الخرطوم - (وكالات الأنباء): أعلن الجيش السوداني امس الاثنين السيطرة على السلطة في البلاد من خلال حلّ المؤسسات الانتقالية وإعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة جديدة، بينما ندّد المدنيون في السلطة بـ«انقلاب» وذلك بعد اعتقال مسؤولين حكوميين وسياسيين. وقال الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي كان يرأس مجلس السيادة في كلمة نقلها التلفزيون السوداني إن الجيش «اتخذ الخطوات التي تحفظ أهداف ثورة ديسمبر 2018» التي أطاحت بنظام عمر البشير، متحدثا عن «تصحيح الثورة». وأعلن البرهان «حالة الطوارئ العامة في كل البلاد ...، وحل مجلس السيادة، وحل مجلس الوزراء» برئاسة عبدالله حمدوك. ورغم إعلانه «تعليق العمل» بمواد عدة من «الوثيقة الدستورية» التي تم التوصل اليها بين العسكريين والمدنيين الذين قادوا الاحتجاجات ضد البشير في 2019، قال إنه متمسك بها، وبـ«إكمال التحوّل الديموقراطي الى حين تسليم قيادة الدولة الى حكومة مدنية». كما أعلن انه «سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة» تدير شؤون البلاد الى حين تسليم السلطة الى «حكومة منتخبة». في الوقت ذاته، كان متظاهرون في عدد من شوارع الخرطوم ينددون ب«انقلاب البرهان» ويرفضونه. لكن قرب مقر القيادة العامة للجيش، أطلق عليهم عسكريون «الرصاص الحي»، وفق ما أعلنت وزارة الإعلام، ما تسبب بإصابات. وأعلنت وزارة الإعلام امس الاثنين أن «قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ونقلته الى مكان مجهول»، «بعد رفضه تأييد الانقلاب». وذكرت أن «قوى عسكرية» اعتقلت «أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمدنيين من أعضاء مجلس السيادة». وقال مكتب حمدوك إن هذا الأخير «اختطف مع زوجته». وأضاف مكتب حمدوك في بيان «ما حدث يمثل تمزيقاً للوثيقة الدستورية وانقلاباً مكتملاً على مكتسبات الثورة التي مهرها شعبنا بالدماء بحثاً عن الحرية والسلام والعدالة». وحمّل «القيادات العسكرية في الدولة السودانية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء حمدوك وأسرته. ودعا البيان «الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية (...) لاستعادة ثورته». كذلك دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف الى العصيان المدني. ودعت الأمم المتحدة ودول عدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي الى احترام العملية الانتقالية والحوار بين العسكريين والمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة منذ اغسطس 2019. إذ دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد امس الاثنين إلى «الاستئناف الفوري» للحوار بين الجيش السوداني والمدنيين بعدما اعتقلت قوات الأمن عددا من الشخصيات المدنية في الحكومة الانتقالية. وجاء في بيان لفكي على تويتر «يدعو الرئيس (أي رئيس المفوضية) إلى الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والجيش في إطار الإعلان السياسي والمرسوم الدستوري». وأعرب عن «استيائه العميق» من التطورات التي يشهدها السودان. في هذا الوقت، انقطعت الإنترنت عن البلاد، وتوجد صعوبة بالغة في إجراء مكالمات هاتفية. وأعلنت وزارة الإعلام أن «قوات عسكرية مشتركة اقتحمت مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان»، المدينة التوأم للخرطوم، و«احتجزت عددا من العاملين». ووصف تجمّع المهنيين السودانيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، الاعتقالات بـ«الانقلاب». وفي بيان نشره على حسابه على «تويتر»، دعا التجمع الى «المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم». وقال «لن يحكمنا العسكر والميليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب». كذلك دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف الى العصيان المدني. وقطع متظاهرون في بعض أنحاء الخرطوم طرقا وأحرقوا إطارات احتجاجا. بينما قطع الجيش جسورا تربط الخرطوم بالمناطق المجاورة. وقال هيثم محمد الذي نزل الى الشارع الاثنين «لن نقبل بحكم عسكري ونحن مستعدون لتقديم حياتنا حتى حصول الانتقال الديموقراطي في السودان». وقالت سوسن بشير «لن نترك الشارع الى أن تعود الحكومة المدنية والعملية الانتقالية». وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس إنه «قلق جداً بشأن التقارير حول انقلاب جارٍ ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان». وقال مبعوث واشنطن الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان في بيان على تويتر، «تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ حيال التقارير عن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية»، مشيرا إلى أن ذلك «يتعارض مع الإعلان الدستوري (الذي يحدد إطار العملية الانتقالية) وتطلعات الشعب السوداني للديموقراطية». ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المجتمع الدولي الى «إعادة العملية الانتقالية الى مسارها»، بينما حضت جامعة الدول العربية على «الحوار»، داعية الى الالتزام بالعملية الانتقالية. وندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «بأكبر قدر من الحزم» بمحاولة الانقلاب في السودان ودعا إلى «احترام مكانة رئيس الوزراء والقادة المدنيين». ودانت ألمانيا محاولة الانقلاب التي يشهدها السودان، داعية إلى «وقفها فورا»، بينما دعا الاتحاد الإفريقي الى محادثات «فورية» بين العسكريين والمدنيين.
مشاركة :