اختتمت أمس في أبوظبي أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني الذي شهد مشاركة نخب عديدة من الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية ومن العالم، ناقشت على مدى يومين التحولات الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، والتحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي فرضتها هذه التحديات على الحكومات والشعوب في آن معاً. وركزت نقاشات اليوم الثاني من الملتقى على موضوعات القوة في العصر الرقمي ومخاطره وفرصه في نفس الوقت على نظام الدولة الوطنية، والنظام الاقتصادي العالمي المضطرب في ظل عملية تفكيك وإعادة تشكيل مفاهيم القوة، إضافة إلى الاتجاهات المستقبلية العالمية في ظل التغيير المدمر والطائفية المتصاعدة وحالة عدم الاستقرار. كانت الجلسة الثالثة من الملتقى بعنوان القوة في العصر الرقمي حيث ركزت على موضوع القوى العسكرية والتحالفات الدولية: كيف يؤثر انتشار القوة في عصر العولمة المتزايدة على مفهومنا للقوة العسكرية، والصناعات والتقنيات العسكرية، والشركات والتحالفات العسكرية والدفاعية؟ ثم مراكز القوة المتحولة وكيف تؤثر الديناميات المتغيرة للقوة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، في الأولويات والاستراتيجيات العالمية والإقليمية؟ وقال باري بافل إن الثورة الرقمية التي حدثت في العشرين سنة الماضية أحدثت آليات جديدة وقد شهدنا بعض الأمثلة، فوجئت الولايات المتحدة بأحداث 11 سبتمبر، أيضا نموذج داعش يرتكز على هذا الأساس، وإذا لم نواجه هذا التنظيم في الفضاء الرقمي سنفشل، لأن تسويق هذا التنظيم وعملياته تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وهو يكسب المعركة، فالدول تستخدم الفضاء الرقمي ولكن هناك جهات أخرى تستخدمه، نحن بحاجة إلى مبرمجين ومؤرخين وأن يعملوا معاً. وذكر أن ما حدث خلال عشرين عاما ماضية يؤكد ضرورة تبني استراتيجية مختلفة وإحداث تغيرات سلمية، علينا أن نحرك العلاقات الدولية بأكثر فاعلية، ويجب استخدام التكنولوجيا لتقوية الاقتصاد والتعليم. من جهته أضاف أندريه كورتونوف أن موضوع الجلسة مهم للغاية وجاء في وقته المناسب، القوة الرقمية منتشرة وقد قال الرئيس بوتن أنه لا يمكن التحكم بها، وفي روسيا استخدام الإنترنت باللغة الروسية ويمكنه التأثير بالرأي العام، القوة الرقمية ظاهرة جديرة بالاهتمام. وذكر الدكتور ليو كانج أن هناك تحديات جديدة تواجهها الصين في العصر الرقمي، مثل الإرهاب الإلكتروني الذي تواجهه هي والولايات المتحدة الأمريكية، ولا أحد يعرف كيف يمكن التصدي لمخترقي الشبكة العنكبوتية ، هذا عصر جديد يسمح برأي كل من يريد، وفي الصين الرقابة الإلكترونية قوية للغاية، مع أن الصين تواجه قضايا داخلية هائلة، هناك من يعتقد أن الحكومة عاقدة العزم على كبح جماح تدفق المعلومات داخلياً وليس خارجياً، والحكومة تتحكم في تدفق المعلومات الحر خارج الصين، لكن الرأي الصيني يتعامل مع القضايا القومية، والحكومة ينتابها قلق كبير بشأن التحكم في الوضع. وأوضحت إلين ليبسون أن الدولة قد تكون قوية لكنها لا تتحكم بكل شيء، مضيفة أن تنظيم داعش يستخدم التكنولوجيا لخدمة أغراضه، كما أن وصول الشباب للإنترنت يغير سلوكهم وعلاقاتهم، هناك الكثير من القيود القانونية التي قد لا تسمح للدول بالتحكم في الوضع. وأضاف جيامبيرو جياكوميلو أن فرض السيطرة والرقابة الزائدة على الإنترنت أمر فاشل لا بد من إيجاد إجابات للمخاوف والتخوفات، الإجابة لا