مجلة «الكاتب» والحياة في الخليج في ستينيات القرن الـ 20 (2)

  • 10/28/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في حلقات سابقة، تطرقنا إلى مجلتي «الرسالة» المصرية، و«البعثة» الكويتية، وما ورد فيهما من معلومات حول منطقة الخليج العربي، في عقدَي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وفي هذه الحلقة، نقدم للقارئ الكريم، معلومات حول منطقة الخليج العربي، وردت في مجلة مصرية شهرية شهيرة، تدعى: مجلة «الكاتب.. مجلة الثقافة الإنسانية»، التي كان أول عدد لها قد صدر في أبريل 1961، من دار التحرير للطبع والنشر. وسنستعرض فقط ما ورد في المجلة حول المنطقة من تاريخ صدورها وإلى عام 1970 فقط، لأنّه بعد هذا العام، اكتمل تشكل الكيانات السياسيّة الخليجية المعاصرة، وأصبحت دول الخليج تشارك في صنع السياسة العربية المعاصرة، وأضحى يشار إليها في كل مسألة من مسائل الاقتصاد والتنمية والسياسة. وأما في عقد الستينيات، كانت أوضاع المنطقة أقرب إلى التشظي السياسي، وسيطرة للقوة البريطانية، التي كانت تسير الأمور الخارجية لدول المنطقة وإماراتها. ولهذا، فإن أي إشارة إليها في الموارد الصحافيّة والإعلاميّة والسياسية العربية الواقعة خارج نطاق منطقة الخليج، يعد مكسباً علمياً وثقافياً، يجب علينا النظر إليه بعين الاعتبار، لأنه يعبر عن وجهات نظر كتابها في تلك الحقبة، التي غابت فيها كثير من الدلائل الواضحة حول المنطقة. نستعرض ههنا، مجموعة مقالات وردت في المجلة، والتي ترأس مجلس إدارتها عند صدورها صلاح سالم (1920 - 1962) أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لتنظيم الضباط الأحرار، ما يوحي بأهمية هذه المجلة آنذاك، وظل صلاح سالم رئيساً لمجلس إدارتها إلى وفاته في فبراير 1962، وكان رئيس تحريرها في عددها الأول أحمد حمروش، (1921 - 2011) الكاتب والمؤرخ المصري المشهور، وأحد الضباط الأحرار، وتولى سكرتارية تحريرها الكاتب الصحافي رأفت الخياط، المؤلِف الدرامي والشاعر والسيناريست المشهور في فترة الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات، ثم تولى رئاسة مجلس الإدارة بعد وفاة صلاح سالم، كمال الدين محمد الحناوي (1920 - 2007)، وزير دولة، وأحد الضباط الأحرار، والشاعر والصحافي. وفي يناير 1964 تولى رئاسة تحرير المجلة أحمد عباس صالح (1932 – 2006)، أحد رموز اليسار المصري، والمثقف الشهير إلى نهاية ستينيات القرن الماضي، وسكرتارية التحرير أحمد والي. وكما أشرت سابقاً، من حُسن الحظّ أنّ مكتبة جامعة الإمارات العربية المتحدة تضمّ أعداد هذه المجلّة، وهي في متناول الباحثين لِمَن يريد منهم أن يطّلع على مقالات هذه المجلّة ودراساتها المنشورة فيها. ومَن يرد الاطّلاع على مقالات المجلّة عليه أن يتصفّحها مجلّداً، مجلّداً، وعدداً عدداً، وعليه الصبر والتأنّي حتى يتحصّل على ما يريد. في هذه الحلقة (2) نقدّم للقارئ الكريم مجموعة من المعلومات الجديدة والإضافية التي قدمتها المجلة المصرية «الكاتب.. مجلة الثقافة الإنسانية»، حول منطقة الخليج العربي. 6 المقال السادس في المجلة، الذي سنستعرضه هو للكاتب محمد رواش الديب، في العدد: 86 (مايو 1968)، ص. 49 - 55. والمقال ينقسم إلى موضوعين: الأول: حول الأجانب في اليمن. والثاني: حول مجموعة أشخاص استعرض الكاتب تاريخهم بإيجاز، وما تعرّضوا له من ظلم في بلادهم الأصليّة ومن ثم اضطرّت جماعات منهم إلى الهجرة إلى بلدان الخليج العربيّة للعمل في شتى الأعمال. ثمّ يسترسل الكاتب في مسائل سياسيّة وفكريّة متنوعة تتعلّق بهذه المسألة. 