فقط من الاصوات. من جانبهم، عبر نواب من المعارضة عن قلقهم ازاء حسن سير الانتخابات في جنوب شرقي البلاد، حيث الغالبية كردية، وتدور مواجهات عنيفة منذ ثلاثة اشهر بين قوات الامن التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني. ونشر حوالى 400 الف شرطي ودركي لضمان امن الانتخابات خصوصا في جنوب شرقي تركيا. من جهته، يندد حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي-ديمقراطي) وريث مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك بـ"النزعة التسلطية" لدى اردوغان، لكنه يعاني من غياب قائد قوي. ويرتقب ان يحصل على ما بين 26 الى 28% من الاصوات. وكان قد حصل في الاقتراع السابق على 25,1% من الاصوات. اما حزب الحركة القومية اليميني فيأمل في الاستفادة من تفتت القاعدة المحافظة لدى حزب العمال الكردستاني من استئناف النزاع الكردي. وقد نال 16,4% من الاصوات في انتخابات 7 يونيو وتتوقع استطلاعات الرأي نتيجة اقل بشكل طفيف اليوم. أما حزب الشعوب الديمقراطي الناطق باسم الاقلية الكردية (20% من السكان)، يرتقب ان يتجاوز عتبة 10% من الاصوات كما حصل في يونيو. وبفضل شعبية زعيمه صلاح الدين دميرتاش (42 عاما) تحول الى حزب يساري حديث يستجيب لتطلعات كل الاقليات. ويرتقب حصوله على 12 الى 15% من الاصوات. وتنقسم اراء السكان في أسطنبول بشدة بشأن التصويت فالبعض ما زال مؤيدا لحزب العدالة والتنمية ومتشائم من تشكيل ائتلاف والآخر منتقد. ويقول منتقدو اردوغان ان هذه الانتخابات التي دفع اليها عجز حزب العدالة والتنمية عن العثور على شريك صغير لتكوين ائتلاف حكومي بعد انتخابات يونيو، تمثل مقامرة من جانب الرئيس كي يحصل من جديد على تأييد كاف للحزب يمكنه في نهاية الامر من تعديل الدستور ومنحه سلطات رئاسية أكبر. وتشير استطلاعات كثيرة للرأي الى أنه على الرغم من أن التأييد لحزب العدالة والتنمية ربما ارتفع قليلا فمن غير المرجح أن تختلف النتيجة بشكل كبير عن يونيو عندما حصل على 9. 40 في المائة من الاصوات. ولكن استطلاعا نُشر يوم الخميس الماضي أشار الى ارتفاع حدث في الآونة الاخيرة في معدل التأييد لحزب العدالة والتنمية وأنه قد يحصل على 2. 47 في المائة؛ وهي نسبة كافية لضمان الحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان المؤلف من 550 عضوا. واذا أخفق حزب العدالة والتنمية من جديد في ضمان الحصول على أغلبية كحزب واحد فربما يضطر للعودة لطاولة المفاوضات مع حزب الشعب الجمهوري المعارض أو حزب الحركة القومية اليميني.
مشاركة :