طهران - (وكالات الأنباء): أدى «هجوم سيبراني» واسع النطاق امس الثلاثاء الى تعطل محطات توزيع الوقود في مختلف أنحاء إيران، وفق ما أفادت مصادر رسمية، من دون أن تحدد السلطات المسؤولين عنه بعد. بدأ العطل قرابة منتصف اليوم بالتوقيت المحلي (08:30 ت ج)، وكان مستمرا حتى ساعات المساء، في إحدى أبرز الهجمات الالكترونية ضد الجمهورية الإيرانية منذ أعوام. ونقل التلفزيون الرسمي عن المجلس الأعلى للأمن القومي أن الخلل نتج عن «هجوم سيبراني على النظام المعلوماتي لتوزيع الوقود»، مشيرا الى أن «تفاصيل الهجوم ومنشأه موضع تحقيق». وأفاد التلفزيون عن وقوع الخلل الذي عطّل أنظمة البطاقة الالكترونية للتزود بالوقود في المحطات، مشيرا في بادئ الأمر الى «خلل في نظام المعلومات». ونقلت القناة عن مصادر مسؤولة لم تسمّها «عدم استبعاد» أن يكون الهجوم السيبراني سببا للخلل، قبل أن تعود وتؤكد ذلك في وقت لاحق. واصطفت سيارات ودراجات نارية خارج محطات للوقود في طهران، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة فرانس برس. كما بث التلفزيون لقطات لمحطات مقفلة تشكّلت صفوف من السيارات على مقربة منها. وأثار توقف توزيع الوقود في المحطات ذهول السائقين والدراجين، في بلاد تعد من الغنية بالنفط، وتوفر مشتقاته بأسعار مخفّضة ومدعومة. وعطّل الهجوم النظام الذكي المخصص لتشغيل مضخات المحطات، والذي يعمل باستخدام بطاقات الكترونية. وتتيح هذه البطاقات الحصول على حصة شهرية من الوقود المدعوم، على أن يتم دفع ثمن الكمية المعبّأة (مدعومة كانت أم بالسعر العادي) ببطاقات مصرفية. وشكا مستخدمون لمواقع التواصل من اضطرارهم إلى الاستغناء عن قيادة سياراتهم بسبب شحّ الوقود. وقالت سيدة فضّلت عدم ذكر اسمها لفرانس برس أثناء انتظارها على مقربة من محطة تعبئة: «لا أريد التحدث، مزاجي سيئ». وسارعت الشركة الإيرانية لتوزيع المشتقات النفطية للبحث عن حلول لتشغيل المحطات في انتظار عودة نظام التوزيع الالكتروني. وأفادت المتحدثة باسم الشركة فاطمة كاهي عن «اجتماع طارئ لحل المشكلة»، وذلك في تصريحات للتلفزيون الرسمي. وأوردت القناة الحكومية في وقت لاحق أن فنيي وزارة النفط بدأوا بفصل النظام الالكتروني في بعض المحطات، بشكل يتيح لها استئناف تزويد الوقود بانتظار حل المشكلة التقنية. وسعى وزير الداخلية أحمد وحيدي الى طمأنة الإيرانيين، مشددا في تصريحات أوردها التلفزيون الرسمي على أن الحكومة «ليست لديها أي خطة لزيادة سعر الوقود وعلى الناس ألا يقلقوا». وشكلت إيران في الأعوام الماضية هدفا لعدد من محاولات الهجمات المعلوماتية. ففي مايو 2020 تحدثت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن وقوف إسرائيل خلف هجوم معلوماتي طال أحد الميناءين الواقعين في مدينة بندر عباس بجنوب إيران، وذلك ردا على ما قالت الصحيفة إنه هجوم الكتروني إيراني على منشآت هيدروليكية مدنية إسرائيلية. وفي فبراير من العام ذاته أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية أنها تمكنت من صدّ هجوم معلوماتي استهدف شركات مزوّدة لخدمات الانترنت، وأدى إلى اضطراب الاتصال بالشبكة نحو ساعة. وفي أواخر 2019 أعلنت طهران تعرض مواقع حكومية لهجوم «شديد التنظيم». وأكد وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي في حينه أن السلطات «حدّدت وصدّت» التهديد الالكتروني، من دون أن يكشف هوية المهاجمين أو القطاعات المستهدفة. وتعود إحدى أبرز الهجمات الالكترونية التي أصابت إيران الى سبتمبر 2010، حين ضرب فيروس «ستاكسنت» منشآت مرتبطة ببرنامجها النووي، ما أدى إلى سلسلة أعطال في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. واتّهمت إيران الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الهجوم. كما اتهم عدد من الخبراء في مجال الأمن المعلوماتي أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية بتدبيره. ومنذ فيروس «ستاكسنت» تتبادل إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، الاتهامات بتنفيذ هجمات إلكترونية.
مشاركة :