7 ووُسم المقال السابع الذي نرصده بـ «الوجود الأمريكي في الخليج العربي»، وهو للكاتب محمد رواش الديب، في العدد: 83 (فبراير 1968)، ص. 45 - 54. وقد تناول الكاتب هذا الموضوع من جوانب مختلفة، وبمنطلقات تلك الفترة، وفيه إشارات إلى الانتداب البريطاني والمحاولات الأمريكيّة المتواصلة في اختراق تلك السيطرة لبريطانيا العظمى على مقدرات المنطقة حينذاك، والتي بدأ نجمها فعلياً في الأفول بعد الحرب العالميّة الثانية، إذ أصبح في ستينيات القرن الماضي في حالة ضمور. وحول هذه الجدليّة تدور أفكار الكاتب التي بدأها بتمهيد حول الموضوع بمصطلحات ذلك العصر ثمّ تحدّث حول الاحتكارات الأمريكيّة، وغزو الولايات المتحدة المنظّم على المنطقة ثمّ الوجود العسكري الأمريكي ثمّ أشار إلى اتفاقيّة التنسيق بين البريطانيين والأمريكان عام 1957 للعمل سويّة في منطقة الخليج. ثم تحدّث عن التحوّل في الاستراتيجيّة الأمريكيّة بناءً على عدد من المعطيات السياسيّة والاقتصاديّة. 8 أما المقال الثامن الذي سنتطرق إليه، فهو بعنوان: «الحركة العمّاليّة في الجزيرة العربيّة: في قطر وأبوظبي ودبي وعمان»، للكاتب محمد رواش الديب، في العدد: 89 (أُغسطس 1968)، ص. 96 - 100. والمقال يتحدّث عن حقبة الستينيات بما فيها من ألفاظ الاشتراكيّة والعمّاليّة والبرجوازية والطّبقيّة، وفيه معلومات قيّمة حول أعداد العاملين في قطاع النّفط تحديداً من أبناء دول الخليج العربيّة التي خصّها الكاتب بحديثه، ويتضمن إحصاءات حول أعداد أولئك العمّال مقارنة بالأجانب العاملين في المهنة نفسها. وفيه إشارات إلى واقع وتفاصيل سوق العمل آنذاك. وفي المقال كذلك تلميحات إلى بعض الإشكالات التي كانت تحدث بين العاملين وبين مسؤولي تلك الشركات الكبرى التي ترفض إنشاء اتحادات عمّاليّة أسوة بما هو عليه الوضع في بلدان عربيّة أخرى. ثمّ يلقي كاتب المقال باللائمة على القوى الأجنبية التي كانت تستغل مقدرات دول الخليج العربي، في تلك الفترة، وهي التي تستنزف ثروات المنطقة. كما يشير الكاتب إلى تشجيع الشركات الأجنبيّة ومن ورائها قوة الانتداب على إنشاء لجان عمّاليّة وليس نقابات، درءاً للتكتّلات النقابية. ولهذا كانت الشركات سرعان ما تطرد العاملين من أبناء البلد حين يطالبون بحقوقهم، وذلك كما يوضح الكاتب، طبقاً لرأيه في المقال، مشيراً إلى أنه قامت في الوقت نفسه سلطات الانتداب باستصدار قوانين مقيّدة للحركة العمّاليّة، وعزل أفرادها في قطاعاتهم. ثمّ يورد بعض الأمثلة الدّالّة على ما يقول. ثمّ يصرّح بأنّ صبر أولئك العمّال، وتحمّلهم قسوة الظروف جعلهم يتحصّلون على بعض الامتيازات. وفي المقال إشارة إلى الشريحة العمّاليّة في إمارة أبوظبي، والتي تنوّع انتماءات أفرادها البلدانيّة، ويلمح كذلك إلى أنّ أعداداً من أبناء الإمارة يتّجهون للعمل الفنّي في محاولة منهم لإثبات وجودهم. ثمّ يشير كعادته في مقاله هذا إلى تلك الهوّة الواسعة بين العمّال وشركات النّفط. ويذكر أنّ نسبة العمّال من أبناء الإمارة لا تزيد على 8.50 % من مجموع العمّال العاملين. ومن تلميحاته قوله بأنّ الشركات النّفطيّة تبرّر ضآلة العدد من أبناء البلد العاملين