ألقى مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسم على الأراضي البيضاء بثقله على جلسة مجلس الشورى العادية الثانية والستين المنعقدة أمس الثلاثاء، فعلى الرغم من إنهاء مناقشته في جلسة أمس الأول الاثنين، ومنح اللجنة فرصة للرد على ملاحظات الأعضاء والعودة في جلسة مقبلة، إلا أن الأعضاء أبدوا رغبتهم في مستهل جلسة الأمس بتخصيص جلسة الشأن العام «السرية» لمتابعة نقاش المشروع، لتلقى رغبتهم تأييد رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، ويستفيض الأعضاء في مداولاتهم وطرح رؤاهم ومقترحاتهم على مدى (الساعتين). هيئة مكافحة الفساد وفي شأن آخر، طالب المجلس بتمكين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من الحصول على النسخ النهائية للأحكام القضائية الصادرة في قضايا الفساد، لمتابعة استرداد الأموال والعائدات الناتجة عن جرائم الفساد؛ عملاً بالفقرة السادسة من المادة الثالثة من تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ودعا المجلس إثر استماعه إلى وجهة نظر لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية، بشأن ما طرحه عدد من أعضاء المجلس من آراء ومقترحات، أثناء مناقشة التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للعام المالي 1435- 1436هـ، دعا الهيئة إلى التنسيق مع وزارة التعليم للعمل على التأكيد على قيم النزاهة والشفافية في المنظومة التعليمية. مؤشر قياس درجة النزاهة والفساد وأوردت لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية في ردها على استفسار أحد الأعضاء حول تفاصيل المؤشر الوطني لقياس درجة النزاهة والفساد في الأجهزة الحكومية.. ما أفاد به مندوبو الهيئة بأن قيمة مؤشر النزاهة العام للفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي الخدمي بلغت 43.04 في المائة، بينما بلغت قيمة مؤشر الفساد المالي والإداري 56.06 في المائة، وبيّنت دراسة المؤشر الوطني أن أكثر من نصف أفراد العينة يرون أن «الواسطة» أكثر أشكال الفساد انتشاراً في القطاع الحكومي الخدمي بنسبة 54 في المائة، في حين سجلت الرشوة نسبة 56 في المائة، تليها (اللامبالاة) في العمل بنسبة 15 في المائة، ثم المحسوبية بنسبة 10 في المائة، وفي المرتبة الأخيرة يأتي الاختلاس كأقل أنواع الفساد انتشاراً بنسبة 5 في المائة. كشف حسابات المشتبه فيهم بجرائم فساد كما تقدّمت اللجنة بتوصية جديدة نصّت على (تمكين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، من خلال مؤسسة النقد، من الكشف عن حركات حسابات الأشخاص المشتبه في ارتكابهم لجرائم الفساد)، وفي مستهل مناقشتها نالت تأييد العضو الدكتور سلطان السلطان الذي اعتبر مضمونها وسيلة مهمة للكشف عن جرائم الفساد.. مستدلاً بما يتناوله المجلس -حالياً- في شأن الإسكان والأراضي البيضاء وغيرها؛ إذ توجد جرائم تتمثل في الاستيلاء على الأراضي. واستشهد الدكتور السلطان بعجز رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر عن حل إشكالية اجتماعية أسرية، إلا حين لجوئها لإجراء يماثل تلك التوصية، حيث مكّنت الأجهزة من الوصول إلى حسابات معينة لأخذ المال منها وإنفاقه، حلاً لتلك المشكلات، فنجحت نجاحاً كبيراً في حل تلك المشكلة الاجتماعية. الفساد في الأراضي ومضى الدكتور السلطان في القول إن الأراضي البيضاء وعموم الأراضي تشهد عمليات كثيرة من الفساد، مطالباً وزارات الشؤون البلدية والقروية، والإسكان، والعدل، وهيئة مكافحة الفساد، بالتعاون في هذا الشأن، والكشف عن الحسابات التابعة للذين يمتلكون أراضي، في حال ثبوت اكتنازهم لها وعدم استثمارها. إعادتها للدولة وأورد الدكتور السلطان أن الهيئة القضائية العليا في عام 1394هـ (هيئة كبار العلماء، حاليا).. أصدرت قرار رقم 94، يقضي بأن المنح المطلق يقتضي التملك المطلق.. ورأى أن ذلك القرار تسبب بمشكلة كبيرة في المدن الرئيسية وعدد من المناطق حتى السواحل، بحيث أصبحت الأراضي تُملك لغير الدولة، داعياً إلى ضرورة إعادة تلك الأراضي لأملاك الدولة للاستفادة منها في التطوير الحضري والتخطيط، وإنشاء المدارس والمستشفيات، ولوزارة الإسكان والمواطنين. «خلوا العالم تسكن»!! وأكد الدكتور السلطان أن التوصية ستمكن وزارة الإسكان والشؤون البلدية والقروية والعدل من حل إشكالية الإسكان، وبالتالي الكشف عمن لديهم أراضٍ بيضاء، وإرغامهم على دفع الرسوم أو تسليم تلك الأراضي للدولة.. وقال: «خلوا العالم تسكن»!! السعودية أصغر من البحرين!! واستشهد بما قاله أحد أبناء محمد العبدالله الفيصل في إحدى المؤتمرات في جدة، بأن المملكة أصبحت بحجم البحرين.. وعند سؤاله: كيف بحجم البحرين؟!.. أجاب قائلاً: انتهت الأراضي!!.. لا توجد أراضٍ على السواحل أو في المدن، وأصبحت المملكة أصغر من البحرين!! وأضاف الدكتور السلطان: إن التوصية تمكّن هيئة الفساد من خلال مؤسسة النقد من الدخول على الحساب والكشف عن الأملاك المسجلة بعد عام 1394هـ، مبيناً أن نسبة الأراضي البيضاء داخل الرياض تتجاوز 42 في المائة. قانون من جانبه، أورد العضو الدكتور فهد العنزي أن التزام البنك بالسرية المصرفية هو التزام ناشئ عن العقد المصرفي بين البنك وعميله، وهذا الالتزام يُسمى (الكتمان المصرفي).. بمعنى أن البنك لا يمكن أن يُفصح عن حسابات عميله بموجب التزام عقدي، وحتى يخرج من هذا الالتزام لا بد من وجود نظام أو قانون يُلزم البنك بالإفصاح عن حسابات العملاء؛ كون القانون أقوى من العقد. وأضاف أن التوصية تطالب بتمكين هيئة مكافحة الفساد من خلال مؤسسة النقد؛ بمعنى أنها تبحث عن «وساطة» من خلال جهة معينة حتى تقوم بالكشف عن حركة حسابات الأشخاص المشتبه بارتكابهم لجرائم الفساد. ورأى الدكتور العنزي ضرورة وجود أنظمة تُعطي السلطة حق إلزام البنوك بالكشف عن الحسابات.. كما هي الحال في نظام مكافحة غسيل الأموال أو الشيكات بدون رصيد.. فالجرائم الاقتصادية لها أنظمة تُلزم البنوك بأن تصرح عن سرية الحسابات المصرفية. محرجة وفضفاضة!! وبيّن الدكتور العنزي، أن التوصية بصيغتها الحالية مُحرجة للمجلس فدوره تشريعي، كما أن عبارة (المشتبه به) عبارة (فضفاضة) وغير مضبوطة؛ إذ تعطي الجهة سلطة تقديرية مطلقة في متابعة حسابات الأشخاص، داعياً إلى أن يكون هذا التمكين من خلال نص نظامي وليس من خلال جهة معينة يتم البحث عنها حتى تساعد هيئة مكافحة الفساد. حكم قضائي من زاوية أخرى، قال العضو الدكتور سامي زيدان: إن اللجنة لم تتطرق للمتهمين بالفساد، وإنما تطرقت للمشتبه بهم حتى تجمع أدلة إذا كان لديها مؤشرات لذلك.. وعلى الرغم من تأييده للتوصية إلا أنه رأى ألا تكون مطلقة.. وعدم كشف سرية حساب أي شخص حتى لو كان مشتبهاً به برغبة الهيئة، وإنما بحكم قضائي بعد تقديم الهيئة المؤشرات والأدلة لإقناع المحكمة بإصدار حكم للكشف عن سرية الحساب. متحققة من جانبه، قال العضو الدكتور محمد آل ناجي: إن التوصية متحققة، فنظام هيئة مكافحة الفساد يشتمل على عدد من المواد التي تمكنها من مراجعة أساليب العمل وإجراءاتها في الجهات المشمولة برقابتها، ومؤسسة النقد هنا تعالج نقاط الضعف التي تؤدي إلى الفساد المالي.. فلماذا لم تقم الهيئة بهذا الدور؟ كما أن نظام غسيل الأموال ينص في إحدى مواده، عند الاشتباه في نشاط إجرامي أو فساد مالي.. تُبلغ وحدة التحريات المالية، ويمكن للهيئة أن تتعاون مع هذه الوحدة. كسر سرية العملاء وفي حين تساءل الدكتور آل ناجي عما إذا كان كسر سرية عملاء البنوك يحقق مصلحة الاقتصاد الوطني.. رأى أن ذلك يؤثر على العملاء، وربما تهاجر بعض الأموال عند اهتزاز ثقة العملاء في البنك، داعياً إلى إيجاد بدائل ووسائل أخرى تؤدي الغرض وتحقق المصلحة. معارضة العضو الشيخ عازب آل مسبل، عارض التوصية لكون النظام الأساسي للحكم نص على أن (تتم الرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها والرقابة على أموال الدولة المنقولة والثابتة كافة، ويتم التأكد من حُسن استعمال هذه الأموال والمحافظة عليها، ورفع تقرير سنوي عن ذلك إلى رئيس مجلس الوزراء، ويُبين جهاز الرقابة المختص بذلك وارتباطه واختصاصاته). مجرد ظن!! ورأى الشيخ آل مسبل، أن التوصية لا يصح أن تكون بهذا الشكل، أو أن تقدم على هذا التقرير، وإنما تكون في تعديل نظام الهيئة ذاته، شرط أن تكون ضمن مواد الهيئة لكي يكون لها فعاليتها، وإذا كانت كذلك، فلا يصح أن تكون في مسألة من يشتبه به، لكون الاشتباه ليس فيه يقين وإنما هو ظن، ولا يصح أن يتم تتبع الناس لمجرد الظن؛ فإذا كان هناك تهمة موجهة فتنصّ عليها المادة التي ستكون في نظام، تطبّق بشكل صحيح، وتراعي هذه المادة الأساسية الواردة في النظام الأساسي للحكم. متطلب ضروري للهيئة من جهته، أكد نائب رئيس اللجنة العضو سعود الشمري، أن التوصية تعد متطلباً ضرورياً للهيئة، فتحصيل أموال الدولة أحد واجبات الهيئة، والكشف عن الفساد.. وهذا الكشف لا يتأتى إلا بأدوات معينة منها الحصول على المعلومات من الجهات الرسمية والخاصة المرتبطة بالدولة التي تتعامل وفق ترخيص صادر عن الجهات المختصة، بحيث تقدم لها المعلومات متى ما طلبت منها. المملكة بلا نظام مصرفي وحول كسر السرية المصرفية (بحسب التوصية) وما إذا كان ذلك يتعارض مع النظام المصرفي ووقوع مخالفة قانونية في هذا الجانب.. أشار الشمري إلى عدم وجود نظام مصرفي في المملكة يحكم العلاقات والتعاملات المصرفية داخل البنوك في المملكة، وإنما يوجد نظام لمراقبة البنوك يعطي مؤسسة النقد حق الإشراف والترخيص للبنوك، وأن تعامل وفق توجيهات وتعليمات مؤسسة النقد.. وأما باقي العمل في البنوك فهو قائم على قواعد عامة وتقاليد و(أعراف) مصرفية واتفاقيات، مفيداً بأن السرية المصرفية موجودة في العقد بين البنك والعميل ضد أي كشف عن معلومات العميل المصرفية لأي جهة خاصة من نفس المستوى.. أما إن كان كشف المعلومات لصالح الدولة، فالأمر محكوم بموجب أنظمة الدولة وللجهة الإشرافية وهي مؤسسة النقد، بأن تطلب أي معلومات ولا تتردد البنوك في تقديمها. وأضاف أن البنوك عند وجود أي حركة (مريبة) في أي حساب، تقوم بتقديم المعلومة للجهات المختصة دون طلب منها، ولم يكتب للتوصية النجاح، إذ خضعت للتصويت وحصلت على 67 صوتاً مؤيداً مقابل 54 صوتاً معارضاً، ومن المقرر أن يستكمل المجلس النظر في توصية إضافية مقدمة من عضو المجلس الدكتورة حنان الأحمدي على تقرير الهيئة، وذلك في جلسة مقبلة.
مشاركة :