تأتي عن طريق أساليب الحصر ولا تحجيم النشاط، لكن تعليم وتثقيف المستخدمين هو الحل الحقيقي لهذه المشكلة، التعليم هو الذي يعطي نتائج على المدى الطويل، لكن السياسيين يدعمون الأنشطة قصيرة الأمد سريعة النتائج، يستثمرون في التسليح، أما التعليم فنتائجه بعيدة الأمد. وقال يوهان أريكسون في الأيام الأولى لانتشار الإنترنت قيل إن ذلك سيسمح بوصوله إلى الكثيرين وسيمنحهم الديمقراطية ويحررهم وهذا رأي ساذج، فالتكنولوجيا والهواتف الذكية هي حيادية بما يتعلق في السياسة ، ولكن هذا سلاح ذو حدين، في السويد مثلاً يستخدم اللاجئون القادمون من سوريا الهواتف الذكية للتواصل مع أهاليهم يستفيدون من التكنولوجيا ويحسنون استخدامها. فيما ناقشت جلسة تأثير مستقبل الفضاء المعلوماتي في القوة والدولة مخاطر وفرص العصر الرقمي على نظام الدولة الوطنية، وكيفية تأثير تنامي قدرات الفضاء المعلوماتي وانتشارها بين الدولة الوطنية والفاعلين ما دون الدولة في ديناميات القوة والعلاقات الدولية. وحاولت الجلسة الإجابة على أسئلة ضاغطة يطرحها التطور التكنولوجي من قبيل تأثير تطور المقدرات المعلوماتية للدول و للفاعلين ما دون الدولة على مفاصل السلطة والعلاقات الدولية وعلى مفهوم الدولة الوطنية. كما تناولت بالتحليل مدى جاهزية دول المنطقة لمواجهة التحديات التي يطرحها الفضاء المعلوماتي لأمنها وسياساتها وهويتها. وبدأت مديرة الجلسة نازلي شكري، أستاذة العلوم السياسية ومديرة شبكة النظام العالمي للتنمية المستدامة، بسرد سريع لعناوين التحديات التي يفرضها الفضاء المعلوماتي قائلة إن الحلبة المعلوماتية نشأت وتطورت وأديرت من قبل القطاع الخاص، وإن الدول والحكومات دخلتها بشكل متأخر، وهذا الأمر يستدعي فهمنا لهذا الواقع الجديد من أجل تحسين إدارتنا له ومواجهة التحديات التي يفرضها. وقال أنتونيو لوبيز إستوريز، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي الإسباني، في مداخلته إن ما يهمه كسياسي يعمل على قضايا الحريات العامة والأمن ورسم السياسات، هو خلق توازن بين الانفتاح على المستقبل الذي يمثله فضاء المعلومات وعدم خلق جدران عازلة أو إقامة أنظمة رقابة جماعية. وأضاف أن حق استعمال المواطنين لوسائل الفضاء المعلوماتي يجب أن يكفل، لأنه وسيلة للمشاركة والتأثير الإيجابي على أصحاب القرار. وأشار لوبيز إلى حادثتي التجسس بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ممثلاً في ألمانيا قائلاً: إننا تعلمنا الدرس منهما، وهو ضرورة بناء جسور الثقة بين الحلفاء وتركيز الجهود لمحاربة العدو المشترك الممثل في الإرهاب. ووصف ناصيف حتي، سفير جامعة الدول العربية في إيطاليا والفاتيكان والمندوب الدائم للجامعة في الأمم المتحدة، الإنترنت بأنه أداة حررت العالم ولكن جعلته أكثر فوضى. وأضاف حتي أن عولمة الفضاء المعلوماتي تسببت ب بلقنة خريطة الأمن المعلوماتي، وتسببت بحرب باردة جديدة تجري في الفضاء الرقمي، مؤكداً ضرورة الموازنة بين ضرورات الأمن والحفاظ على المصالح وبين حماية الحريات الفردية. واعتبر ما زياولن، المدير التنفيذي لمؤسسة الصين للدراسات الدولية ومدير جمعية الصداقة العربية الصينية، أن الإنترنت لا يعترف بالحدود، ولكن هنالك حدوداً للدول ولمصالحها. وعلى الجميع أن يعمل من أجل حماية مصالحه وصد الإجرام الإلكتروني. وقال المتحدث الصيني إن ردم الهوة بين سياسات الإنترنت والتحديات التي يفرضها يمر عبر التعاون الدولي ومن خلال سن قوانين لإدارة الفضاء المعلوماتي، وتبني منظومة قيم تحكمه. وركز فيتالي ناومكن، مدير معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، على استعمال الفضاء المعلوماتي كأداة جديدة في الحروب متوقعاً أن يزيد اللجوء إليه في الحروب المستقبلية التي تقوم على ثلاثة أضلع هي: القوات الخاصة والطائرات من دون طيار والسلاح المعلوماتي. وأشار ناومكن إلى أن روسيا اقترحت صياغة اتفاقية دولية للحد من عسكرة الفضاء المعلوماتي، لكنها لم تجد آذاناً صاغية، الأمر الذي دفعها إلى تعزيز قوتها العسكرية المعلوماتية. وأضاف المستشرق الروسي أن بلاده تحس بأنها تتعرض لحرب إعلامية خاصة بشأن تدخلها في سوريا، معتبراً أن استمرار أجواء عدم الثقة لن يساعد على توحيد الجهود في محاربة الإرهاب. واعتبر البدر الشاطري، الأستاذ الملحق بكلية الدفاع الوطني الإماراتي، أن التأثير البنيوي يكمن في كون الفضاء الرقمي يفتح الباب أمام الهويات ما دون الوطنية للتعبير عن نفسها من دون أن يمنحها إطاراً للاندماج في مجتمعاتها الوطنية. أما التأثير السياسي فيتصل بإعطاء الفضاء الرقمي فرصة لتعبير الجماهير الساخطة، ويحد في الوقت ذاته من قدرة الدولة المركزية على استعمال القوة واحتواء التعبيرات الاحتجاجية. ويكمن التأثير الإديولوجي في أن مفهوم الدولة لحدودها وهويتها أصبح محل منازعات من قبل قوى خارجية أو مجموعات تعمل من خارج أطر الدولة. ووصف نبيل الخويطر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية لمشاريع الطاقة، الفضاء المعلوماتي بأنه الثورة التواصلية الرابعة في تاريخ البشرية بعد اكتشاف اللغة ثم الكتابة فالمطبعة. واعتبر الخويطر أن كل محاولات الرقابة على هذه التكنولوجيات ستكون من دون فائدة، وبدلاً من صرف مبالغ طائلة عليها، يجب اتخاذ قرارات صعبة باتجاه تعزيز إحساس المواطنين بالانتماء وبالفخر من خلال تعزيز مشاركتهم في الحياة العامة لمجتمعاتهم. حاولت الجلسة الثامنة من أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني والتي عقدت تحت عنوان التكنولوجيا والطاقة وإعادة التوازن الاقتصادي، الإجابة عن جملة أسئلة يأتي في مقدمتها التأثيرات المحتملة للتكنولوجيا الجديد، خاصة في مجال النفط الصخري، وتراجع أسعار النفط في اقتصادات دول المنطقة وقدرتها على بناء قدراتها كل على حدة أو مجتمعة. وبدأ مدير الجلسة جعفر الطائي، العضو المنتدب لشركة منار لاستشارات وإدارة مشاريع الطاقة الإماراتية بالقول : إن نجاح استراتيجيات الولايات المتحدة لاستخراج النفط الصخري من عدمها لن يقلل من المكانة الاستراتيجية لدول المنطقة ولا بطبيعة علاقاتها المحورية مع أمريكا. واعتبر جيفري فرانكس، مدير مكتب صندوق النقد الدولي في أوروبا أن الاقتصاد العالمي دخل نقطة انعطاف في دورة إنتاج واستهلاك السلع وفي مقدمتها النفط الأحفوري. وتوقع أن تظل أسعار النفط لسنوات طويلة تحت عتبة ال100 دولار، ما سيطرح تحديات كثيرة على مستوى التخطيط وإدارة الموارد وتنويع الاقتصاد وضبط مستويات الإنفاق والعجز. وتناول محمد الصبان، كبير مستشاري وزير البترول السعودي السابق، التوقعات القائلة بإمكانية إفلاس المملكة العربية السعودية نتيجة تراجع أسعار النفط قائلاً ، إن الأمر لا يعدو كونه أماني لن تتحقق بالنظر إلى الاحتياطي المالي السعودي القوي، ومستوى الدين العام المنخفض لديها. وتناولت الجلسة كذلك توجه اليابان المتزايد نحو الطاقة النووية وحجم التأثير المحتمل لذلك في توازنات القوة وأسواق الطاقة في العالم. الاعتماد على القدرات