في ميدان النفط بأنّها لا تجد العامل القادر على القيام بهذه الأعمال. ثمّ يقول: بأنّ هذه حجّة داحضة إذ بإمكان تلك الشركات اتّباع خطّة تعريب الوظائف، وإنشاء دورات تدريبيّة وتأهيليّة، لإيجاد كوادر عمّاليّة وطنيّة قادرة على القيام بالأعمال. ثمّ تطرّق كاتب المقال إلى دبي واصفاً إيّاها بمدينة التجارة، وأنّها أكثر أسواق الخليج العربي رواجاً، وأنّ التجارة تكاد تكون هي المصدر الأول للدخل. وألمح إلى قيام استثمارات خليجيّة في دبي منذ تلك الفترة درّتْ أرباحاً وفيرة على أصحابها. ثمّ انتقل بالحديث إلى عُمان، مشيراً إلى صناعة النّفط فيها، ومصرّحاً بأنّ جملة العاملين في هذا القطاع تبلغ آنذاك 975 شخصاً ما بين مديرين ومهندسين ومساعدين وعمّال من فنّيّين وغيرهم، مع ضآلة في أعداد أبناء البلد من العاملين في هذا القطاع الحيوي، ولا تتجاوز نسبتهم الــ4.50 %. ثمّ يختم مقاله بوضع اللائمة على الشركات الأجنبيّة، ومَن يقف وراءها من قوى الدول الغربية في تشكيل شريحة عمّاليّة أجنبيّة ترتبط في مصالحها بالاحتكارات الأجنبيّة، وفي الوقت نفسه تعادي العاملين من أبناء البلد. 9 ونسلط الضوء في المقال التاسع، على موضوع مهم تطرق إليه للكاتب محمد الديب، في العدد: 98 (مايو 1969)، ص. 128 - 133. إذ يبتدئ الكاتب هذا المقال بحديث موجز عن الوضع السياسي في جنوب شبه الجزيرة العربيّة، ثمّ يشير إلى تحرّكات تشكيل وحدة سياسيّة تساعية في المنطقة، نتيجة لإعلان بريطانيا رغبتها في الانسحاب من الخليج العربي. ويشير في الوقت نفسه إلى موقف الولايات المتحدة من هذا الإعلان. ويؤكّد في الوقت نفسه على المطامع الإيرانيّة المزعزعة لأمن الخليج. ثمّ يسهب في الحديث عن الاتحاد التساعي، مبدياً رأيه فيما يتعلّق بهذا الاتحاد، وكيفيّة إنجازه. 10 وفي المقال العاشر «ماذا بعد في الخليج»، نرصد ما كتبه الباحث محمد الديب، في العدد: 118 (يناير 1971)، ص. 157 - 164. إذ يستهلّ الكاتب مقاله بالحديث عن تناقض السياسة البريطانيّة بين حزبَي العمّال والمحافظين بشأن انسحابهم أو بقائهم في شرقّي قناة السويس. ويشير إلى أنّه في منطقة الخليج تعالتْ الدعوات من مختلف المستويات الشّعبيّة والرسميّة بضرورة انسحاب بريطانيا. وأنّ القوى الشّعبيّة قد أنذرتْ بريطانيا إن لم تنسحب فعليها أن تواجه معركة مسلّحة ضارية. ثمّ استعرض مواقف حزب المحافظين من البقاء أو الانسحاب بالإضافة إلى الموقف الأمريكي. وأشار إلى قيام بريطانيا بحملة ضدّ اتحاد الإمارات العربيّة في الخليج العربي، الذي أُعلن عنه في فبراير 1968، وهو الاتحاد التساعي حينذاك. وذكر أنّ الصحف البريطانيّة قد أشارت إلى العراقيل التي حالتْ دون إنشاء الاتحاد التساعي. وألمح الكاتب أيضاً إلى حضور وليام لوس لإجراء حوارات ومشاورات ومحادثات مع حكّام الإمارات حول آثار الانسحاب البريطاني من الخليج. وأشار إلى أنّ الصحافة البريطانيّة لم تشر إلى تلك اللقاءات، وما جرى فيها، وإنّما ركّزتْ على الخطر السوفييتي على الخليج. ويلمح أيضاً إلى محاولات بريطانيا للبقاء في المنطقة وعدم الانسحاب كما كان معلناً في السابق، وأبدتْ حسب قوله أسباباً حول هذا التغيير. ثمّ يحلّل مواقف حكّام الإمارات من الاتحاد التساعي، وما حدث. صفحة متخصصة بالتراث والبحث في مفردات المكان تصدر كل خميس طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :