توقع محللون نفطيون استمرار المكاسب السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد سبعة مكاسب متتالية لخام برنت وتسعة مكاسب للخام الأمريكي، بسبب أزمة الطاقة الدولية وإحلال النفط الخام محل الغاز الطبيعي، ما وسع من وتيرة نمو الطلب العالمي. وأشاروا إلى أن الأسعار تلقى دعما قويا من انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية ومن استمرار قيود العرض المشددة في مجموعة "أوبك +" وخارجها، بينما كبح المكاسب توقعات جديدة بأن يكون فصل الشتاء هذا العام دافئا نسبيا، ما يخفف وتيرة استهلاك الوقود في أغراض التدفئة. وأوضحوا لـ"الاقتصادية"، أن النفط سجل أطول فترة من التقدم الأسبوعي منذ 2015 ويعود هذا الأمر في جانب منه إلى تحفظ وحذر منتجي "أوبك +" في زيادة الإمدادات النفطية، وذلك بالتوازي مع تقلص إمدادات النفط الخام الأمريكية. ورجح محللون ألا يسفر اجتماع المنتجين في "أوبك +" في الرابع من تشرين الأول (نوفمبر) المقبل عن إقرار زيادة أوسع من الزيادة الشهرية المتفق عليها سابقا، وقدرها 400 ألف برميل يوميا، وذلك في أعقاب تصريحات وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في الهند أخيرا بأن أي نفط إضافي من مجموعة "أوبك +" لن يفعل كثيرا لتهدئة أزمة الطاقة، في ظل استمرار نقص الغاز وارتفاع تكلفته. وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي، العضو المنتدب لشركة كيو إتش أي الدولية لخدمات الطاقة، إن الارتفاعات السعرية تهيمن بقوة على السوق والمكاسب الأسبوعية تتوالى في إشارة إلى قوة تعافي الطلب وتشديد المعروض، ولذا من المتوقع أن يشهد الأسبوع الجاري إضافة مكاسب جديدة انتظارا لحسم الزيادات الإنتاجية الجديدة في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، عندما يلتقي وزراء الطاقة في المجموعة في اجتماعهم الشهري، والذي سوف يركز على استعراض تطورات السوق وبحث مطالب المستهلكين بزيادة الإمدادات. وأضاف أن العقود الآجلة للنفط الخام حققت أيضا مكاسب واسعة للأسبوع التاسع على التوالي، ما يعكس الثقة في استمرار وتيرة المكاسب فترة طويلة نسبيا، مشيرا إلى أن تقديرات صادرة عن الإدارة الامريكية عززت استمرار توقعات ارتفاع أسعار البنزين حتى العام المقبل، بسبب قيود الإمدادات من قبل "أوبك +" ومن منتجي النفط المستقلين الآخرين. من جانبه، يوضح دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، أن أزمة الطاقة العالمية ونقص إمدادات الغاز أشعلت الأسعار العالمية، وأدت إلى تسجيل مستويات قياسية من الارتفاع، خاصة مع قدوم فصل الشتاء، كما أدت الأزمة إلى استنزاف المخزونات النفطية في الولايات المتحدة إلى المستويات، التي شوهدت لآخر مرة، عندما كانت أسعار النفط الخام عند 100 دولار. وعد قيود العرض من جانب مجموعة "أوبك +" المحرك الأكبر لأسعار النفط في الأسواق حاليا، خاصة في ظل عدم وجود أي إشارات جديدة بأنها قد تقدم أي كمية مؤثرة من النفط الخام الإضافي في المستقبل القريب. من ناحيته، يقول بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن الاستهلاك يفوق العرض بفارق ملحوظ في أسواق الطاقة، ما جعل أسعار النفط الخام تقفز أعلى مستوياتها منذ 2014 هذا الأسبوع، مع توقع استمرار السوق على هذه الوتيرة نتيجة النقص في الغاز الطبيعي والفحم، والذي ينعكس على زيادة الطلب على المنتجات النفطية. وذكر أن سوق النفط العالمية تعاني حاليا تفاقم عجز الإمدادات، بسبب تعافي العالم من وباء فيروس كورونا، بينما بقي المنتجون في "أوبك +" في حالة حذر لمنع تكرار سيناريو الهبوط الحاد، الذي وقع في أبريل من العام الماضي أثناء ذروة أزمة الوباء العالمية. وتشير أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة إفريكان ليدرشيب الدولية، أن سوق النفط الخام تتجه إلى مزيد من التشديد وصعود الأسعار، ما جعل بنوك دولية مثل "بي إن بي باريباس" تتوقع استنزاف المخزونات النفطية على نحو أوسع خلال الربع الرابع الحالي والربع الأول من العام المقبل. وأضافت أن توقعات الرئيس الأمريكي جو بايدن استمرار ارتفاع الأسعار عززت المخاوف لدى المستهلكين من نقص أوسع في إمدادات الطاقة العالمية، خاصة مع ارتفاع حركة النقل العالمية وزيادة استهلاك الوقود، حيث ارتفع المؤشر الرئيس للطلب الأمريكي على البنزين هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى لهذا الوقت من العام منذ 2007. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، جرى تداول النفط يوم الجمعة بمعدلات أقل بقليل عن ذروته في عدة أعوام، نتيجة الاتجاهات التصاعدية بشأن انخفاض الإمدادات، والتي حد منها مخاوف أبداها زعماء العالم حول احتمال عدم انتهاء اضطرابات الطلب الناتجة عن جائحة كورونا. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 92 سنتا أو 1.1 في المائة، لتغلق على 85.53 دولار للبرميل. ووصل خام القياس برنت إلى أعلى مستوياته منذ ثلاثة أعوام الخميس، عندما سجل 86.10 دولار وقد ارتفع 1 في المائة، خلال الأسبوع محققا ارتفاعا للأسبوع السابع. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.26 دولار أو 1.5 في المائة، لتبلغ عند التسوية 83.76 دولار للبرميل، على مقربة من أعلى مستوياته في سبعة أعوام، والتي سجلها هذا الأسبوع. وارتفع هذا المؤشر بنسبة 1.7 في المائة، خلال الأسبوع وصعد للأسبوع التاسع على التوالي. وتعززت الأسعار بفعل المخاوف بشأن نقص الفحم والغاز في الصين والهند وأوروبا، ما دفع بعض شركات توليد الطاقة إلى التحول من الغاز إلى زيت الوقود والديزل. ومن المتوقع أن يكون الشتاء في معظم أنحاء الولايات المتحدة أكثر دفئا من المتوسط، وفقا لتوقعات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. وتعزز وضع الخام الأمريكي هذا الأسبوع مع تطلع المستثمرين إلى انخفاض مخزونات الخام في مركز كاشينج لتخزين النفط بولاية أوكلاهوما. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأربعاء، انخفاض مخزونات الخام في كاشينغ إلى 31.2 مليون برميل، وهو أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول 2018. ومن جانب آخر، أشار تقرير بيكر هيوز حول أنشطة الحفر الأمريكية إلى انخفاض عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة بواقع 1 هذا الأسبوع، حيث يبلغ إجمالي عدد الحفارات حاليا 542 بزيادة 255 عن هذا الوقت من العام الماضي، ولكن لا يزال أقل من 790 منصة نشطة، اعتبارا من آذار (مارس) 2020. كما لفت التقرير إلى انخفاض عدد منصات النفط الأمريكية هذا الأسبوع إلى 443 - انخفاض بمقدار 2 منصة - بعد ستة أسابيع متتالية من الإضافات، وقد زاد عدد منصات الغاز بمقدار 1، وظلت الحفارات المتنوعة على حالها. ونوه التقرير إلى تراجع تقديرات إدارة معلومات الطاقة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 100 ألف برميل يوميا إلى 11.3 مليون برميل يوميا، بعد ارتفاعها خمسة أسابيع من الأسابيع الخمسة السابقة. وأضاف التقرير، أنه تم رصد انخفاض في إجمالي عدد الحفارات في كندا بمقدار 4 حيث وصل عدد الحفارات النشطة للنفط والغاز في كندا الآن إلى 164 بزيادة 85 عن العام الماضي. وذكر التقرير أنه حدث ارتفاع في عدد الحفارات في حوض بيرميان مرة أخرى هذا الأسبوع بمقدار 1، بينما بقي عدد الحفارات في إيجل فورد على حاله، موضحا أن إجمالي عدد منصات الحفر في برميان يزيد الآن على 135 منصة عما كان عليه هذا الوقت من العام الماضي.
مشاركة :