والمبادرات الذاتية لحماية أمن المنطقة أبوظبي - مجدي زهر الدين: سعى ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني إلى مقاربة التحولات الجيو سياسية التي طالت خريطة توزيع القوة في العالم، وتحولات النظام الدولي، والتهديدات والمخاطر العالمية، وقضايا منطقة الشرق الأوسط، ومنها منطقة الخليج. وخرج الملتقى من خلال مداخلات المشاركين في جلسات الملتقى، والتي فاقت على 70 مداخلة، والمناقشات التي أثيرت على هامشها بجملة من الخلاصات والاستنتاجات، ففي الجلسة الأولى التي خصصت لتناول منطقة الخليج في العالم الجديد خلصت الجلسة إلى أن المنطقة تشهد لأول مرة هذا القدر من الاضطرابات المحيطة بها؛ والمتمثلة في حروب وصراعات تنتشر في الجغرافيا السورية والليبية واليمنية، فضلاً عن الفوضى الأمنية التي تطبع المشهد العراقي منذ سنوات، وتمدد تنظيم داعش، دون إغفال التدخلات العسكرية الأجنبية، لا سيما الإيرانية والروسية في سوريا. وأكدت الجلسة الأولى أن عملية عاصفة الحزم في اليمن، بقيادة السعودية ومشاركة فاعلة من دولة الإمارات، خلقت تحولاً في التفكير الاستراتيجي الخليجي، واقتناعاً بضرورة الاعتماد على القدرات والمبادرات الذاتية لحماية أمن المنطقة واستقرارها ومصالح دولها. وشددت الجلسة على أن المنظومة الخليجية تعاني غياب استراتيجية موحدة ومتفق عليها بين دولها للاستجابة للتحديات والتهديدات الناشئة. وركزت الجلسة الثانية على التحولات الداخلية في دول الربيع العربي؛ أي سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن، ومصر، وتوصلت إلى أن النظام الإقليمي عجز عن حل المشاكل الراهنة، وفشلت مؤسساته في التدخل الفاعل؛ ما ساهم في تدويل أزمات المنطقة، وتحول الصراعات فيها إلى حروب بالوكالة. وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن دول ما يسمى الربيع العربي، تواجه ثلاث مجموعات من المشاكل: مشاكل بنيوية تتعلق بصعود الهويات الأولية ما دون الوطنية؛ ومشاكل تتعلق بإرث الدولة الاستبدادية؛ ومشاكل ثالثة تتصل بإدارة العملية الانتقالية. وخلصت الجلسة الثالثة التي سلطت الضوء على ديناميات النفوذ الإقليمي لكل من إيران وتركيا، إلى أن الرئيس باراك أوباما تعامل بإيجابية مع إيران، وسعى إلى إبرام الاتفاق النووي مع طهران، متبنياً مقاربة أن الانفتاح على إيران سيعمل على تغيير سلوك إيران وتخفيف سياساتها العدائية؛ على الرغم من أن كثيرين يشككون في صحة هذه المقاربة نظراً إلى طبيعة النظام الأيديولوجية المتصلبة في طهران. وأوضحت الجلسة أن تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية اعتبرت المنطقة العربية مركز مشروعها الجيوسياسي الإقليمي، واعتمدت على القوة الناعمة والشراكات الاقتصادية في ترويج دورها وزيادة نفوذها، إلا أن سياساتها إزاء تداعيات الربيع العربي زعزع علاقاتها بدول المنطقة، كما أن الأزمة السورية مثلت نقطة تحول في السياسة الخارجية التركية وجعلت أنقرة أكثر عزلة من أي وقت مضى. وفيما يخص الصراع الإسرائيلي العربي ، فمن الملاحظ أن عملية السلام كانت تفتقر إلى الأسس السلمية الضامنة لاستمرارها ونجاحها، ويرى الطرف الفلسطيني أنه لا يمكن القبول بما تطرحه الحكومة الإسرائيلية حالياً على الفلسطينيين فيما يخص حل الدولتين، لأنه أشبه بدولة مسخ. ونوهت الجلسة الرابعة الى أن هناك أزمتين تتهددان العالم، الأولى تتصل بانتقال الصراع على المقدرات والموارد إلى صراع بين الأفكار والقيم، بينما ترتبط الثانية