هل يتم تجاوز التقسيم «الزماني» للمسجد الأقصى إلى «المكاني»؟

  • 10/29/2021
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬تغض‭ ‬شرطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الطرف‭ ‬إزاء‭ ‬الطقوس‭ ‬الدينية‭ ‬التلمودية‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭ ‬المستعمرون‭/ ‬‮«‬المستوطنون‮»‬‭ ‬المقتحمون‭ ‬وتتركز‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬وبالقرب‭ ‬من‭ ‬مصلى‭ ‬باب‭ ‬الرحمة‭ ‬وقبالة‭ ‬قبة‭ ‬الصخرة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعمد‭ ‬المقتحمين‭ ‬إعطاء‭ ‬شروحات‭ ‬لقطعان‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬،‭ ‬والتوقف‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬متفرقة‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬الأقصى،‭ ‬والجلوس‭ ‬بحجة‭ ‬الاستراحات،‭ ‬وذلك‭ ‬لضمان‭ ‬قضاء‭ ‬أكبر‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬داخل‭ ‬المسجد‭. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يأتي‭ ‬متناقضا‭ ‬لما‭ ‬اصطلح‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الستاتيكو‮»‬‭ ‬المعمول‭ ‬به،‭ ‬ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬تحت‭ ‬الوصاية‭ ‬الهاشمية‭.‬ التقسيم‭ ‬الزماني‭ ‬والمكاني‭ ‬للمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬يستهدف‭ ‬جعله‭ ‬مكانا‭ ‬دينيا‭ ‬مشتركا‭ ‬للمسلمين‭ ‬واليهود،‭ ‬حيث‭ ‬تطالب‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬جمعيات‭ ‬‮«‬الهيكل‭ ‬المزعوم‮»‬،‭ ‬بتخصيص‭ ‬‮«‬أوقات‮»‬‭ ‬و«أماكن‮»‬،‭ ‬لليهود،‭ ‬للعبادة‭ ‬داخل‭ ‬حرم‭ ‬المسجد‭. ‬بدأ‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬حينما‭ ‬قررت‭ ‬شرطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أحاديا‭ ‬السماح‭ ‬لليهود‭ ‬باقتحام‭ ‬الأقصى‭ ‬بحراستها‭. ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬تضاعفت‭ ‬أعداد‭ ‬المقتحمين‭ ‬سنويا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬ألف‭ ‬مستوطن‭ ‬في‭ ‬2020‭. ‬فيما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العدد‭ ‬قد‭ ‬ازداد‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬باحات‭ ‬الأقصى‭ ‬شهدت‭ ‬اقتحامات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬اليهودية‭ ‬خلال‭ ‬2021‭. ‬إذ‭ ‬تنجح‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التقسيم‭ ‬الزماني،‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬بدءا‭ ‬بتخصيص‭ ‬أوقات‭ ‬محددة‭ (‬في‭ ‬فترتي‭ ‬الصباح‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬الظهر‭) ‬للمستوطنين‭ ‬باقتحام‭ ‬المسجد‭.‬ نجاح‭ ‬التقسيم‭ ‬الزماني‭ ‬للأقصى‭ ‬يمهد‭ ‬للتقسيم‭ ‬المكاني،‭ ‬والذي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المخططات‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬فهناك‭ ‬أطماع‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬أجزاء‭ ‬ومساحات‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬يقتطعها‭ ‬الاحتلال‭ ‬ليحولوها‭ ‬إلى‭ ‬كنائس‭ ‬يهودية،‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬الهيكل‭ ‬المزعوم‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬الأقصى،‭ ‬وهذه‭ ‬المطامع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تخفى‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬بل‭ ‬بات‭ ‬التصريح‭ ‬بها‭ ‬أمرا‭ ‬عاديا‭ ‬و«حقا‭ ‬مشروعا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬ترى‭ ‬جمعيات‭ ‬‮«‬الهيكل‭ ‬المزعوم‮»‬‭.‬ التقسيم‭ ‬‮«‬الزماني‮»‬‭ ‬واقع،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬المكاني‮»‬‭ ‬فتعمل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬تطبيقه‭ ‬بالقوة،‭ ‬ويتصدر‭ ‬قائمة‭ ‬الأولويات‭ ‬لدى‭ ‬الاحتلال،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬استبدال‭ ‬المكون‭ ‬البشري‭ ‬الإسلامي،‭ ‬من‭ ‬مرابطين‭ ‬ومصلين‭ ‬ومعتكفين،‭ ‬بالمكون‭ ‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭ ‬اليهودي،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬إن‭ ‬وقع‭ ‬فسيكون‭ ‬استنساخًا‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الإبراهيمي،‭ ‬بعد‭ ‬المجزرة‭ ‬عام‭ ‬1994‭. ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تقسيم‭ ‬الحرم‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وإغلاقه‭ ‬أمام‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمسلمين‭ ‬والزائرين‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وفتحه‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬‮«‬للمستوطنين‮»‬‭.‬ السماح‭ ‬بهذه‭ ‬الاقتحامات‭ ‬وأداء‭ ‬‮«‬الصلوات‭ ‬الصامتة‮»‬‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المسجد‭ ‬وتقسيم‭ ‬الأقصى،‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬للوضع‭ ‬التاريخي‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬المسجد،‭ ‬والذي‭ ‬بموجبه‭ ‬تقتصر‭ ‬الصلاة‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬وحدهم،‭ ‬فيما‭ ‬يمكن‭ ‬لغير‭ ‬المسلمين‭ ‬زيارته‭ ‬كسياح،‭ ‬وتكون‭ ‬المسؤولية‭ ‬فيه‭ ‬حصرا‭ ‬لدائرة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الإسلامية‭. ‬لكن‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬هذا،‭ ‬تآكل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬الماضية،‭ ‬وهناك‭ ‬صلاة‭ ‬يهودية‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬وشرطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬باتت‭ ‬تغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الصلوات‭. ‬وكلنا‭ ‬ندرك،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬أدت‭ ‬كثافة‭ ‬اقتحامات‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬للأقصى‭ ‬إلى‭ ‬تفجير‭ ‬مواجهات‭ ‬عنيفة‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وجيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬بأن‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬يتم‭ ‬تحويله‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬إسلامي‭ ‬بوجود‭ ‬ضيوف‭ ‬غير‭ ‬مسلمين‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬إسلامي‭ ‬يهودي‭ ‬مشترك‭. ‬وبالمحصلة‭ ‬فإن‭ ‬جهود‭ ‬شرعنة‭ ‬‮«‬الصلاة‭ ‬الصامتة‮»‬‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ (‬رغم‭ ‬إلغاء‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬الصلح‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬جُرما‮»‬‭) ‬هي‭ ‬مقدمة‭ ‬‮«‬صامتة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مدوية‭ (‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭) ‬لتغيير‭ ‬الواقع‭ ‬وترسيخ‭ ‬تقسيم‭ ‬المسجد‭ ‬‮«‬زمانيا‮»‬‭ ‬ولاحقا‭ ‬‮«‬مكانيا‮»‬‭. ‬فهل‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬نحو‭ ‬إحباط‭ ‬المخططات‭ ‬الإجرامية‭ ‬للاحتلال؟‭!‬

مشاركة :