تفاقمت مشكلة زواج القاصرات في الأردن بشكل ملفت، ورغم أن التشريع الأردني يمنع الزواج كلياً قبل بلوغ سن الرشد المعتمد وهو 18 عاماً، ولكنه في الوقت ذاته سمح بالزواج في سن الـ 16 «في حالات خاصة» وإذا استوفى جملة من الشروط من بينها موافقة قاضي القضاة، وقد دقت العديد من المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر حول خطورة الزواج قبل 18 عاماً. وبحسب دراسة حديثة لجمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» بينت أن زواج القاصرات (15-18 عاماً) في المملكة ازداد العام الماضي عن العام الذي قبله، فبلغت 7964 عقداً لفتيات قاصرات و 194 عقداً لفتيان قاصرين، بـ 11.8% من مجمل عقود الزواج العادي والمكرر. وكان هذا الارتفاع بـ1.2% مقارنة مع عام 2019. وأوضحت الدراسة أن العدد الإجمالي لحالات الطلاق من زواج لم يدم أكثر من عام (67389 حالة زواج) بلغ 3400 حالة طلاق، وهو ما أصبح يطلق عليه اسم الطلاق المبكر (الطلاق من زواج لم يتجاوز عاماً واحداً) ويشكل 19.8% من مجمل حالات الطلاق لعام 2020. علماً بأن 163 قاصرة و6 قاصرين ممن تم تزويجهم عام 2020، انتهت عقود زواجهم بالطلاق في العام ذاته. عواقب وخيمة وأوضح الخبير الاجتماعي د. حسين خزاعي أن جائحة «كورونا» عملت على تحفيز هذا النوع من الزواج، فالأوضاع الاقتصادية أصبحت صعبة ومعدلات البطالة ازدادت بشكل ملحوظ إذ وصلت إلى 79% بين الفتيات المتعلمات لمرحلة البكالوريوس وأعلى، وعند قراءة هذه المعدلات والمشهد الاجتماعي بشكل عام، فإن الأهل وأيضاً الفتيات يقدمون خيار الزواج على خيار التعليم، أيضاً الجائحة شكلت للشباب الراغبين في الارتباط فرصة وخاصة أنها اختصرت العديد من مراسم الزواج وبالتالي قللت من تكاليف الزواج. وقال خزاعي: «بالطبع هذا الزواج خطير على الفتيات وأيضاً على الفتيان وينتج عنه آثار سلبية بالغالب، فالفتيات يتم حرمانهن من الحياة والتعليم والعمل والتخطيط للمستقبل، وتواجه الفتاة مشكلات متعددة ولا تستطيع حلها نتيجة ضعف إمكانياتها وقدرتها، فهي ما زالت تحتاج للعديد من المقومات والمهارات الحياتية، علاوة على تعريض الفتاة إلى مخاطر صحية كالإجهاض العفوي، وبحسب منظمة الصحة العالمية فهنالك مليون ونصف طفلة في العالم يواجهن مخاطر الإجهاض العفوي بسبب مضاعفات الحمل». وختم الخزاعي تصريحاته قائلاً: «من المعروف أن الإنسان يمر في مراحل نمو جسدي واجتماعي وكذلك نفسي، والزواج بعمر صغير سيهدد هذا النمو ويعرض الفتيات إلى عواقب وخيمة، فالفتاة من حقها أن تكمل تعليمها وأن ترسم مسار حياتها الطبيعي». انتهاك بدوره، قال مدير مركز الثريا للدراسات، د. محمد الجريبيع: «في العادة يحدث زواج القاصرات في جميع المجتمعات يتزايد في بيئات اجتماعية معينة صفتها الوضع الاقتصادي المتردي، وخاصة إذا كان عدد العائلة كبيراً ومعدل الفقر والبطالة يكون مرتفعاً، والظروف الاجتماعية مرتبكة وغير مستقرة، وفي المناطق الحارة، حيث يتم الزواج بأعمار أصغر نتيجة أن معدلات البلوغ عالية». وأضاف: «هذا الزواج هو انتهاك لكافة حقوقها ويؤثر على حياتها بشكل عام، فالفتاة تتحمل مسؤولية قبل أوانها ولم تكتمل شخصيتها وقدرتها على إدارة الأسرة وعلى نهاية العشرينيات تكون أوشكت نفسياً على الانفجار، نتيجة نظرتها للفتيات الأخريات وكيف تختلف الفرص لديهن». وبين الجريبيع أن «هذا الزواج مهدد دوماً بالنهاية والطلاق، فالفتاة لا يكون لديها قدرة على مواجهة المشكلات المختلفة، أو إدارة منزلها أو إدارة علاقتها بزوجها ومن حولها، ولا يوجد تكافؤ على كافة المستويات بينها وبين زوجها مما يهدد وجود هذه الأسرة». تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :