نوف الموسى (دبي) السؤال عن الحُب، وتعريفاته الوجودية، لا يزال أحجية، أمام إدراكات العقل البشري، المفتون بقدرته على السيطرة، من خلال منظومة الذاكرة، فهل هناك فعلاً ذاكرة، ومخزون، ساهم في إحساس الفصل، بين فعل الوحدة الكونية في الجنس البشري؟ وما هو المدلول الشعوري، الذي يمكننا أن نستشفه، من عرض مسرحية «مساء الموت»، للكاتبة باسمة يوسف، والمخرج إبراهيم القحومي، ضمن أول عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، في دورته التاسعة، أمس الأول، وتعريف الحُب، كأمسية للموت؟! وانطلاقاً من مفاهيم النص المسرحي، وصولاً إلى الآليات التنفيذية للعمل، ومستوى الحوار والتعاطي مع عناصر العرض الحيّ، واستثمار لغة البحر السرمدية، جاءت التفاعلية مع الفضاءات المسرحية، كفعل (الجوقة)، والإمداد المستمر لتفاصيل السينوغرافيا (الشّباك/ نموذجاً)، أماناً ساحراً، فتن المشاهد، في مسارات أفقية عدة، وظلت أزمة (الإضاءة)، وحساسية الصوت في التداخل، بين الحاجة الصامتة والثانوية العشوائية، أهم تلك الهفوات التقنية، ذات المغزى العميق، في التقييم المتكامل للعرض المسرحي، اعتبرها القحومي ملاحظات مهمة، وآمنت باسمة بأن النص موجة من الصراعات الأبدية. شارك أعضاء لجنة تحكيم عروض «دبي لمسرح الشباب»، في الندوة التطبيقية المخصصة لمناقشة العرض المسرحي، من قبل خبراء مسرحيين، والحضور من الجمهور والإعلاميين. فأوضح حسن رجب، رئيس اللجنة، أن مشاركتهم، تأتي استكمالاً لتعزيز مقومات الحوار بين مخرجات المسرحيين الشباب، ورغبه اللجنة في الاطلاع على مشهدية تفاعل المتلقى، دونما أن يؤثر ذلك، في أبعاد التقييم النهائي لمسرحية «مساء الموت» التابعة لمسرح خورفكان للفنون، من خلال طرحهم لأسئلة نوعية. وتصدرت أغلب تلك المداخلات النقاشية، حول ما يمكن أن نعتبره ابتكاراً واجتهاداً فنياً في العمل المسرحي، فمن جهته لفت الكاتب المسرحي طلال محمود إلى التقليدية في المعالجة، على الرغم من وضوح الاجتهاد، بينما رأى المخرج خضر البحر، أهمية البحث عن نصوص، تدرس الإدراكات المستقبلية لحياة المجتمعات. وتساءل حسين جواد في مداخلته، حول أسباب تجاهل العرض للصورة البصرية. واعتبر المسرحي عمر غباش، أن استخدام الموروث حمل دلالات لافته، وأبرز الجهد الجماعي. وحث المسرحي يحيي الحاج المخرج على القراءة الدقيقة للعلاقات بين العناصر المسرحية، واتفق الحضور على التميز الذي قدمته الفرقة، مقدمين ملاحظات حول تداخلات الصوت، عبر الأهازيج التراثية، أو الخلفية الموسيقية والتباسها مع الحوارات الرئيسة. «مساء الموت».. قصة حب تقف بين مفترق طرق الغنى وقدرية الفقر، تعيشها الشخصيات، ضمن حقبة زمنية من تاريخ المنطقة، المرتبطة بالبحر والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، هنا الازدواجية الفكرية بين الأمانة والخيانة، صراع الأضداد في الذات البشرية، وانعكاساتها المجتمعية.
مشاركة :