ذكرى رحيل ياسر عرفات والوحدة الفلسطينية المنشودة

  • 11/11/2021
  • 01:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حملني‭ ‬خيالي‭ ‬الجامح‭ ‬للمقاطعة‭ ‬في‭ ‬‮«‬رام‭ ‬ألله‮»‬‭ ‬فأجدني‭ ‬أقرأ‭ ‬الفاتحة‭ ‬على‭ ‬قبرك،‭ ‬لك‭ ‬ولكل‭ ‬شهداء‭ ‬فلسطين‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬المجيدة،‭ ‬تتوحد‭ ‬المشاعر‭ ‬عند‭ ‬قبرك‭ ‬وأتذكرك‭ ‬وأنت‭ ‬تستعد‭ ‬لخوض‭ ‬عباب‭ ‬البحر‭ ‬معتمرا‭ ‬كوفيتك‭ ‬متألقا‭ ‬بزيك‭ ‬الحربي،‭ ‬تذهب‭ ‬سريعا‭ ‬مودعا‭ ‬قادة‭ ‬لبنان‭ ‬الذين‭ ‬حموا‭ ‬الثورة‭ ‬بأهداب‭ ‬العيون‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬موقعه‭ ‬وتوصيهم‭ ‬خيرا‭ ‬بمن‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬أمانة‭ ‬في‭ ‬ضمير‭ ‬لبنان،‭ ‬وكيف‭ ‬توصي‭ ‬الروح‭ ‬بالروح‭!‬ سنصطحبك‭ ‬إلى‭ ‬الميناء،‭ ‬كلهم‭ ‬لم‭ ‬يتركوك‭ ‬وأصروا‭ ‬على‭ ‬وداعك‭ ‬بالميناء‭ ‬حيث‭ ‬تربض‭ ‬‮«‬أتلانتيك‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ستقلك‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬الإغريق‭ ‬أولا‭ ‬فقد‭ ‬ضاقت‭ ‬بنا‭ ‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬وكان‭ ‬الإغريقي‭ ‬الشامخ‭ ‬‮«‬اندرياس‭ ‬باباندريو‮»‬‭ ‬في‭ ‬انتظارك‭ ‬باستقبال‭ ‬يليق‭ ‬بك‭ ‬وبشعبك‭ ‬لعله‭ ‬ينسيك‭ ‬مرارة‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬جنده‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬ليبقيك‭ ‬وحيدا‭ ‬ومن‭ ‬دعاك‭ ‬إلى‭ ‬الانتحار‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬كنت‭ ‬تنظر‭ ‬خلفك‭ ‬والباخرة‭ ‬تشق‭ ‬عباب‭ ‬البحر‭ ‬وترى‭ ‬بيروت‭ ‬أجمل‭ ‬عواصم‭ ‬العرب‭ ‬وربما‭ ‬كنت‭ ‬تفكر‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬الأيام‭ ‬لها‭ ‬ولنا‭!‬ فجأة‭ ‬تختفي‭ ‬القوات‭ ‬الدولية‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭ ‬ويدخل‭ ‬الفاشي‭ ‬مخيمات‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا‭ ‬للاجئين‭ ‬لسرقة‭ ‬انتصارنا‭ ‬بصمودنا‭ ‬ويستبيح‭ ‬‮«‬المخيم‮»‬‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬بلياليها،‭ ‬لعله‭ ‬يشفي‭ ‬غليله،‭ ‬وصبرا‭ ‬تنادي‭ ‬من‭ ‬تنادي‭ ‬فلا‭ ‬أحد،‭ ‬فقد‭ ‬ذهب‭ ‬الرجال‭ ‬إلى‭ ‬الرحيل،‭ ‬لم‭ ‬ترحلون؟‭ ‬وإذا‭ ‬رجعتم‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬فلأي‭ ‬منفى‭ ‬ترجعون؟‭ ‬‭ ‬صبرا‭ ‬هوية‭ ‬عصرنا‭ ‬حتى‭ ‬الأبد‭!‬ يا‭ ‬أبانا‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم،‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬جوار‭ ‬ضريحك‭ ‬أطالب‭ ‬وبسرعة‭ ‬بالتداعي‭ ‬لعقد‭ ‬أكبر‭ ‬مؤتمر‭ ‬شعبي‭ ‬تحضره‭ ‬كل‭ ‬قطاعات‭ ‬شعبنا‭ ‬للتحاور‭ ‬والتدارس‭ ‬والاتفاق‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬توصيف‭ ‬وتعريف‭ ‬هويتنا‭ ‬وتحالفاتنا‭ ‬وتاريخنا‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬سياسي‭ ‬جامع‭ ‬للوحدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المنشودة؛‭ ‬وحدة‭ ‬النضال‭ ‬والعمل‭ ‬الوطني،‭ ‬نتفق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬والوسائل‭ ‬والهدف‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬لنجري‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬حقيقية‭ ‬لمسيرة‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭.‬ من‭ ‬على‭ ‬ضريحك‭ ‬أصرخ‭ ‬بصوت‭ ‬عالٍ‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬الفوري‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬الوحيد‭ ‬للشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أينما‭ ‬وجد،‭ ‬والمنظمة‭ ‬هي‭ ‬مرجعية‭ ‬السلطة‭ ‬الوطنية‭ ‬وليس‭ ‬العكس،‭ ‬وضرورة‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بطريقة‭ ‬الانتخاب‭ ‬حيث‭ ‬أمكن‭ ‬والتعيين‭ ‬السليم‭ ‬وليس‭ ‬العشوائي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬إجراء‭ ‬الانتخابات،‭ ‬لقد‭ ‬أفقد‭ ‬الاحتلال‭ ‬السلطة‭ ‬كل‭ ‬صلاحياتها‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دافع‭ ‬رواتب‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بتقاسم‭ ‬وظيفي‭ ‬معه‭!‬ شرائحنا‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬شطري‭ ‬الوطن‭ ‬المنكوب‭ ‬المقسم‭ ‬جغرافيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬تمارس‭ ‬عنفوانا‭ ‬زائفا‭ ‬وتتكاذب‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعلى‭ ‬‮«‬فتح‮»‬‭ ‬و«حماس‮»‬‭ ‬إعادة‭ ‬الأمانة‭ ‬إلى‭ ‬شعبنا،‭ ‬فله‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬من‭ ‬يحكمه‭ ‬ويقود‭ ‬نضاله،‭ ‬ومن‭ ‬يأخذ‭ ‬بيده‭ ‬نحو‭ ‬الحرية‭ ‬بمنظومة‭ ‬كيانية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وتربوية‭ ‬وقانونية‭ ‬ضامنة‭ ‬لإعلاء‭ ‬شأن‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭.‬ يا‭ ‬قائدنا‭ ‬ويا‭ ‬رمز‭ ‬تاريخنا‭ ‬المعاصر،‭ ‬احترام‭ ‬العالم‭ ‬لنا‭ ‬بتجديد‭ ‬شرعياتنا،‭ ‬المجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬والرئاسة،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬الانتخابات‭ ‬ويجب‭ ‬الاحتكام‭ ‬إلى‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع،‭ ‬فمشروعنا‭ ‬الوطني‭ ‬ليس‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬حزب‭ ‬أو‭ ‬فصيل‭ ‬بحجة‭ ‬الشرعية‭ ‬التاريخية‭ ‬أو‭ ‬الشرعية‭ ‬الدينية‭.‬ إن‭ ‬الاحتلال‭ ‬قبيح‭ ‬يا‭ ‬سيد‭ ‬الشعلة،‭ ‬ولن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تجميله‭ ‬لنا،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تغييب‭ ‬وتمييع‭ ‬أهدافنا‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬والدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬مقابل‭ ‬منافع‭ ‬شخصية‭ ‬أن‭ ‬يرعوي‭ ‬فالتاريخ‭ ‬يسجل‭ ‬ولا‭ ‬يرحم‭ ‬وهدوء‭ ‬شعبنا‭ ‬يوحي‭ ‬بأنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتبعه‭ ‬الطوفان‭ ‬لشعب‭ ‬الجبارين‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬تقول‭ ‬دائما‭.‬ في‭ ‬الذكرى‭ ‬السابعة‭ ‬عشرة‭ ‬لاستشهادك‭ ‬لك‭ ‬منا‭ ‬الوفاء‭ ‬والسير‭ ‬على‭ ‬نهجك‭ ‬ونعاهدك‭ ‬نحن‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬بدلوا‭ ‬تبديلا‭ ‬أن‭ ‬نصعد‭ ‬الجبل‭ ‬ثانية‭ ‬وألا‭ ‬ننزل‭ ‬عنه‭ ‬إلا‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬شعبنا‭ ‬بالحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬الناجز‭ ‬والدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬وعودة‭ ‬اللاجئين،‭ ‬عانق‭ ‬صلاحا‭ ‬وخليلا‭ ‬وكل‭ ‬الشهداء‭ ‬الأبرار،‭ ‬كم‭ ‬نفتقدكم،‭ ‬ونحن‭ ‬كثيرا‭ ‬إلى‭ ‬أيامكم‭ ‬المجللة‭ ‬بالفخار‭.‬ ‭ ‬{‭ ‬كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم ‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين

مشاركة :