أعداء الجودة - أيمـن الـحـمـاد

  • 11/5/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في أذهاننا صور نمطية عن بعض الشعوب التي التصقت بها صور مثل الكسل والتبلد وانعدام الجدية في أداء العمل، بحيث أصبحت تلك الصفات بالنسبة لها ثقافة بل صار اسم تلك الدولة أو شعبها مرادفاً لتلك الصفات السلبية. في المجمل تبدأ الصور والقوالب النمطية بالتشكل استناداً لانحراف واضح يقوم به ذلك الشعب أو تلك الدولة تحت ضغوطات متنوعة ربما تكون سياسية أو اقتصادية أو حتى ثقافية، هذا الانحراف يمتد إلى الهيئة والمظهر وحتى الأخلاق وهو أخطرها وأكثرها تأثيراً وأصعبها معالجة، وتبذل الدول جهداً كبيراً من أجل تغيير صورتها في أذهان الناس، لاسيما في ظل تدفقٍ معلوماتي غزير بفضل الوسائل الاتصالية الحديثة يمكن أن تُسخر فيه الدعاية السلبية للإضرار، بسهولة، بسمعة أي دولة. وسنكتفي هنا بتناول موضوع العمل وإتقانه كثقافة يجب أن تسود في مجتمعنا الذي يفهم أن ثقافة الجودة في أداء العمل مطلب ديني واجتماعي وحضاري، فهو قادر على تمييز الجيد من الرديء، بل تجده عندما يريد أن يصف أمراً ما بأنه قوي أو متقن يستحضر أمثلة أو صوراً نمطية لدول عرفت بذلك أو شعب عرف عنه ذلك. في المملكة تسود بعض الصور النمطية السلبية بعضها ترسّخ وآخر في طور التشكل، فذهاب شخص لمتابعة أمر في إدارة أو وزارة حكومية ترتبط الصورة النمطية لديه فوراً بالتأجيل أو التسويف الذي يمارسه الموظفون. من جانب آخر فإن قيادة السيارات في شوارعنا تلزم مواجهة المتهورين والمخالفين لأنظمة السلامة المرورية، وصورٌ أخرى، شيئاً فشيئاً، بدأت تتبلور في عدة مجالات بسبب ممارسات المنتمين للمكان ومرتاديه من أصحاب المصالح، والمشكلة أن يمتد الأمر إلى حيث النخبة من الأكاديميين في الجامعات، والأطباء في المستشفيات الذين عليهم أن يأخذوا مواقعهم وحساسيتها وما يقومون به على محمل الجد. إن تأثير الاستسهال في أداء العمل يورث متاعب جمة على مستوى الأداء الحكومي وحتى على ثقافتنا، وينعكس على مجتمعنا، ولأجل أن يكون إتقان العمل ثقافة فإن علينا الاحتكام إلى الأنظمة والمحافظة عليها، وهذا أول مبادئ تجويد العمل والعكس صحيح. إن من المؤسف أن يقود بعض المستهترين وغير المنضبطين صورة بلادنا إلى حيث لا نريد، فما زلنا في بدايات بناء دولتنا وأمامنا طريق طويل في التنمية والعمل الجاد، ولا نعرف سبباً لذلك الاستهتار إلا التساهل في تطبيق النظام على من يتجاوزه. إن فضيحة قد تمس أي دولة عرف عنها الجودة والانضباط، كما حدث في ألمانيا قبل شهر عندما اكتشف تلاعب "فولكسن فاجن" بالانبعاثات الكربونية، حيث سبب ذلك صدمة في الشارع الألماني والوسط الاقتصادي، إذ لم يكن الأمر يتعلق بالخسائر المادية فقط بل باسم ألمانيا والشعب الألماني اللذين يرادف اسمهما القوة والمتانة والجودة واحترام النظام.

مشاركة :