الخرطوم – الوكالات: قتل ثلاثة متظاهرين أمس في الخرطوم حيث اجتاح عشرات الآلاف من السودانيين الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية وبـ«إسقاط حكم العسكر» بعد ستة أيام من إجراءات قام بها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وحله مجلسي السيادة والوزراء وفرض الطوارئ. وقالت لجنة الأطباء المركزية السودانية في بيان إن سودانيين اثنين «قتلا برصاص مليشيات المجلس العسكري الانقلابي»، بحسب ما أعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان. وأضافت اللجنة أن المتظاهرين، اللذين قتلا في منطقة أم درمان بشمال غرب الخرطوم، «أصيب أحدهما بطلق ناري في الرأس والآخر بالبطن»، وأضافت اللجنة في بيان لاحق «ارتقاء روح شهيد ثالث اليوم (شاب ١٩ سنة) بمستشفى الأربعين بعد تعرضه لرصاص حي بالصدر من قبل مليشيات المجلس العسكري الانقلابي». وهتف المتظاهرون في جميع أحياء العاصمة السودانية «المدنية خيارنا». ورددوا مجددا العديد من شعارات انتفاضتهم التي أسقطت عمر البشير في ابريل 2019 مثل «حرية، سلام، عدالة»، و«ثوار، أحرار حنكمل المشوار» فيما كان بعضهم يرفع صور رئيس وزراء السودان المقال عبدالله حمدوك الذي وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم. ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون «مليونيّة». وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين. وذكر شهود ومراسلو وكالة فرانس برس أن التظاهرات بدأت بعيد الظهر في ضاحية أم درمان بشمال غرب الخرطوم وامتدت سريعا إلى جميع أحياء الخرطوم، كما انطلقت تظاهرات في مدينتي بورتسودان وكسلا شرق السودان. وقال هيثم الطيب أحد المتظاهرين في جنوب الخرطوم: «نريد حكما مدنيا وهذه المرة لن نقبل تقاسم السلطة مع العسكريين. ينبغي أن تكون مدنية مائة بالمائة». وأكدت الناشطة من أجل الديمقراطيّة تهاني عباس لفرانس برس أن «العسكريّين لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا»، مشددة على أن هذه التظاهرة «المليونيّة» ليست «إلا خطوة أولى». وفي شرق الخرطوم، أشعل المتظاهرون إطارات سيارات ورفعوا لافتات كتب عليها «الردة مستحيلة» وهو الشعار الأساسي لهذه التعبئة التي يريد أنصار الحكم المدني التأكيد من خلالها أنهم لن يقبلوا بعودة حكم عسكري مماثل لنظام البشير. ففي بلد يحكمه عسكريّون بشكل شبه مستمرّ منذ استقلاله قبل 65 عاما قرّر الشارع أن يقول «لا» للبرهان الذي حلّ يوم الاثنين كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيّين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة. وصباح أمس كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك كانت شبكة الانترنت مقطوعة. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم صباح أمس وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات. وناشد الموفد البريطاني للسودان وجنوب السودان روبرت فيرواذر قوات الأمن السودانية «احترام حق وحرية» المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم. وكتب في تغريدة أن «التظاهر السلمي حق ديمقراطي أساسي وستتحمل أجهزة الأمن وقادتها المسؤولية عن أي عنف تجاه المتظاهرين». وفور إطاحة البرهان المدنيّين يوم الاثنين دخل السودانيّون في «عصيان مدني» وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد. وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، بحسب لجنة الأطباء المركزية السودانية. لكنّ الناشطين مصرّون رغم كل شيء على أن تكون «المواكب» سلميّة، لأنّ «سلميّتنا هي سلاحنا الوحيد وقد نجح من قبل»، بحسب نهاني عباس. وحذرت منظمة العفو الدولية «القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة»، مؤكّدةً أنّ «العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء». وحضّت الولايات المتحدة يوم الجمعة الجيش السوداني على عدم قمع التظاهرات.
مشاركة :