بانهيار النظام الأمني العالمي الذي عرفناه في القرن الأخير، وبخاصة في منطقتنا المقبلة على ما يبدو على سايكس بيكو جديد. خبراء سياسيون: الإمارات ملتقى لجذب العقول والمفكرين أبوظبي - نجاة الفارس: أكد عدد من الخبراء السياسيين الذين التقتهم الخليج على هامش فعاليات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني، أن الإمارات أصبحت عاصمة المنتديات واللقاءات العلمية العالمية، وملتقى يجذب العقول والمفكرين، وأشاروا إلى أنها قدمت للعالم تجربة ناجحة، وتمنوا أن تحذو بقية الدول العربية حذوها وتقتدي بها ليكون ذلك مخرجا من الأزمات الحاصلة في الشرق الأوسط، ولفتوا إلى أن قيادة الإمارات تسعى لوضع الدولة في مصاف الدول المتقدمة على مستوى العالم. قال الدكتور رمضان قرني محمد، الخبير في الشؤون الإفريقية في الهيئة العام للاستعلامات بمصر، لقد أصبحت الإمارات خلال العشر سنوات الماضية تتشكل صورة لها في الأوساط الثقافية والعلمية الدولية، تغاير تماماً الصورة النمطية المعروفة عن دول الخليج بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام، وهناك مؤشرات تغذي هذه الصورة، لقد أصبحت عاصمة المنتديات واللقاءات العلمية العالمية، وهذه الصورة تغذيها العديد من المؤسسات في الدولة وأبرزها مراكز البحوث والدراسات ومؤسسات الدولة المعنية بالشؤون الثقافية. من جهتها قالت ناهدة نكد المستشارة في الشؤون الدولية والمقيمة في باريس: من الواضح وجود نشاط في الإمارات يستجلب الشخصيات المعروفة والخبراء في شؤون المنطقة، وبقية العالم وذلك بحكم موقعها الجغرافي وسياسة الدولة، وكل شيء موجود في العالم يوطد وضع ومواقف الدولة للخارج يتم عمله بشكل منتظم ومتكرر، فسياسة الدولة والمجتمع تجعل الإمارات ملتقى يجذب العقول ويفسر لها في نفس الوقت القيم والمواقف السياسية للدولة. وبينت الدكتورة عزيزة النميري المستشارة الاقتصادية في شركة البريغ للاستشارات الاقتصادية، أن الإمارات أصبحت قاعدة ومركزا ونموذجا للتطور والتقدم، والخطوات السليمة التي تؤدي في النهاية لنتائج جيدة وملموسة، فيما يحصل اليوم في الشرق الأوسط، والإمارات قدمت للعالم تجربة ناجحة ليت بقية الدول العربية تقتدي بها لكي تكون المخرج من الأزمات الحاصلة في الشرق الأوسط. فيما قال فيصل أحمد الزعابي الباحث والمحلل في الشؤون السياسية، إن الإمارات أصبحت منصة لالتقاء مختلف الشعوب ومختلف الأفكار والدليل على ذلك الملتقيات والمؤتمرات العالمية التي تنظم بين الحين والآخر، واستضافتها للنخبة من العلماء والمفكرين والمحاضرين الممتازين، هذا كله يساهم في رفع اسمها، وتسليط الضوء على تجربتها الناجحة، متمنياً أن تكون مثالاً لبقية الشعوب خاصة الشعوب العربية. هاني الأعصر الباحث في شؤون الأمن القومي في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية - الأهرام، قال: في تقديري أن قيادة الإمارات تسعى لوضع الدولة في مصاف الدول المتقدمة على مستوى العالم ويحاولون أن يلعبوا دوراً قيادياً في منطقة الخليج والوطن العربي. وأضاف أن قيادة الإمارات مختلفة من حيث أسلوب التفكير ويدركون تماماً أن التقدم لا يأتي نتيجة التدخل العسكري أو لعب دور سياسي أو احتكار تصدير النفط أوالتقدم في انتاجه، القيادة الإماراتية تدرك جيداً أن التقدم يأتي نتيجة عوامل كثيرة ونجاحات في مختلف المجالات من ضمنها البحث العلمي لذلك نكتشف أن قيادة الإمارات تسعى للعب دور سياسي قيادي في المنطقة وتحقيق معدل تنمية عال.
مشاركة :