دودة أرض عملاقة تلتهم البشر في مكان معزول | طاهر علوان

  • 11/8/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتكرّر في فيلم “كوكب الكثبان” للمخرجين غلين كامبل وتامي كلين ثيمة الانتقال إلى الكواكب الأخرى ومتعة المغامرة والاكتشاف التي دأبت سينما الخيال العلمي على الخوض فيها، وإن بطريقة معالجة أخرى مختلفة تندرج ضمن السينما المستقلة ومحدودة التكلفة الإنتاجية، وهي التجارب التي كانت وما تزال ترعاها شركة “أسليوم” التي أنتجت هذا الفيلم المحدود في طاقمه الإنتاجي وحتى في متطلباته الإنتاجية. سوف نبدأ مع رائدة الفضاء أستريد (الممثلة إيميلي كيليان) التي تتميّز بشخصية جريئة ومبادرة ومتسرعة في بعض الأحيان إلى درجة أنها تخرج على الأوامر التي تصدر إليها معلنة تمرّدها عليها، وهو ما يوقعها في سجالات مع رئيستها المباشرة القبطان تشايس (الممثلة شين يونغ) التي تتّهمها بالتهوّر وعدم القدرة على تقدير الموقف. ها نحن مع أستريد وهي تراقب عبر الفضاء حالة رائد فضاء روسي حياته مهدّدة بالخطر ولا أحد بإمكانه أن يمدّ له يد المساعدة لغرض إنقاذه، ممّا يدفع أستريد لمساعدته، وتنجح فعلا في عملية الإنقاذ، الأمر الذي يدفع رئيستها تشايس إلى معاقبتها مقرّرة نقلها إلى مهمة ميدانية تقتضي النزول في كوكب صحراوي. ليس هناك في تلك الصحراء المديدة سوى الكثبان الرملية من جهة وما يعرف بدودة الأرض التي تكون قد التهمت رواد فضاء ومغامرين آخرين من قبل، وهي نقطة تحوّل سوف تعيشها أستريد وفريقها، لاسيما وأن تلك الأرض الصحراوية الشاسعة كانت قد شهدت ابتلاع مجموعة من الباحثين ممّا يستدعي حملة متابعة بإرسال فريق إلى الموقع بحثا عن الناجين. بالطبع هذا النوع من الدراما سوف يقودنا إلى محاولة النجاة بخوض مغامرات شتى على سطح ذلك الكوكب الرملي، مع أننا كنا نُشاهد الكثيرين ممّن مرّوا على سطح ذلك الكوكب، لكنهم لم يعودوا قط، وهو الأمر الذي أجّج حماسة أستريد لكي تقوم بالمهمة، لكنها لم تتوقّع مثلا أن تتعرّض إلى مثل تلك الهجمات المتكرّرة التي كانت تقوم بها تلك المخلوقات الضخمة وشديدة الفتك. وأما على الجهة الأخرى فقد كانت هناك معارك ومغامرات تقوم بها المركبات الفضائية، وهي مشاهد على الرغم من كونها مطلوبة على صعيد القصة الفيلمية، ولكنها بدت مصطنعة كثيرا ومجرد ألعاب فيديو هنا وهناك تم بثها في شكل فواصل بما عدّه المخرجان بمثابة امتداد للأحداث الفيلمية. في المقابل كانت هناك رغبة في التمرّد على أستريد قام بها زملاؤها الذين يشعرون بأنها غير مؤهلة لقيادتهم ولا إلى إنقاذهم، ولهذا فإنها قد تقع في أخطاء كارثية وخاصة بعد اكتشاف أنها كانت تشرب الكحول خفية، ممّا زاد من أزمتها مع الآخرين، ولكن ها هي تمضي بالمهمة إلى النهاية، وخلال ذلك نشهد هجمات تلك الكائنات الوحشية التي تخرج من تحت الرمال بين حين وآخر ممّا صعّب مهمة رواد الفضاء الذين تتحوّل مهمتهم إلى إنقاذ أنفسهم بالدرجة الأولى. بالنسبة إلى أستريد فإن روح المغامرة لا تفارقها وهي شخصية استثنائية في هذه الدراما على الرغم من أن أجواء الأحداث تقود إلى إدانتها ومحاسبتها على أخطائها، إلاّ أنها لا تتوقّف عن أداء المهمة مهما كانت النتائج. وفي الأثناء باتت تلك الكائنات الوحشية تتصدّر أسوأ الاحتمالات، وهي تخرج فجأة وتفتك بمن تطاله في المكان في مشاهد متكرّرة ليست فيها البراعة الكافية لكي نجزم بجودة الصورة من جهة وأداء الممثلين من جهة أخرى، خاصة وهم يشاهدون سفينة إنقاذ فضائية فلا يمتلكون سوى التلويح لها بأيديهم وكأنها طائرة مروحية تائهة، ومثال ذلك أيضا المفارقة ما بين إحساس أستريد بالإحباط ثم شعورها الغامر بالفوز. وأما إذا عدنا إلى ذلك النوع من السجالات ما بين أستريد والقبطان تشايس فهناك تحوّلات في العلاقة بينهما بعدما كانتا شبه خصمتين، إذ تتولى تشايس بنفسها قيادة مركبة فضائية من أجل إنقاذ أستريد وزملائها، وهو ما يشكّل مفاجأة غير متوقعة بالنسبة إلى أستريد التي تمضي في الدفاع عن مغامرتها وخروجها على الأوامر إلى النهاية ممّا يثير تعجّب تشايس مرة أخرى. على أن التحوّل في المسار الدرامي تمثّل في اعتبار كل ما قامت به أستريد من مغامرات وخروج على السياقات الصحيحة، بما في ذلك مساعدة رائد الفضاء الروسي وغيرها، يتم اعتبارها كلها تصبّ في صالحها وهو ما غيّر من توقعاتنا في ما سوف تؤول إليه الأحداث الفيلمية، ومن جهة أخرى ساعد على مضي أستريد في مهمتها مع أنها لم تكن مقتنعة للوهلة الأولى بأن ما تقوم به من مهام سوف يسفر عن أية جدوى، لاسيما مع تعالي الأصوات التي تطالب بمعاقبتها، ولكن المفاجئ هو الإشادة بشجاعتها وقدرتها الاستثنائية، وأنها بإنقاذها رائد الفضاء الروسي قد ساهمت في تطوير العلاقات بين واشنطن وموسكو.

مشاركة :