بغداد – دعا رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، الذي فاز تياره في الانتخابات البرلمانية، الجمعة المتظاهرين على نتائج الاقتراع الى "عدم تلطيخ سمعة" الحشد الشعبي، وذلك مع سقوط قتيل وحوالي مئة جريح في بغداد إثر مواجهات مع قوات الأمن. وهذا هو أول اشتباك عنيف بين القوات الحكومية ومؤيدي الأحزاب السياسية التي تدعم معظمها جماعات مسلحة وتتحالف مع إيران منذ أن خسرت عشرات المقاعد بمجلس النواب في الانتخابات التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول. وقال الصدر في تغريدة على تويتر "الحشد الشعبي حشد جهاد. وامنيتي ان لا تتلطخ سمعتهم بغير ذلك. كما ان حقوق افرادهم المنضبطين سندافع عنها". وفاز التيار الصدري بأكبر عدد من مقاعد البرلمان. ويعارض الصدر علنا التدخل الإيراني في الحياة السياسية ويطالب بانسحاب باقي قوات الدول الغربية من العراق. والأحزاب المدعومة من إيران التي تعترض على نتائج الانتخابات شيعية أيضا لكنها تؤيد نموذج الحكم المتبع في أيران والمرفوض من التيار الصدري والشيعة العراقيين الآخرين. وقالت مصادر امنية ان متظاهرا قتل بالرصاص حين حاول المحتجون مساء الجمعة اقتحام المنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة. وتحدّثت وزارة الصحة العراقية في بيان عن إصابة "125 شخصاً بجروح، بينهم 27 من المدنيين، والباقين من القوات الأمنية". ولم تصدر بعد النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التي جرت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، إذ لا تزال المفوضية العليا للانتخابات في المراحل الأخيرة لإعادة فرز الأصوات بناء على طعون قدمت لها، قبل رفعها للمحكمة المختصة وإعلان النتائج النهائية. وحاز تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي المدعوم من إيران، على نحو 15 مقعداً فقط في الانتخابات، بحسب النتائج الأولية. وكان عدد أفراد كتلته في البرلمان المنتهية ولايته 48. وندّد قياديون في التحالف بـ"تزوير" في العملية الانتخابية. وتضمّ المنطقة الخضراء التي استهدف محيطها قبل أيام بثلاثة صواريخ من نوع كاتيوشا، مقرات حكومية عديدة منها المفوضية العليا للانتخابات المعنية بدراسة الطعون وإعادة فرز الأصوات، بالإضافة إلى سفارات أجنبية منها السفارة الأميركية. وفي وقت سابق، أعلنت خلية الإعلام الأمني الناطقة باسم وزارة الداخلية فتح تحقيق في الأحداث التي وقعت في المنطقة الخضراء، بناء على توجيه من "القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي" رئيس الحكومة. ويقول مراقبون إن الخسارة التي سجلها الحشد الشعبي تعود إلى خيبة أمل ناخبيه من أدائه السياسي وإخفاقه في تلبية تطلعاتهم، بالإضافة إلى العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل المكوّنة للحشد، لا سيما خلال تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2019 التي طالبت بإسقاط الطبقة السياسية ونددت بنفوذ إيران. ويتهم ناشطون الفصائل الموالية لإيران بالمسؤولية عن اغتيال وخطف العشرات من الناشطين خلال العام الماضي. ودعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى "ضبط النفس وتقديم المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار"، مضيفاً في تغريدة أن "التظاهر السلمي حق مكفول دستورياً، وضرورة عدم خروجه عن اطاره السلمي القانوني، والصدامات التي حصلت بين قوات الامن والمتظاهرين مؤسفة ومرفوضة". وبدأ مئات من مناصري الحشد الشعبي، قبل أكثر من أسبوعين اعتصاماً قرب المنطقة الخضراء، احتجاجاً على "تزوير" يقولون إنه شاب الانتخابات التشريعية المبكرة. وأثار ذلك مخاوف من حصول توترات سياسية وأمنية. وحصد التيار الصدري أكثر من 70 مقعداً وفق النتائج الاولية، أي ستكون له مجددا الكتلة الأكبر في البرلمان، ولكنه لا يملك الغالبية فيه. وقد يتطلب اختيار رئيس للحكومة وتشكّل الكتل السياسية والتحالفات في البرلمان الجديد وقتاً طويلاً، فيما المفاوضات جارية حالياً بين مختلف القوى السياسية. وأفرزت الانتخابات برلماناً مشرذماً ما يفتح الأبواب أمام سيناريوهات عدة، فيما يرجح محللون توافقاً بين القوى الشيعية الأبرز ووصول مرشح توافق إلى سدة رئاسة الوزراء.
مشاركة :